في مشهد يُجسد حجم المأساة الإنسانية المتفاقمة، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن نحو نصف مليون فلسطيني نزحوا خلال الشهر الماضي فقط نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ليجدوا أنفسهم محاصرين في مساحات ضيقة ومجزأة لا تتجاوز ثلث القطاع.
نزوح جماعي ومساحة تتقلص
وسط تصاعد الهجمات الجوية والتوغلات البرية منذ استئناف الحرب في مارس 2025، لا يزال سكان غزة يدفعون الثمن الأكبر. وأكدت الأونروا أن أوامر الإخلاء المتكررة أجبرت مئات الآلاف على ترك منازلهم والتكدس في مناطق محدودة باتت تعاني من اكتظاظ خانق وانعدام الأمن.
وأضافت الوكالة أن المساحة المتبقية للسكان الفلسطينيين مجزأة وغير صالحة للعيش، في وقت تنهار فيه الخدمات الأساسية، ويواجه مزودو الرعاية صعوبات كبيرة في تأمين الحد الأدنى من الاستجابة الإنسانية.
قطاع منهك.. وشبح المجاعة يلوح
تصف الأونروا الوضع في الملاجئ بـ”المزري”، مشيرة إلى أن الموارد المتبقية توشك على النفاد، ما يهدد بانهيار كامل للمنظومة الإنسانية. ويبلغ طول قطاع غزة 41 كيلومتراً، وعرضه بين 6 إلى 12 كيلومتراً، بمساحة إجمالية لا تتجاوز 360 كلم²، ومع ذلك باتت إسرائيل تسيطر فعليًا على 40% منها بعد توغلاتها شمالًا وجنوبًا.
حصار وتشديد للخناق
من جهتها، أعلنت إسرائيل عن نيتها تشديد الحصار على القطاع، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، في محاولة لفرض ضغوط على حركة حماس للقبول بمقترحات تفاوض جديدة، تتعلق خصوصًا بملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين منذ أكتوبر 2023.
وفي هذا السياق، صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير بأن إسرائيل مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية إذا لم تُحقق المفاوضات تقدمًا، ما يثير مخاوف من موجة دمار جديدة قد تزيد من معاناة المدنيين وتدفع بمزيد من العائلات نحو النزوح القسري.
خاتمة: أزمة تتجاوز حدود الجغرافيا
في ظل تراجع المساحة الآمنة وتقلص فرص النجاة، يجد أهالي غزة أنفسهم في حالة إنسانية كارثية تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلاً. فالنزوح الجماعي، والانهيار الصحي، والتجويع الجماعي باتت سمات يومية لحياة مئات الآلاف، بينما القطاع يغرق في دوامة من العنف، دون أفق واضح للسلام أو التهدئة.