وسط حضور جماهيري كبير أقبل منذ ساعات المساء الأولى و في ليلة مليئة بالفن و الصوت الجميل انطلقت الدورة 58 لمهرجان قرطاج الدولي بعرض فني احياه العملاق الكبير لطفي بوشناق بعنوان “عايش لغناياتي” بين من خلاله مسيرة مليئة بالابذاع على مدى نصف قرن و قذ كان لابنه عبد الحميد بوشناق دور كبير في انجاح هذا العرض الذي أضفى عليه بعدا جماليا وبصريا اما الفرقة الموسقية فقد تولى قيادتها المايسترو فادي بن عثمان.
واستهلّ بوشناق الحفل بأغنية “يا شاغلة بالي” وهي من ألحان علي الرياحي، وكان أداها في سبعينات القرن الماضي ثم انتقل إلى تقديم قطع فنية أصلية من إنتاجه الخاص، وتألق في تقديم مجموعة من الأعمال التي تجسد رؤيته الفنية الفريدة وتجربته الشخصية في عالم الغناء، فأدى رفقة معجبيه “أحنا الجود” و”ريتك ما نعرف وين” و”نسايا” و”انت شمسي”. وأدى رفقة الفنانة اللبنانية مشلين خليفة “العين الي ما تشوفكشي”.
واستمر لطفي بوشناق في الغناء دون توقف لمدة ناهزت 3 ساعات، كما لم يكلّ الجمهور ولم يهدأ له بال ليواصل التصفيق والهتاف دون انقطاع مع كل نغمة وكلمة، فكان بمثابة الكورال وردّد معه أغاني “مي مي” و”هاذي غناية ليهم” و”حلق الواد” و”يا ليام كفاية” (جينيريك المسلسل التونسي “غادة”) و”أنا مية” و”كيف شبحت خيالك” وغيرها من الأغاني التي طبعت مكانته كفنان مبدع ومتميز في ساحة الفن العربي.
واختار لطفي بوشناق إنهاء سهرته بأغنية “يا نوار اللوز” و”انزاد النبي” وهي من الأغاني التي جمعت بين الجمالية الفنية والمضامين العميقة التي تعبر عن الوعي الوطني والانتماء للثقافة التونسية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من مسيرة بوشناق كفنان يمزج بين الإبداع والأصالة. بأسلوبه الفريد وصوته الرائع اثبت بوشناق أنه أحد أبرز رموز الثقافة التونسية والموسيقى العربية الكلاسيكية، وله حظوة خاصة في قلوب محبي الموسيقى.
واعرب بوشناق في الندوة الصحفية التي تلت الحفل إنه حرص على أن يكون عرضه متنوعا يجمع بين أغانيه القديمة والجديدة ويراوح بين أنماط مختلفة كالطرب والابتهالات والفن الشعبي وغيرها. وعبّر عن أسفه لعدم تمكن عدد من أهالي غزة من متابعة العرض بسبب انقطاع شبكة الأنترنت. ووصف ما يحدث هناك بأنها إبادة في حق الفلسطينيين وأعظم الجرائم التي ترتكب في تاريخ الإنسانية.
لا شك أن حضور لطفي بوشناق في مهرجان قرطاج الدولي لن يمحى من ذاكرة الحضور، إذ أنه استطاع أن يجسد الفخامة الفنية بأسلوبه الفريد وصوته الرائع.
ايمان مهني