لطالما شكّلت السياحة التونسية حجر الزاوية في المنظومة الاقتصادية الوطنية، إذ لم تقتصر أدوارها على كونها مصدرًا هامًا للعملة الصعبة، بل تجاوزت ذلك لتكون رافعة اجتماعية وتنموية في عديد الجهات الداخلية والحدودية ومع تعاقب الحكومات وتعدد البرامج والاستراتيجيات، ظل القطاع يعيش بين وعود الإقلاع وتحديات التعثر، في مشهد يبدو فيه أن قطار السياحة كثيرًا ما يتوقف في محطات الأزمات أكثر مما ينطلق نحو آفاق النمو والتجديد.
لقد مثّلت الأزمات الأمنية والسياسية، والأوضاع الإقليمية والدولية المتقلبة، إضافة إلى جائحة “الكوفيد” ، امتحانًا عسيرًا لقدرة السياحة التونسية على الصمود والتكيّف ورغم بعض محطات الانتعاش المؤقتة فإن القطاع لا يزال يعاني من بنية تحتية مترهلة، وترويج دولي دون المستوى، واستثمارات غير متوازنة جغرافيًا فضلاً عن مشاكل جودة الخدمات والتكوين المهني.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دول الجوار إلى إعادة صياغة نموذجها السياحي على أسس جديدة تدمج بين الجودة والاستدامة والتكنولوجيا، تبدو تونس وكأنها تسير بخطى مترددة تبحث عن هوية جديدة لقطاعٍ يختزل في ذاته إمكانات هائلة وفرصًا غير محدودة، فهل نمتلك اليوم الرؤية والإرادة السياسية لتغيير المعادلة؟ وهل آن الأوان لإعادة بناء السياحة التونسية على قواعد أكثر صلابة وإنصافًا ونجاعة؟
نحو نموذج سياحي جديد… السياحة البديلة رهان المستقبل
برنامج L’Expert على قناة “تونسنا”، سلّط الضوء على واقع السياحة التونسية كما هو، بين مطرقة التحديات وسندان الفرص وطرح أسئلة جوهرية حول مدى قدرة هذا القطاع الحيوي على استعادة دوره الريادي وما إذا كانت قاطرة الاقتصاد قادرة على إيجاد بوصلة الإصلاح المفقود، وللحديث عن واقع السياحة التونسية والرهانات الجديدة استضاف برنامج L’Expert الإعلامية والخبيرة في الشأن السياحي أمال جعيط.
في إطار متابعتها للمستجدات المتعلقة بالقطاع السياحي، استعرضت أمال جعيط في بداية مداخلتها، مدى تقدم مشروع “كراس الشروط” الخاص بالسياحة البديلة، موضحة أن 80% من العمل قد تم إنجازه وقالت: “لقد أنجزنا العمل الأصعب، اليوم كراس الشروط أصبحت شبه جاهزة ويبقى أن نحسن التنفيذ” ورأت أن هذا المشروع يمثل خطوة هامة نحو تعزيز التنوع السياحي في تونس، مشيرة إلى أن الإقامات الريفية والمنازل البديلة تشكل رهانًا استراتيجيًا خاصة في ظل محدودية الموارد المالية الكبيرة مقارنةً بأنواع أخرى من السياحة.
كما أبرزت، جعيط، أن هذه الخيارات لا تتطلب استثمارات ضخمة أو بنى تحتية معقدة، بل تحتاج إلى الذكاء في التعامل مع المحيط الطبيعي والبيئي، إلى جانب رؤية تسويقية حديثة تواكب احتياجات السياح المتزايدة للمنتجات السياحية المستدامة والمبدعة. إلا أن التنفيذ الفعلي لهذا المشروع، رغم أهميته، يواجه العديد من الصعوبات ويأتي في مقدمة هذه الصعوبات البيروقراطية المعقدة وضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، مما يعوق تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس على الأرض.
هذه التصريحات تطرح سؤالًا مهمًا: هل ستكون تونس قادرة على تجاوز هذه التحديات وتحقيق النجاح في السياحة البديلة؟ وهل ستتمكن من بناء نموذج سياحي يتسم بالاستدامة والابتكار دون أن يقع فريسة للأزمات الإدارية والسياسية؟
أكدت أمال جعيط أن التحديات التي تواجه تنفيذ مشروع السياحة البديلة لا تقتصر فقط على المسائل البيروقراطية أو التنسيقية بين الجهات الحكومية، بل تمتد أيضًا إلى التوعية وتعزيز الثقافة السياحية المحلية وقالت: “نحتاج إلى تحفيز المجتمع للانخراط في هذا النوع من السياحة، وذلك من خلال تقديم الدعم والتوجيه للفاعلين في القطاع السياحي البديل”.
كما شدّدت جعيط، على أهمية التركيز على السياحة البيئية، التي تتماشى مع التوجهات العالمية نحو السياحة المستدامة، مشيرة إلى أن تونس تمتلك من المقومات الطبيعية والثقافية ما يجعلها وجهة مثالية لهذا النوع من السياحة وقالت: “إذا أحسنا استثمار هذا المورد، يمكن لتونس أن تصبح وجهة رائدة في مجال السياحة البديلة على الصعيدين الإقليمي والدولي”
وفي الوقت نفسه، حذرت جعيط من أن الفشل في تنسيق الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص سيؤدي إلى إعاقة التقدم في هذا المجال، وأضافت: “نحتاج إلى أن نكون أكثر مرونة وأسرع في اتخاذ القرارات وأن نستفيد من التجارب الناجحة في دول أخرى قد سبقتنا في هذا الاتجاه”.
إذا كانت السياحة البديلة تمثل أملًا جديدًا للقطاع، فإن الطريق نحو تحقيق النجاح في هذا المجال يتطلب مزيدًا من الإصلاحات على أرض الواقع، والتزامًا جماعيًا من جميع الأطراف المعنية.
في تصريحها حول السياحة البديلة، أكدت أمال جعيط أن هذا القطاع لا يُعتبر مجرد مشروع اقتصادي بل هو “مشروع حياة” يهدف إلى إحداث تحول اجتماعي واقتصادي في تونس وقالت جعيط: “نحن نراهن على نموذج يدمج العائلة التونسية في الدورة الاقتصادية ويعزز الهوية ويصون البيئة”.
ولفتت إلى أن السياحة البديلة تقدم فرصة فريدة لتفعيل الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة في المناطق الداخلية، حيث يمكن للعديد من العائلات التونسية أن تكون جزءًا من هذه الدائرة الاقتصادية من خلال مشاركتها في المشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة وهي ترى أن هذا النموذج السياحي لا يقتصر على الترويج للمواقع السياحية فحسب بل يسهم أيضًا في الحفاظ على القيم الثقافية والبيئية مما يعزز مفهوم الاستدامة.
وقد قدمت مثالاً حيًا عن مشروع صغير لإقامة ريفية في جزيرة جربة، حيث استطاع هذا المشروع توظيف أكثر من 15 شخصًا محققًا تقييمات عالمية عالية على منصات الحجز الدولية ما يعكس نجاح هذا النموذج، وأضافت جعيط: “ليست المسألة عدد النجوم بل روح المكان وكرم الضيافة”. فهي ترى أن السياحة البديلة لا تقاس بمقاييس تقليدية مثل تصنيف النجوم الفندقية، بل تكمن قوتها في تقديم تجربة فريدة تجمع بين الضيافة التونسية الأصيلة والاحترام للبيئة والتراث الثقافي.
وأشارت جعيط إلى أن هذا النموذج يظهر بوضوح كيف يمكن للسياحة البديلة أن تكون مدخلًا نحو تنمية اقتصادية مستدامة وفاتحة أبواب جديدة للتنمية الاجتماعية مع التأكيد على أن النجاح لا يقاس فقط بحجم الاستثمار بل أيضًا بجودة الخدمات التي تُقدّم للسائح.
لا سياحة ناجحة دون تخطيط… والتحديات تكشف الحاجة لاستراتيجية جديدة
غياب الرؤية وصراع الأسعار مع الأسواق العالمية
وفي إطار النقاش حول تحديات السياحة التونسية، سلطت أمال جعيط الضوء على أزمة انخفاض أسعار الإقامات الفندقية مقارنة بالأسواق السياحية المنافسة، مثل تركيا والمغرب وقالت: “نبيع أرخص من تركيا ومن المغرب رغم موقعنا الجغرافي”، وأكدت أن المشكلة ليست في الإمكانيات بل في الرؤية.
هذا التصريح يعكس إحدى أبرز مشكلات القطاع السياحي في تونس: غياب رؤية استراتيجية طويلة المدى تضمن استدامة القطاع وقدرته على المنافسة في السوق العالمية ففي حين تمتلك تونس إمكانيات هائلة من حيث الموقع الجغرافي الغني بالتنوع الطبيعي والتراث الثقافي، إلا أن هذا لا يترجم دائمًا إلى نتائج اقتصادية ملموسة بسبب قلة التخطيط المستقبلي.
وقد أضافت جعيط أن غياب التخطيط طويل المدى يجعل المشاريع السياحية التونسية تخسر قيمتها السوقية مع مرور الوقت، فبدلاً من الاستفادة من النمو المتسارع في سوق السياحة العالمية، نجد أن العديد من المنشآت السياحية التونسية تخضع لتقلبات الأسعار التي تؤثر سلبًا على جودتها وكفاءتها، ما يجعلها عاجزة عن التنافس مع أسواق أخرى تمتلك استراتيجيات سياحية أكثر تطورًا.
في سياق تقييم أداء السياحة في تونس، توقف النقاش عند ثلاث مدن تعتبر من أعمدة القطاع السياحي: الحمامات وسوسة وجربة، والتي تحوّلت، رغم ما تزخر به من مقومات، إلى نماذج للفرص الضائعة، فقد تم استثمار المليارات على مدى عقود في بنيتها التحتية السياحية لكن مردودها الاقتصادي يظل دون المأمول وخاصة على مستوى التشغيل والاستغلال السنوي للمرافق.
وأشارت أمال جعيط إلى مثال مدينة الحمامات قائلة: “نمتلك طاقات استثمارية ضخمة غير مستغلة، مدننا السياحية تشتغل موسمياً ثم تدخل في سبات، خلافاً لما نراه في العالم، فرغم توفر المنتجعات والشواطئ ومرافق الاستقبال، فإن النشاط السياحي يظل محصورًا في أشهر الصيف ليغيب طيلة باقي السنة مما يؤدي إلى تعطّل الدورة الاقتصادية في هذه المناطق وارتفاع نسب البطالة الموسمية.
النقاش طرح سؤالاً جوهريًا: أين هي الاستراتيجية الوطنية لتحويل هذه المدن إلى وجهات دائمة النشاط طوال السنة؟ وكيف يمكن إعادة التفكير في نموذجنا السياحي حتى لا يظل رهين العطلة الصيفية؟
أي طريق يجب أن تسلكه تونس؟
رغم عمق الأزمة وتراكم الإخفاقات، أكدت أمال جعيط، أن السياحة التونسية لا تزال تحتفظ بأوراق قوة نادرة، تجعل منها مرشحة، إن وُجدت الإرادة، لتكون لاعبًا إقليميًا بارزًا في السوق السياحية، فتونس تمتاز بمناخ يندر مثيله في حوض المتوسط، وبتراث حضاري وثقافي ضارب في القدم، وموقع جغرافي استراتيجي يربط بين أوروبا وإفريقيا، وشعب مضياف بطبعه قادر على تقديم تجربة إنسانية فريدة للسائح.
ولفتت الإعلامية امال جعيط، إلى أن هذه المقومات على أهميتها لا تكفي وحدها لتحقيق الإقلاع المنشود فالخلاص لن يأتي من مجرد الترقيع أو الحملات الظرفية، بل يتطلب خطة وطنية شجاعة وجريئة تعيد ترتيب الأولويات وتكسر جمود البيروقراطية، خطة تنطلق من قاعدة تشاركية تجمع بين الدولة والقطاع الخاص، وتستند إلى رؤية واضحة وطويلة المدى.
وأضافت، ” الرهان اليوم لم يعد فقط اقتصادياً، بل أصبح أيضاً رهان سيادة وتنمية وعدالة مجالية، فإما أن تعيد تونس ابتكار نموذجها السياحي بما يحقق الإدماج والتوازن بين الجهات أو تواصل إهدار الفرص وتفقد واحدة من أبرز قاطراتها الاقتصادية.
تحديث التشريعات: ركيزة الانطلاقة الجادة
أمال جعيط، شددت على أنه لا يمكن لأي إصلاح سياحي أن ينجح في ظل منظومة قانونية متقادمة لا تواكب التحولات المتسارعة في أنماط السياحة العالمية فقد بات من الواضح أن التشريعات المنظمة للقطاع السياحي في تونس والتي تعود في جزء كبير منها إلى عقود مضت لم تعد تفي بالغرض في زمن السياحة الذكية والسياحة البديلة وسياحة التجربة الفردية.
وبيّنت أن، ” غياب إطار قانوني محفّز ومرن يشكل عائقًا أمام المبادرة الخاصة والاستثمار خاصة بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للسياحة البديلة والتنموية، فكراس الشروط المعتمد لإنشاء نُزل أو إقامات ريفية لا يزال في أجزاء كثيرة منه يفرض معايير فندقية ثقيلة لا تتلاءم مع طبيعة المشاريع المجتمعية والبيئية”.
ولذلك أكدت جعيط، على أن تحديث التشريعات يجب أن يشمل مراجعة كراس الشروط للسياحة البديلة بشكل يعكس طبيعة هذا النمط ويشجع المبادرات، إلى جانب تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريع التراخيص خاصة في الجهات الداخلية إضافة إلى إدماج الأبعاد البيئية والاجتماعية في قوانين الاستثمار السياحي وإرساء إطار قانوني يحفز على الشراكة بين القطاعين العام والخاص خاصة في إدارة المواقع السياحية والأثرية.
وأشارت أمال جعيط إلى أنه بدون هذه الخطوة التشريعية الجريئة، ستظل كل الاستراتيجيات مجرد نوايا معلّقة على حبال البيروقراطية.
التنشيط السياحي: رافعة ضرورية لتطوير القطاع السياحي على مدار العام
يُجمع المهنيون والخبراء على أن التنشيط السياحي لا ينبغي أن يظل رهين الموسم الصيفي فقط أو المناسبات الكبرى، بل يجب أن يتحول إلى ممارسة دائمة ومستدامة، تُستثمر فيها الطاقات الإبداعية المحلية على مدار السنة.
وفي هذا السياق، أكدت أمال جعيط، الفاعلة في المجال السياحي، أن التنشيط السياحي الحديث يمكن أن ينطلق من الهواة في مجالات مثل الموسيقى والرقص والشعر أو الفنون التشكيلية، مشددة على أهمية إدماج هؤلاء في المشهد السياحي كعنصر جذب دائم بعيداً عن التوقيت الموسمي التقليدي.
وقالت جعيط: “إن الأنشطة السياحية التي تعتمد على الإبداع المحلي ليست بحاجة إلى مواعيد محددة كالصيف أو الأعياد بل يمكن أن تُنظم في أي وقت من السنة بشرط أن نوفر لها الدعم والتنظيم المناسب ونؤمن بقيمة هؤلاء المبدعين، حتى وإن لم يكونوا محترفين.”
وأضافت، ” يعكس هذا الطرح رؤية جديدة للتنشيط السياحي إذ يُثمّن التزاوج بين الفن المحلي والاحتياجات السياحية، مما يسهم في توزيع النشاط الاقتصادي والثقافي على مدار السنة ويمنح وجهاتنا طابعًا متجدداً يستهوي الزوار المحليين والأجانب على حدّ سواء”.
وشددت على أن الرهان على المبدعين وتوفير فضاءات لعرض مواهبهم من شأنه أن يخلق ديناميكية ثقافية سياحية دائمة ويحقق التكامل بين السياحة والثقافة والاقتصاد الاجتماعي وبذلك يتحول التنشيط السياحي من مجرد أداة ترفيهية ظرفية إلى محرك فعلي للتنمية الشاملة خاصة إذا ما حظي بالدعم اللازم من الجهات الرسمية.
رقمنة القطاع: خطوة نحو المستقبل
تعد رقمنة القطاع السياحي من أبرز الأولويات التي لا بد من التركيز عليها لضمان تنافسية السياحة التونسية في عصر التكنولوجيا الحديثة، حيث أصبحت المعلومات والخدمات متوفرة بضغطة زر فإن التحول الرقمي لم يعد خيارًا بل ضرورة حتمية، ورغم أن تونس قد شهدت بعض الخطوات نحو رقمنة بعض جوانب القطاع إلا أن هناك حاجة ماسة لتعميق هذا التحول ليشمل جميع عناصر المنظومة السياحية.
الرقمنة لا تقتصر فقط على إتاحة خدمات الحجز عبر الإنترنت، بل تشمل أيضًا استخدام التقنيات الحديثة لتحسين تجربة السائح، مثل التطبيقات الذكية التي توفر معلومات فورية عن الوجهات السياحية، وخدمات التوجيه والمساعدة، وأدوات الدفع الإلكتروني التي تسهل المعاملات المالية. كما أن رقمنة البنية التحتية للمؤسسات السياحية تساعد في تحسين إدارة الموارد، مثل الجداول الزمنية للفنادق والمطاعم، مما يساهم في رفع الكفاءة وتقليل التكاليف.
من خلال الرقمنة، يمكن لتونس أن توسع نطاقها التسويقي عبر الإنترنت، وتستهدف أسواقًا جديدة، بما في ذلك السياحة الرقمية، التي أصبحت تزداد شهرة. كما أن أدوات التحليل الرقمي يمكن أن توفر بيانات دقيقة عن سلوكيات السياح، مما يسمح للقطاع بتقديم عروض مخصصة تلبيةً لاحتياجاتهم. هذا التحول الرقمي ليس فقط مفيدًا في جذب السياح الأجانب، بل يساهم أيضًا في تحسين تجربة السياحة الداخلية، ويشجع التفاعل بين السياح المحليين والدوليين.
رقمنة القطاع السياحي ستمكن تونس من مواكبة التوجهات العالمية، وتحقيق تواصل أكثر فعالية مع السياح، مما يعزز جاذبيتها كوجهة سياحية عالمية.
إما إصلاح عميق… أو خيبة أمل مستمرة: السياحة التونسية في لحظة حاسمة
تبقى السياحة التونسية أمام مفترق طرق حاسم. فعلى الرغم من الأزمات التي يمر بها القطاع، إلا أن تونس تمتلك من المقومات ما يجعلها قادرة على إعادة إحياء سياحتها وتحقيق نمو مستدام. إن السياحة ليست مجرد نشاط اقتصادي عابر، بل هي قضية وطنية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرة البلاد على الاستفادة من إمكاناتها الطبيعية والثقافية وتحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف المناطق.
لتجاوز التحديات الراهنة، يجب على الحكومة والقطاع الخاص العمل معًا على تطوير سياسات واستراتيجيات متكاملة تركز على تحديث التشريعات ورقمنة القطاع وتطوير السياحة البديلة، إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر تعزيز ثقافة الوحدة والخدمة الراقية لضمان تقديم تجربة سياحية استثنائية.
ختاما، السياحة ليست مشروعًا موسميًا، بل هي نمط حياة وقضية وطنية يجب التعامل معها على هذا الأساس. فإما أن نختار السير في طريق الإصلاح والتطوير أو سنواجه تراجعًا أخطر مما نراه اليوم. الأمل في المستقبل لا يزال قائمًا، ولكن لا بد من الإرادة الحقيقية للتغيير والعمل المستمر لتحويل السياحة إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي في تونس.
حنان العبيدي