جريدة الخبير

بشيء من الغدر، رئيس الحكومة يسحب مقترح تنقيح المرسوم عدد 116 

تم تقديم اقتراحين لتعديل المرسوم عدد 116, إقتراح تم تقديمه من قبل حكومة “إلياس الفخفاخ” و آقتراح آخر قدمه حزب ائتلاف الكرامة، و تعود صياغة المرسوم و فصوله للثاني من نوفمبر 2011 حيث تولى وضع هذا المرسوم الرئيس المؤقت في تلك الفترة “فؤاد المبزع”، و يتعلق المرسوم بحرية الإتصال السمعي و البصري و بإحداث هيئة عليا مستقلة للإتصال السمعي و البصري. 
يبدو أن كل الجهات و الأشخاص الرافضين لهذا التعديل، متخوفون من السيطرة على المشهد الإعلامي من قبل اللوبيات الإعلامية و السياسية، التي تنتظر الفرصة السانحة للإنتشار داخل البلاد و إحكام السيطرة عليها من خلال بوابة الإعلام… هكذا عبّرت الجهات الرافضة لهذا التنقيح عن رأيها، مؤكدة عن تواصل الرفض، و التصدي لهذا التحوير بأي ثمن كان، و كان رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين “محمد ياسين الجلاصي” قد صرّح بأن هذا التنقيح غير دستوري و أوضح أنّ الغاية من التنقيح ليست تعديل الاعلام و تحريره و إنما “لبث الفوضى في قطاع الإعلام من جهة ولإعطاء الشرعية للقنوات غير القانونية من جهة أخرى”.
و من الشائعات التي يتم تداولها أن صاحب هذا الإقتراح الفعلي هو نبيل القروي و ليس ائتلاف الكرامة.
من جهة أخرى أقدم رئيس الحكومة الحالي “هشام المشيشي” على سحب مشروع القانون الحكومي المتعلق بالمجال السمعي البصري الذي تقدمت به حكومة الفخفاخ، و قد اعتبر رئيس نقابة الصحفيين هذا الفعل بغير المسؤل، و لا يتعدى كونه ردا للجميل حيث أن التحالف البرلماني (حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس وبعض النواب من غير المنتمين) قد ساهم في تمرير حكومة المشيشي، كما أن سحب هذا المشروع يزيد في قوة و قبول اقتراح الإئتلاف الذي لن يردعه رادع من تحقيق أهدافه، و يرى كثيرون أن فتح المجال أمام كل الطوائف و الأحزاب لفتح قنوات تلفزية، لن تكون نتيجته سوى الفوضى العارمة.
و تنص مبادرة ائتلاف الكرامة على تجديد تركيبة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، و حصر صلاحيات اقتراح أعضائها على مجلس نواب الشعب، و إلغاء صلاحية إسناد الإجازات التي تمنحها الهيئة لإحداث القنوات التلفزية، و اعتماد مبدأ مجرد التصريح بالوجود للوسيلة الإعلامية، ليكون بذلك وجودها شرعيا و قانونيا.
عارضت العديد من الجهات هذا المقترح بشدة، على غرار نقابة الصحفيين والهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري والنقابة العامة للإعلام ومنظمات المجتمع المدني كما رفضته كتلة الحزب الدستوري الحر و كتلة الإصلاح و آخرون… مبررين هذا الرفض بالخوف من تحول المجال السمعي البصري إلى تجارة، تنتفي فيها الحرية الحقيقية و يضيع فيها الدستور.
و ما زاد الطين بلة هو سحب رئاسة الحكومة للمقترح الذي قدمته الحكومة السابقة، ليخلو المجال لمقترح الإئتلاف، و هو ما ترفضه الأغلبية الساحقة، و لم ينظر بعد مجلس نواب الشعب في هذا المقترح بسبب تأجيله. 
لا يزال الشارع التونسي يعج بالفوضى، و التساؤل عن النهاية التي ستختم مساعي الإئتلاف، و الكل في حالة انتظار لما ستؤول إليه الأمور. و لا تزال هناك حيرة كبيرة حول سحب المشيشي لاقتراح الحكومة السابقة، حيث أن كثيرين يرون في هذه الخطوة انحيازا من رئيس الحكومة لجانب التحالف البرلماني، و ربما موالاة له.
بلال بو علي
0 Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *