في تصعيد جديد يُنذر بانفجار الوضع الأمني في شبه القارة الهندية، تبادلت القوات الباكستانية والهندية إطلاق النار ليل الخميس–الجمعة على طول خط السيطرة الذي يُعد الحد الفاصل غير الرسمي في منطقة كشمير المتنازع عليها. ويأتي هذا التوتر بعد ثلاثة أيام فقط من الهجوم الدموي الذي أودى بحياة 26 شخصًا في الشطر الهندي من كشمير، وأعاد شبح الحرب يخيم على المنطقة.
ليلٌ مشتعل في وادي ليبا
أكد سيد أشفق جيلاني، مسؤول إداري كبير في كشمير الباكستانية، أن التبادل المسلح وقع في منطقة وادي ليبا، لكنه طمأن إلى أن المدنيين لم يتعرضوا للاستهداف، والحياة اليومية لا تزال مستمرة، بما في ذلك فتح المدارس. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من انزلاق التوتر إلى مواجهات أعنف وأوسع نطاقًا.
إسلام آباد: جاهزون للرد على أي تهديد
من جهتها، حذّرت وزارة الخارجية الباكستانية من أي تصعيد محتمل، مشددة على أن القوات المسلحة “مستعدة بالكامل” للدفاع عن سيادة البلاد. وقالت في بيان رسمي:
“باكستان لن تتهاون مع أي تهديد، وستغلق أجواءها أمام الطائرات الهندية، كما ألغت جميع تأشيرات المواطنين الهنود وطالبتهم بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.”
وأكد البيان أيضًا التزام باكستان بالسلام، لكن دون المساس بسيادتها وأمنها، في إشارة واضحة إلى أن أي محاولة هندية للتوغل أو التصعيد ستُقابل برد عسكري حازم.
نيودلهي ترد وتتهم
في المقابل، اتهمت مصادر عسكرية هندية القوات الباكستانية ببدء إطلاق النار باستخدام أسلحة خفيفة في مناطق متعددة من إقليم جامو وكشمير، مشيرة إلى أن الجيش الهندي “رد بفعالية” على هذا الهجوم. وتواصل نيودلهي توجيه أصابع الاتهام إلى جماعة يُزعم أنها مدعومة من باكستان بتنفيذ الهجوم الذي استهدف سائحين هنودًا في منطقة وادي بيساران السياحية.
عودة إلى مشهد مألوف من التصعيد
مع تكرار الطرد المتبادل للمواطنين، وغلق الحدود والمجال الجوي، يعيد هذا التصعيد إلى الأذهان سيناريوهات مشابهة حصلت في أعوام 1999 و2019، حين كادت التوترات بين الجارتين النوويتين أن تُشعل حربًا شاملة في كشمير.
ورغم نفي باكستان لأي علاقة لها بالهجوم، تصرّ الهند على تحميلها المسؤولية، ما يعقّد مسار أي تهدئة محتملة، خصوصًا في ظل الخطاب الناري من كلا الجانبين.
كشمير.. بؤرة لا تهدأ
تُعد كشمير منذ عقود أخطر بؤر التوتر في جنوب آسيا، حيث يدّعي كل من الهند وباكستان السيادة الكاملة على الإقليم، بينما يسيطر كل طرف على جزء منه. وتُواجه أي دعوات للسلام عراقيل ديموغرافية ودينية وجغرافية، مع وجود نزعة انفصالية داخلية، ومطالبات دولية بإجراء استفتاء لم يُنفذ منذ عام 1948.
هدنة هشة على حافة النار
بين اتهامات متبادلة وتعبئة عسكرية ورفض لأي وساطات خارجية حتى الآن، يبقى الوضع في كشمير مرشحًا لمزيد من التصعيد. وفي ظل وجود قوتين نوويتين في حالة تأهب، تزداد الحاجة إلى ضبط النفس وتفعيل القنوات الدبلوماسية، قبل أن يتحول التوتر الحدودي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.