جريدة الخبير

قضية ” بيتروفاك ” جريمة في حق الوطن و الأجيال القادمة

Capture d’écran 2015-05-01 à 09.40.39

“بيتروفاك” البترولية بقرقنة راج خبر مغادرة شركة بتروفاك المختصة في مجال الغاز ببلادنا و ذلك جراء الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الشركة في السنوات الأخيرة و الناجمة عن تعطيل الانتاج لكثرة الاعتصامات و ارتفاع سقف المطلبية الشعبية لأهالي منطقة صفاقس مما تسبب في خسارة يومية قدرت ب 200 ألف دينار .

هذا و قد أكد السيد عماد الدرويش مدير عام شركة ” بيتروفاك ” لـ ” الخبير ”  أنه من الوارد جدا أن يقرر صاحب الشركة الاجنبى غلق هذه المؤسسة النفطية والرحيل من تونس باعتبار أن نشاطها متوقف بالكامل منذ أكثر من شهر بسبب اعتصام عملة المنظومة البيئية مما انجر عنه الغاء عديد العقود التى تربط هذه المؤسسة بالمطاعم والنزل فى الجزيرة وتضرر فرع صفاقس للشركة التونسية للكهرباء والغاز الذى تزوده الشركة بأغلب حاجياته من الغاز حسب قوله.

هذا و قد طالبت المؤسسة الأم في بريطانيا من خلال بعث رسالة للسلطات التونسية أن يتم الحزم بصفة قانونية في اشكالية هاته الاعتصامات و ذلك من خلال تطبيق القانون لا غير .

و أشار عماد درويش الى أن المفاوضات بين السلط الجهوية وعمال المنظومة البيئية جارية للتوصل الى حل لهذا الاشكال.

من ناحية أخرى و حسب مصادر إعلامية فقد  دخل عدد من عمال وموظفى شركة بتروفاك النفطية المنتصبة بجزيرة قرقنة عشية الاثنين فى اعتصام مفتوح أمام مقر ولاية صفاقس وذلك للمطالبة بفك الاعتصام الذى ينفذه عملة المنظومة البيئية منذ ما يزيد عن شهر أمام الشركة و الذى بات يهدد مستقبل تأمين الغاز فى تونس ومصدر رزقهم بشكل جدى اثر ورود أنباء مؤكدة تفيد قرار صاحب الشركة الاجنبى غلق المؤسسة وتوقيف نشاطها بالكامل.

و يبقى السؤال المطروح اليوم إلى متى قانون الغاب ؟ إلى متى الفوضى و التواكل؟

شركة ” بيتروفاك ” البيترولية هاهي اليوم تستعد للرحيل  أو الخروج من تونس نهائيا كغيرها و سابقاتها من الشركات البيترولية التي فضلت مغادرة البلاد نظرا للخسائر الفادحة التي تكبدتها جراء الاعتصامات و الاضرابات العشوائية وما يرافقها من مطلبية على غرار مؤسسة «ENI» الايطالية التي تنشط في مجال البترول منذ أكثر من نصف قرن في استغلال بئر البرمة و التي قررت المغادرة والتفويت في الشركة بصفة عامة لمؤسسة كويتية.

فإلى أين يمكن أن تؤدي هذه الفوضى وهذه التصرفات غير المعقولة والتي تضر بالاقتصاد الوطني وبمواطن الشغل؟

و من سيكون القادم بعد ان غادرت بالأمس كل من «Enquest» وشال للاستثمار   و مؤسسة «ENI»وغدا من سيغادر؟؟ وكيف نقنعهم بالعدول عن القرارات الصعبة وكيف نحافظ على وجود بقية الشركات التي تمر بدورها بمصاعب كبيرة وتغرق في المطالب الاجتماعية وأي الحلول يجب اقتراحها للمحافظة على هذه المؤسسات التي تعتبر أهم ركائز الاقتصاد الوطني؟

 أمام غرق الحكومة الجديدة في موجة من الاضرابات والاحتجاجات التي ما أن ينطفئ  لهيبها في مكان حتى يعود ويشتعل في مكان اخر فمن جهة  مدن الجنوب تدخل في اعتصامات وإضرابات بالجملة ومطالبها تزداد يوما بعد يوم ومن جهة أخرى نجد  التهديدات الارهابية التي تضرب في مواقع متعددة من البلاد  لتزيد في تعميق الخوف الذي تسبب في اتساع الهوة بين المستثمر و السلطات التونسية و نتيجة لذلك هاهي الاستثمارات الاجنبية والمحلية  تتهاوى لتزيد في التعقيدات والمصاعب التي تعيشها البلاد.

إذ أن هذه المواقف المتتالية  والتي تعلن عنها الشركات الاجنبية من شانها ان تزيد في ضبابية المناخ الاستثماري في تونس خاصة اثر التخوفات الكبيرة من تراجع الاستثمارات الاجنبية التي قد تصل سنة 2015 الى مستويات قياسية حيث من المقدر ان تخسر تونس ما بين 600 و700 مليون دولار اذا ما تواصلت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتواصل نسق الاضطراب وعدم الاستقرار وإذا ما فشلت حكومة الحبيب الصيد في اتخاذ قرارات ثورية تعيد البلاد الى مرحلة الهدوء .

فمن يتحمل مسؤولية نزيف مغادرة المؤسسات العملاقة لتونس ومن يدفع فاتورة القرارات المرتجلة ومن من مصلحته تعميق تبعية البلاد الى الدول الاجنبية وارتهانها الى مصادر التوريد التي تزيد في تعميق نزيف العملة الصعبة وتفاقم العجز التجاري من بيده مفتاح صنع القرار في تونس، ومن من مصلحته الضغط على هذه الشركات الضخمة وهل سنتمكن من تعويضها بشركات أخرى ؟

إذ تشير الإحصائيات إلى أن 90% من إجمالي الشركات الأجنبية في تونس سجلت بعد الثورة تراجعا كبيرا في أرقام معاملاتها وتكبدت بذلك خسائر فادحة بسبب الإضرابات المتتالية وتوقف وحدات الإنتاج، مما أدى بعدد كبير منها إلى تسريح عمالها وغلق أبوابها ومغادرة البلاد في اتجاه دول أخرى أهمها المغرب وهي المستفيد الأول من الأزمة السياسية والاجتماعية في تونس. وهو ما انجرّ عنه تغيير وجهة عدد كبير من المستثمرين الذين كانوا ينوون القدوم إلى تونس، حيث قام نحو 2600 رجل أعمال بتحويل استثماراتهم من تونس إلى المغرب في حين استقرت حوالي 75 مؤسسة تونسية بالجزائر باستثمارات ناهزت قيمتها 200 مليون دولار. ما أدى إلى تراجع دفق الاستثمار الأجنبي سنة 2013 بنسبة 16% دون اعتبار ما شهدته هذه السنة، تحديدا، من تقلبات سياسية واجتماعية دخلت على إثرها البلاد في أزمة اقتصادية حالكة.

كما تشير الأرقام الرسمية إلى أن الإضرابات العشوائية التي شنها بعد الثورة أعوان بعض الشركات الأجنبية الناشطة في تونس قد عصفت بعدد كبير منها، إذ تجاوز عدد المؤسسات التي أوصدت أبوابها الـ400 مؤسسة صناعية أساسا. وهو ما تسبب في تفاقم البطالة القسرية. وتصدرت الشركات الايطالية قائمة المؤسسات التي فضّلت إيقاف نشاطها بسبب تدهور مناخ الأعمال بالبلاد بـ63 شركة تشغل إجمالا 4518 عامل، تليها فرنسا بـ60 شركة (3940عاملا)، ثم بلجيكا بـ11 شركة (72موطن شغل) وألمانيا بـ10 شركات (1872 موطن عمل) إضافة إلى 28 شركة أجنبية أخرى (1313 موطن شغل) تتوزع على عدد من الجنسيات الأوروبية.

  لا شك في اقتراب  ازمة طاقية حادة وكل المؤشرات الحالية تؤكد قرب حدوثها وهذه اغلب الشركات العملاقة تغادر تباعا ممزقة بين خسائر تكبدتها بفعل الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية وبين تراجع اسعار البترول في العالم يدفعها بشدة لاتخاذ موقف حاد لكي تنقذ ما تبقى لها في الاسواق العالمية او ربما توجه استثماراتها الى دول أكثر أمنا واستقرارا.

 

حنان العبيدي

 

 

0 Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *