تبحث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمكانية ترحيل مهاجرين غير شرعيين إلى ليبيا، في خطوة وصفتها مصادر مطلعة بأنها “تصعيد كبير” في سياسات الهجرة الأميركية، وسط جدل حقوقي وتحذيرات أممية من خطورة الخطوة.
وأفادت شبكة “سي إن إن” أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية ناقشوا مع مسؤولين ليبيين إمكانية ترحيل مهاجرين إلى ليبيا، من بينهم من يمتلكون سجلات جنائية، إضافة إلى السعي لعقد اتفاقية “دولة ثالثة آمنة” تسمح للولايات المتحدة بإرسال طالبي اللجوء المحتجزين على الحدود إلى ليبيا.
ووفقًا للمصادر، لم يتم التوصل بعد إلى قرار نهائي، كما لم تُحدد الجنسيات التي ستشملها عمليات الترحيل. إلا أن الخطوة تمثل، حسب وصف مراقبين، تحولًا جذريًا في سياسة الهجرة الأميركية، يتجاوز ترحيل المهاجرين إلى دولهم الأصلية إلى إرسالهم إلى دول طرف ثالث بعيدة، بعضها يعاني من أوضاع أمنية وإنسانية هشّة.
ليبيا ورواندا على طاولة التفاوض
وبجانب ليبيا، ذكرت “سي إن إن” أن الإدارة الأميركية تجري محادثات مماثلة مع رواندا، الدولة التي أبدت سابقًا انفتاحًا على استضافة مهاجرين غير شرعيين، كما حدث في اتفاقية سابقة مع المملكة المتحدة عام 2022، والتي أُوقفت لاحقًا بسبب اعتراضات قانونية ووصفها رئيس الوزراء البريطاني الحالي بـ”الخدعة”.
وكانت رواندا قد استقبلت بالفعل لاجئًا عراقيًا جرى ترحيله من الولايات المتحدة في مارس/آذار، في خطوة وصفها مسؤولون أميركيون بأنها نموذج يُبنى عليه مستقبلًا.
وزير الخارجية: “نبحث عن دول تستقبل المجرمين”
وفي تعليقات مثيرة للجدل، صرّح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال اجتماع أمس:
“نحن نبحث بنشاط عن دول يمكن أن تستقبل أشخاصًا من أكثر البشر دناءة. وكلما ابتعدنا عن أميركا، كان ذلك أفضل حتى لا يتمكنوا من العودة عبر الحدود”.
هذه التصريحات أثارت انتقادات واسعة من منظمات حقوقية، التي رأت فيها تجريدًا للمهاجرين من إنسانيتهم وتغاضيًا عن التزامات الولايات المتحدة الأخلاقية والقانونية.
تحذيرات حقوقية وأممية
ويأتي هذا التوجه في وقت تُوجه فيه اتهامات خطيرة لانتهاكات ممنهجة في ليبيا، من بينها التعذيب، والاغتصاب، والعمل القسري، كما أشار تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2024 إلى غياب المساءلة القانونية في البلاد.
وقد يُعرض تنفيذ الخطة لإجراءات قانونية معقدة، خصوصًا بعد قرار قضائي فدرالي صدر مؤخرًا يمنع ترحيل مهاجرين إلى دول غير دولهم الأصلية دون إشعار وفرصة قانونية للاعتراض.
سياق سياسي وانتخابي
ويرى محللون أن إدارة ترامب تسعى من خلال هذه الخطوات لتشديد خطابها الانتخابي قبيل الاقتراع الرئاسي القادم، خاصة أن الهجرة غير الشرعية تُعدّ من أبرز محاور حملته، وتلقى صدى لدى قطاعات من الناخبين المحافظين.
مع ذلك، تواجه الخطة معارضة قانونية وحقوقية متزايدة، إلى جانب مخاطر دبلوماسية قد تنجم عن التعاون مع دول تتهمها منظمات دولية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.