جريدة الخبير

السيد “وليد بالحاج عمر” نائب رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات: الدولة فاقدة للتناغم على مستوى الجباية

 

لا يملك المشرع تناغما على المستوى الجبائي، و هذا ما نلاحظه من خلال عمليات الجباية على القيمة المضافة في عقار ما، و الجباية على القيمة المضافة على الأصول.. فعندما نملك أصولا في شركة فإننا لا نملكها على مدى ثلاث أو أربعة سنوات بل على ثلاثين سنة تزيد أو تنقص… و عند بيع تلك الأصول يتم دفع أداء على القيمة المضافة، دون أخذ التضخم بعين الإعتبار الذي تبلغ نسبته 10%.

ثانيا عندما تتطور أصول شركة ما عن طريق أرقام أعمالها و مرابيحها.. علما و أن كل هذه العمليات خاضعة للضرائب. فكيف للمشرع هنا أن يحتسب نسبة التضخم المالي في عملية بيع عقار باحتساب القيمة المضافة؟ في حين أن تلك الأصول تابعة لشركة قامت بتشغيل العديد من الأشخاص، و ساهمت في خلق الثروة، و التزمت بدفع الأداءات… كيف لنا أن لا نأخذ بعين الإعتبار مسألة التضخم، و احتساب قيمة الدينار سنة 1970 بنفس قيمته في 2020. كل هذا يدل على أن المشرع فاقد تماما للتناغم و التفكير السليم على المستوى الجبائي، و بهذا الشكل لا يمكن توجيه الجباية بشكل سليم نحو الإستثمار.

المشرع التونسي يكبل الفاعل الإقتصادي من خلال القوانين البالية

يتمحور أساس المشكل حول تمشي المشرع التونسي الذي يسعى إلى إغلاق الآفاق أمام المستثمر بتعلة أن المستثمر أو الفاعل الإقتصادي متهم بالتهريب و خرق القانون. و لذا عوض أن يكون القانون موجها لفائدة المستثمر بحسن النية، باعتبار أنه سيطور أعماله و سيلتزم بالتصريح و خلاص الجباية… فإن القانون يعتبر المستثمر بصفة مسبقة مهربا و مجرما جبائيا.

هذه المشاكل يمكن حلها ببساطة، و تقوم الإدارة حاليا بدور المراقبة المسبقة، لذلك نجد أن المعاملات الإدارية تأخذ وقتا طويلا، لذا يجب إرساء قانون يبسط مثل هذه المعاملات. و إذا أردنا ربط المسألة بالقضاء فسنجد أن الشك دائما ما يكون لفائدة المتهم، فأن نقوم بإطلاق سراح مجرم أفضل بكثير من حبس بريء.. نفس الشيء نجده في التعاطي مع التشريعات بالنسبة للإقتصاد، حيث يجب ترك المستثمر يعمل بكل حرية و في نطاق الشفافية، ثم لنا بعد ذلك أن نراقبه في أي وقت، و اللجوء إلى الردع ضد أي مخالف للقانون إن لزم الأمر.

هذا و تملك الشركات اليوم مراقبين للحسابات و مستشارين جبائيين و محامين… و بالتالي هذه الشركات لديها كل الإمكانية لفهم القوانين و تطبيقها كما يلزم، لذلك يجب تبسيط هذه القوانين، و فتح الآفاق أمام الفاعلين الإقتصاديين، و هذا لا يمكن أن يتم إلا عن طريق تحوير هذه القوانين المعرقلة للفاعلين الإقتصاديين.

اختلالات مجلة الصرف

الحسابات الإحتياطية بالبنك المركزي تابعة لبعض المؤسسات المالكة لحسابات بالعملة في تونس. و أنا كشركة مصدرة أملك حسابا بنكيا بالعملة، لذلك أتساءل عن سبب معاملتي في كل عملية أقوم بها بمجلة الصرف كأي مورد، أي أنه لا يوجد أي فرق بيني و بين أي مورد يتقاضى مني العملة، علما و أن هذا الحساب على ملكي الخاص، و هذا الأمر غير معقول بالمرة.

تم تحديد العمليات الجارية من قبل المجلة و ليس المستثمر! في حين أن كل مؤسسة لها عملياتها الجارية الخاصة بها. لنأخذ على سبيل المثال عملية فتح حساب في الخارج لمواطن يعمل بدولة أجنبية، و له فيها حساب بنكي لإيداع الأموال… و في هذا السياق تقول مجلة الصرف بأن ذلك الحساب يجب أن يتم فتحه بعملة البلد الأجنبي، و بهذا الشكل تجعل المجلة من ذلك الشخص عرضة لتدهور سعر العملة المحلية لذلك البلد، كما تقول المجلة بأن العقد الذي سيتم تنفيذه بذلك البلد يستوجب فتح حساب بنفس البلد ثم يتم بعد ذلك تنفيذ العمل المضمن بالعقد، ليتم صرف الأموال على ذلك الحساب البنكي، و حين ينتهي العمل يتم جلب ما تبقى من أموال لتونس ثم يتم إغلاق ذلك الحساب! و هذا الأمر غير معقول بالمرة، ذلك أنني توجهت إلى تلك الدولة الأجنبية من أجل العمل لمدة طويلة، فهل من المعقول أن أفتح حسابا بنكيا لكل عقد عمل!!! و بهذا نجد أن مجلة الصرف تفرض علينا أشياء غير ممكنة الحدوث، و هذا عبئ كبير على الشركات.

يجب على القانون أن يكون داعما لتطوير الإقتصاد لا معطلا له

أنا كشركة تعمل بالسوق الإفريقية، وأفكر في راحة بالي، سألجأ إلى إخراج أموالي و بعث شركة فرعية ب”ليل موريس” و كل العقود التي أتعامل بها مع إفريقيا سيتم تسجيلها ب”ليل موريس” و كذلك كل الأموال المتأتية من الحرفاء ستذهب إلى “ليل موريس” و سأمتنع عن إدخال أي أموال لتونس، ما عدا أجور العمال.. و بذلك تصبح كل العمليات محررة و قائمة ب”ليل موريس”. و هناك العديد من رؤوس الأموال الذين يتبعون هذه الطريقة، التي توفر لهم أكثر راحة و حرية في العمل و التجارة و هذه الطريقة قانونية 100%. و قد تم سن القانون في تونس من أجل حماية الصرف، إلا أن تمشيه الأول خاطئ تماما. خاصة و أن أي قانون اقتصادي لا يسعى لتطوير الإقتصاد فإنه خارج عن الموضوع تماما.

 

0 Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *