يبدو أننا مررنا من 10 ملايين خبير سياسي إلى 10 ملايين خبير اقتصادي ثم إلى 10 ملايين خبير رياضي… و اليوم أصبحنا 10 ملايين واعض أخلاقي!
منذ أولى حلقاته تمكن مسلسل “فلوجة” من إثارة جدل واسع جدا على صفحات مواقع التواصل الإجتماعية الساخرة منها و الإخبارية.. و عموما يبدو أن التونسيين اتفقوا بشكل كبير على أن هذا العمل التلفزي فيه ذلك القدر الكبير من البذاءة و الإنحطاط الأخلاقي الذي يراد به إفساد عقول الشباب و جرهم إلى ارتكاب الجرائم في حق أنفسهم، و كأننا كنا نعيش في مدينة أفلاطون الفاضلة، ثم جاء مسلسل فلوجة فجأة لإخراجنا من العالم الملائكي الذي نحيا فيه!
يعرض المسلسل على قناة الحوار التونسي و قد عرى في حلقته الأولى جوانبا من الحياة المدرسية و لكن من جانبها المظلم الذي لا يستسيغه التونسي عموما و أولياء الأمور على وجه الخصوص.
صورت الحلقة الأولى من فلوجة مظاهر العنف و الإنحراف داخل أسوار المدرسة التونسية، كما لم يهمل هذا العمل التلفزي كشف آفة تعاطي المخدرات في صفوف التلاميذ، و عدة قضايا أخرى…
مسلسل فلوجة مقتبس من أفلام أمريكية شاهدها التونسيون جميعا، هذا عدا كون كل الأحداث التي شاهدناها مقتبسة من الواقع المرير و المؤلم في المعاهد التونسية. ثم إنه من النفاق بما كان أن نشاهد الحلقة كاملة ثم ننطلق مباشرة في السب و الشتم!
إن هذا العمل رغم تعرضه للنقد الشديد إلا أنه يمكن أن يكون فرصة لفتح عيون الأطفال على هذا الخور و سوء النهايات التي يؤدي إليها.
كما إنه لم يأت بقضايا خيالية، و إنما يغوص المسلسل في أغوار و أعماق الواقع التونسي من جانبه المظلم، فمؤسساتنا التعليمية أصبحت بؤرا للعنف و انتشار السموم من مخدرات و أفكار خطيرة على أطفال لا يزالون في مقتبل العمر.
دعوات إيقاف عرض هذا المسلسل لا يمكن أن يقبلها العقل، و كما أسلفنا الذكر في مستهل هذا المقال فإننا لسنا خبراء لا في الفن و لا في الوعض الأخلاقي، و ما على التونسي سوى أن يقبل هذا العمل الفني و يجعل منه منهلا للعبرة، حتى ينشئ أطفاله بطريقة سليمة و معافاة.
بلال بوعلي