ليس جديدًا القول إن النادي الإفريقي لا يشبه غيره من الأندية. هو أكثر من مجرد فريق كرة قدم بالنسبة لجماهيره، هو شغف وهوية وتاريخ، وربما لذلك بالذات، فإن ما يعيشه الفريق اليوم من ضغط جماهيري ونقد لاذع بعد كل عثرة، صار يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المجموعة وتوازنها النفسي والفني.
حب أعمى… يرهق المعشوق
جماهير الإفريقي تُصنف ضمن الأكثر وفاءً في القارة، بل وفي العالم العربي حضورها لا يتراجع مهما تراجع ترتيب الفريق، تشجع وتغني وتبكي على مدارج الملاعب دون حساب. لكن هذا الحب، حين يغيب التوازن ويغيب العقل يتحول إلى سيف ذي حدين فكما أن الجماهير تمد لاعبيها بالقوة فإنها قد تنهكهم بتعليقاتها الجارحة وهتافاتها الساخطة في لحظات التراجع.
في كل مرة يتعثر فيها الفريق تتصاعد نبرة التشكيك والاتهامات، تبدأ من الإدارة ولا تنتهي عند الإطار الفني أو اللاعبين الكل في مرمى النيران وكأن الهزيمة في مباراة واحدة أو تعادل غير منتظر هي نهاية العالم.
الإدارة تحت الضغط… والقرارات المرتبكة نتيجة
من السهل مهاجمة الإدارة وتحميلها كل الإخفاقات لكن الحقيقة أن التسيير في ظل هذا المناخ المتوتر يصبح تحديًا عسيرًا القرارات تُتخذ تحت الضغط والمدربون يُغيَّرون بلا خطة واضحة، والانتدابات تُفرض أحيانًا لإرضاء الجمهور لا لحاجة الفريق والنتيجة دوامة من التغيير وعدم الاستقرار تضر أكثر مما تنفع.
اللاعبون… بين المطرقة والسندان
أكبر المتضررين من هذا المناخ هم اللاعبون. فكيف يمكن لمجموعة شابة، أو حتى عناصر ذات خبرة، أن تحافظ على تركيزها وثقتها بالنفس وسط موجة من الانتقادات؟ اللاعب الذي يدخل الملعب وهو يشعر بأن أي خطأ سيجعله عدو الجماهير، لن يستطيع أن يقدم أفضل ما عنده. يفقد الثقة، ينقص أداؤه، وتتراجع نتائجه، وتدور الدائرة من جديد.
الإعلام ومواقع التواصل… تسونامي سلبي
وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت مساحة مفتوحة للتعبير، تحولت في بعض الأحيان إلى ساحة إعدام معنوي. كل تصريح يُجتزأ، وكل حركة تُفسَّر، وكل شائعة تُروَّج. في ظل غياب خطاب إعلامي متزن، يتحول النقد إلى تجريح، ويتحول الاختلاف إلى فتنة داخلية.
الخلاصة: الإفريقي يحتاج إلى الهدوء قبل كل شيء
ما يحتاجه الإفريقي اليوم، قبل صفقات الانتداب وقبل الخطط الفنية، هو الهدوء. يحتاج إلى جمهور يساند بعقل، وإدارة تتصرف بحكمة، وإعلام يواكب بمسؤولية. فالحب الحقيقي لا يعني فقط التشجيع في الانتصارات، بل يعني أيضًا الصبر في لحظات البناء، والثقة في المشروع حتى وإن تعثّر.
إنقاذ الإفريقي لا يمر فقط عبر المستطيل الأخضر، بل عبر استعادة المناخ الصحي داخل محيط الفريق. حينها فقط، يمكن أن نرى الإفريقي يعود كما نحب أن نراه: قويًا، متماسكًا، وقادرًا على مواجهة التحديات مهما كانت.