أذنت النيابة العمومية بالقصرين بالاحتفاظ بشخص انتحل صفة “مدير ديوان رئاسة الحكومة”، بعد أن قام خلال عشرة أيام بجولات تفقدية لعدد من الإدارات والمؤسسات العمومية في الجهة، من بينها المستشفى الجهوي والمندوبية الجهوية للفلاحة، طالبًا جردًا للسيارات الإدارية، في مشهد أثار الكثير من الريبة والتساؤلات.
وفي هذا الإطار، كشف المحامي عماد السبري، خلال تدخّل إذاعي على موجات “الجوهرة أف أم”، أن الموقوف لا يُعدّ حديث العهد بهذه الممارسات، إذ سبق له أن تحيّل على مسؤولين وموظفين في ولايات توزر والقيروان، مستغلًا جمعية أسّسها وادّعى تبعيتها لرئاسة الحكومة.
وأشار السبري إلى أن هذا الشخص استعمل شارة رسمية تحمل اسمه وصفته المزعومة، إلى جانب طابع مطابق لطابع رئاسة الحكومة، مما سهل عليه التسلل إلى هياكل الدولة الرسمية، بل وإقناع بعض المسؤولين بالانخراط في جمعيته الوهمية، مستغلًا أسماء مؤسسات سيادية لبناء شبكة من الثقة الكاذبة.
وأكّد السبري، استنادًا إلى معطيات أولية، أن الأمر لا يقتصر على شخص واحد فقط، بل قد يكون ضمن شبكة تحيّل منظّمة، خاصة وأن الجمعية الوهمية شاركت في اجتماعات داخل رئاسة الحكومة وكان من المزمع أن تفتتح فروعًا لها بعدة ولايات.
وأبرز المحامي أن عدد ضحايا هذا الاحتيال بالمئات، إن لم يكن بالآلاف، منهم عاملات خياطة وصغار فلاحين، وقُدّرت المبالغ التي تحصل عليها المحتال بما لا يقل عن 15 ألف دينار من بعض الفلاحين، مقابل وعود وهمية بخدمات ومساعدات.
وأشار إلى أن المتّهم كان يغيّر رقمه الهاتفي باستمرار للتمويه، في حين كانت الأجهزة الأمنية تتابعه منذ مدة إلى أن تم الإيقاع به.
هذه الحادثة تطرح مجددًا تساؤلات ملحّة حول فعالية آليات الرقابة والتحقق من الهويات داخل الإدارات التونسية، كما تفتح الباب أمام ضرورة مراجعة منظومة التصاريح والشارات الرسمية التي باتت عرضة للتزييف والاستغلال، في وقت تتطلب فيه الدولة مزيدًا من الحزم لقطع الطريق أمام المتحيّلين.