أكّد سمير بن مريم، المدير العام للطفولة بوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أن التقرير السنوي حول وضع الطفولة في تونس يهدف أساسًا إلى تجميع وتحليل المعطيات المتعلقة بقطاع الطفولة، مع القيام بالتقاطعات الضرورية التي تساعد في إنتاج مؤشرات واضحة تعكس واقع الطفولة في مختلف المجالات، وتساعد على تحديد أبرز التحديات والرهانات المطروحة.
وجاء تصريح بن مريم خلال مداخلة هاتفية له على موجات “موزاييك”، يوم الثلاثاء 27 ماي 2025، حيث عرض أبرز ما تضمّنه تقرير سنة 2023 من معطيات ومؤشرات دقيقة.
أدوات لاتخاذ القرار
وأوضح المسؤول أن هذه المؤشرات موجّهة إلى أهل الاختصاص، بهدف تيسير اتخاذ القرارات بناءً على بيانات موثوقة. وأشار إلى أن التقرير قدّم جملة من المؤشرات المصنّفة حسب مجالات متعددة، مع تفصيل جهوي وإقليمي يرتكز على التقسيم الإداري الجديد الذي يقسّم البلاد إلى خمسة أقاليم.
تفاوت في الأقسام التحضيرية
في مجال التعليم، كشف التقرير عن وجود فجوة واضحة في نسبة الأطفال المرسمين بالأقسام التحضيرية، رغم أهمية هذه الأقسام في إعداد الطفل للحياة المدرسية وتحديد مستقبله الدراسي.
وأشار بن مريم إلى أن الإقليم الثاني، الذي يضم ولايات تونس وأريانة وبن عروس وزغوان ومنوبة ونابل، ورغم أنه الأوسع من حيث الكثافة السكانية، ليس الأعلى من حيث تسجيل الأطفال في الأقسام التحضيرية. كما أظهر التقرير أن القطاع الخاص يستأثر بهذه الأقسام، وهو ما يفرض تكاليف مالية مرتفعة على الأولياء، ما يُبرز ضرورة أن تضاعف الدولة جهودها في دعم الأقسام التحضيرية بالجهات الأقل حظًا، لضمان تكافؤ الفرص بين الأطفال.
الانقطاع المدرسي
سلّط التقرير الضوء على ظاهرة الانقطاع المدرسي، حيث تصل نسبتها في بعض الأقاليم إلى 12%. وأكّد بن مريم أن نسبة الانقطاع عند الذكور أعلى من نظيرتها لدى الإناث، وهو ما يُفسّر – حسب قوله – تفوّق الإناث لاحقًا من حيث عدد الحاصلين على شهادة البكالوريا وعدد الطلبة الجامعيين.
وعن الأسباب، أشار إلى أنها متعددة، من بينها تغيرات سنّ المراهقة، والغيابات المتكررة، وصعوبات الاستيعاب الدراسي، فضلاً عن الهشاشة الاجتماعية والمادية في بعض المناطق، وهي كلها عوامل تساهم في ارتفاع نسب الانقطاع المدرسي.
التكنولوجيات الرقمية: فرص وتحديات
أورد التقرير أيضًا أن نسبة الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت والهواتف الذكية بلغت 87%، وهو ما يعكس – بحسب بن مريم – تحسّنًا في البنية التحتية الرقمية وفرص الولوج إلى التكنلوجيا، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام تحديات جديدة، على رأسها الاستغلال الرقمي للأطفال، وظواهر التنمّر والجريمة الإلكترونية.
ودعا بن مريم إلى تعزيز وعي الأولياء بهذه التهديدات، وإلى ضرورة المراقبة والتوجيه في التعامل مع الفضاءات الرقمية، لما لذلك من أثر مباشر على سلامة الأطفال النفسية والجسدية.
الطفولة المهددة داخل الأسرة
كما تضمّن التقرير إحصائيات دقيقة حول الإشعارات المتعلقة بتهديدات تطال الأطفال، حيث بلغ عددها 25 ألف إشعار خلال سنة 2023. وأفاد المدير العام للطفولة بأن نسبة كبيرة من هذه التهديدات تعود إلى الوسط العائلي، ما يطرح إشكاليات تتعلّق بالأمان الأسري ودور العائلة في حماية الطفل.