منذ سنوات لم يدخر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل جهدا في سبيل استفزاز إيران بحثا عن مواجهة مباشرة مع علي خامنئي، و يبدو أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت من خلالها السفارة الإيرانية بدمشق مخلفة 116 قتيلا قد تشعل فتيل الحرب المباشرة بين الطرفين الإيراني و الإسرائيلي.
و دمّر قصف جوي نسبه مسؤولون سوريون وإيرانيون إلى إسرائيل مقرّ القنصلية الإيرانية في دمشق، ما تسبّب بمقتل قياديين أحدهما أكبر مسؤول عسكري إيراني في سوريا وعناصر في الحرس الثوري الإيراني.
من جانبه أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن الاستهداف “الجبان” لقنصلية بلاده في دمشق “لن يمرّ دون رد”.
فكيف سترد إيران على هذا الهجوم؟
و هل هناك إمكانية لنشوب حرب مباشرة و صريحة بين إسرائيل و إيران؟
ترزخ إيران في الوقت الحاضر تحت وطأة ضغوط شعبية مطالبة بالرد المباشر و الفوري انتقاما من الهجوم الصهيوني السافر، و لكن يبدو أن طهران آثرت عدم استعجال الانتقام، رغم أن القانون الدولي يجرم كل هجوم على المقرات الدبلوماسية.
و لكن هذا لا ينفي أن إيران اتخذت قرارا بالانتقام قيدته بالتوقيت الذي تحدده الجمهورية الإسلامية، و في هذا السياق يرى خبراء أن الجانب الإيراني سيلتزم الذكاء و الحنكة، إذ لا يجب على طهران أن تنجر بسذاجة إلى حرب مباشرة تنقذ نتنياهو من مستنقع غزة، وتمكنه من جعل طهران في مواجهة مباشرة مع حلفائه الغربيين، الذين لن يفوتوا فرصة الإنقضاض على إيران التي لا تنفك تستفزهم و تتحدّاهم.
إن عدم الرد الإيراني السريع و الحكيم في آن، قد يشجع الجانب الإسرائيلي على مزيد استفزاز الإيرانيين، مما قد يضعنا أمام ضربة إسرائيلية مباشرة في المستقبل. و هنا من المرجح أن الرد الإيراني سيكون لاذعا و لكن بصفة غير مباشرة كالعادة، إذ يجمع المحللون و الخبراء أن الرد سيأتي عن طريق احدى الأذرع الإيرانية، فالإنتقام لحادثة السفارة سيأتي إما عن طريق حزب الله من لبنان، أو المليشيات الإيرانية الممثلة في الحشد الشعبي بالعراق، و كذلك يمكن أن يأتي الرد سوريا أو يمنيا.
تبقى كل هذه الإستنتاجات مجرد فرضيات لا غير، و لكن ما يمكن تأكيده أن الجانب الإيراني لا يزال محافظا على هدوئه و رصانته، و ذلك بسبب التوترات الكبيرة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط و ما تحظى به إسرائيل من دعم غربي قوي.