المنظومة القضائية في تونس : المنظومة القضائية في تونس بين جدلية" الادانة و الاصلاح" والواقع و الآفاق

 

شهدت المنظومة القضائية في تونس الكثير من التجاوزات قبل و مع نظام بن علي و حتى بعد الثورة لا يزال القضاء يعاني الفساد المالي والاداري . فقد تم تدجين القضاء في العهد البائد و التدخّل المفرط للسّلطة الحاكمة في المنظومة القضائية و تسخير القضاء لخدمة النظام و التابعين له و السابحين فلكه.

 ومع بداية عهد جديد في محاولة اصلاح المنظومة القضائية التي تمّ الاجماع على أنها تعاني الفساد ، وفي اطار ذلك و بعد قرار انتخابات المجلس الأعلى للقضاء 2013 و تطبيقا لأحكام القانون و تعديلا لنظامه وجب علينا البداية بتقييم موضوعي للمنظومة وللوضع بصفة عامة  .

 فهل انتهى عهد الفساد؟ و هل كان تقييم القضاء موضوعي ؟

رغم محاولات الاصلاح و ضمان استقلال القضاء و المساهمة في تشكيل رأي عام داعم لدولة القانون الا أن التقييم للأحداث يبقى غير موضوعي بما أن القضاء لا يساوي قضاة فقط بل هو منظومة متكاملة و متجذرة و تتضمن الكثير من المهن القضائية و القانونية التي من شأنها أن تؤثر على القضاء ككل فهذه المنظومة تتفرّع لتشمل اضافة الى القضاة  المحاميين و عدول التّنفيذ و أعوان الادارة والخبراء والحجبة و الكتبة و المستشارين الجبائيين العموميين و المستشارين المقررين لنزاعات الدّولة و الممثلين القانونيين لدى الشّركات والمؤسسات العامة و الخاصة و المترجمين و المتصرفين القضائيين و أمناء الفلسة و المؤتمنين العدليين و عدول الاشهاد و أعوان و اطارات السجون .

و أمام هذا الوضع الراهن لمنظومة القضاء ، اجتمع مكونوا هذه المنظومة خلال الملتقى الأول للمهن القانونية والقضائية الذي نظمه المرصد الوطني لاستقلال القضاء ” هيئة المساعدة القانونية ” في شهر جوان الماضي بتونس العاصمة و ذلك بهدف التحاور فيما بينهم حول المداخل والقواعد المشتركة التي تجمع بين مختلف المهن المشار إليها آنفا و علاقتها بالقضاء الى جانب مشاغلها و انتظاراتها و السبل الكفيلة لاصلاحها .

فهل يمكننا أن نحمّل مسؤولية الفساد في مجال القضاء للقضاة فحسب أم أ نها مشتركة بين بقية المهن القضائية الأخرى  ؟

  بما ان مسؤولية الفساد بالمنظومة القضائية لا يمكن أن نحملها للقضاء والقضاة  فحسب و انما هي مسؤولية مشتركة بين المهن القانونية و القضائية السّالف ذكرها بالتالي فانه يتوجب علينا البدء بتقييم و تحديد المسؤوليات و فصل مسؤولية مهنة القضاء عن المهن الاخرى المتصلة و المرتبطة بها و تقاسم تحميل المسؤولية بين بقية المهن الأخرى المكونة  للمنظومة القضائية .

فالمهن المتعاملة و المتّصلة مباشرة بمهنة القضاء في كثير من الحالات تكون هي المتسبب الحقيقي و الرئيسي و المباشر في فساد القضاء و ليس القاضي في حد ذاته، لأن القاضي لا يكون هو المتّصل المباشر ليتقاضى الرّشوة أو أي تجاوزات أخرى بل انهم المحامين و عدول التّنفيذ و غيرهم و خاصّة الخبراء هم المتسببون في هذه التجاوزات أو لنقل هم المدخل المؤدي اليها خاصة وأن الوثائق التي يحتاجها القاضي تتكون من تقارير الخبراء و بالـتالي فمثلما تم التفكير في تأهيل القضاء عبر الاقتناع بضرورة أن  يجب علينا أولا تأهيل المهن الأخرى المتّصلة بالمهنة .

” ولكي تكون الشجرة مثمرة و رأسها سليما يجب أن تكون جذورها و أطرافها و أغصانها المتفرعة منها ، سليمة ” و هذا التّشبيه ينطبق على القضاء و على المهن المتصلة و المتفرعة عنه.

  ريم عطافي

     

Read Previous

الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه : مشاريع في الأفق "للصوناد " بقيمة 800 مليون دينار

Read Next

في مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية : المنجي السماعلي رئيسا جديدا و نقل المقر إلى "موتيال فيل"

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Most Popular