جريدة الخبير

السوق التونسية سوق حرة تخضع لقاعدة العرض و الطلب

السيد الحبيب الجلاصي: المدير الجهوي للتجارة باريانة

بالنسبة للإحساس العام بالغلاء فهو ليس احساس مواطن بسيط أو واحد من جملة ألف او ألفين  وإنما هو احساس عام موجود و لا يمكن ان ننكره. و هنا و عند التساؤل عما تغير لترتفع الاسعار بهذا الشكل، يمكن الإجابة بان هيكل الانتاج في حد ذاته قد تغير و كذلك بعض الممارسات التي كانت ممنوعة سابقا و كثرت في السنوات الاخيرة كتهريب رؤوس الأبقار للقطر الليبي و الجزائري و غيره و التي أصبحت عمليات عادية للعديد من الأشخاص لأنها تدر الكثير من المداخيل و هو ما أضر بمنظومة الحليب و اللحوم الحمراء و أضر بالقطيع الموجود باعتبار اننا نتحدث عن سوق و الذي فيه عرض و طلب و إذا اختل الميزان بين العرض و الطلب فآليا سيكون هناك ارتفاع في الاسعار.
و اذا كانت هناك مضاربة و تهريب فسيكون هناك عنصر ثان سيزيد من التأثير على السعر و اذا كانت هيكلة المنظومة بصفة عامة غير مستقيمة فهو عامل ثالث و باعتبار اننا نجلب الأعلاف من الخارج و كذلك المواد الأولية و كلفة تربية اللحوم الحمراء ابقارا كانت أو أغناما ليست نفس التكلفة التي كانت في السابق و التي هي مرتبطة بالسعر الذي تقوم به بالتوريد فإذا كنت تورد في السابق ب 1000 و أصبح ذلك  ب 2000 فهذا سينعكس بطبيعته على المنظومة و في الأخير سينعكس على سعر البيع.
و هنا لابد من الإشارة الى ان الاسعار في تونس محررة بالنسبة لسعر اللحوم، و تتدخل وزارة التجارة في التسعيرة عندما تكون هناك أسعار مشطة و هو ما نص عليه القانون 36 وقتها يمكن التدخل عن طريق مقرر للسيد وزير التجارة لتحديد الاسعار و هو ما حدث بالنسبة للبيض.
و صحيح هنا انه حل زجري و لكنه ليس حل دائم و إنما وقتي حتى يمكن لجهاز المراقبة الاقتصادية العمل عليه و لكن لا يمكن ان يتواصل باعتبار ان منظومة الانتاج في حد ذاتها غير معتدلة و نتيجة هذا التدخل يكون في العادة احساس الأشخاص بالخوف قليلا و هو ما يؤدي الى اجبارية تطبيق التسعيرة اضافة الى ان مردودية المراقبة الاقتصادية هي القيام بمحاضر و لكن في الأخير مشكلتنا لا تتمثل في المحاضر و إنما احالة الأمور الى العدالة في ان تكون مسالك التوزيع واضحة و منظمة  و وفرة الانتاج موجودة في المسالك القانونية و يتم العمل بالتسعيرة الموجودة . و اذا ارتفع السعر و اصبح مشطا فآليا يجب ان يكون لديك الآليات اللازمة للتعديل و التي منها مقرر وزارة التجارة و بالتالي تدخلنا على مستوى البيض.
و بالنسبة للحوم فنفس الشيء اذ هناك آليتين اثنتين اما ان تقوم بمقرر لتحدد به السعر أو ان تقوم بعملية توريد لضخ كميات من اللحوم الحمراء خاصة في المسالك السياحية باعتبار ان لدينا استهلاك عائلي عادي و استهلاك سياحي.
و هنا لا يمكن ان يكون له تأثير مباشر على السعر في حين ان العرض في حد ذاته يعرف نقص فالبطاطا اليوم مثلا خرجت في المتداول ب 1300 مي و بتطبيق هامش ربح قانوني ب 35% فنجد 1600 مي بكل سهولة.
و هنا لابد من الإشارة الى انه في سوق الجملة يتم اعتماد كل الأنواع التشكيلات فيعطيك السعر الأدنى و المتوسط و الأقصى فالادنى وصل الى 995مي و المتوسط 1150مي و الأقصى 1300مي و بالنسبة للطماطم فنجد 1200 مي في المعدل العادي و  في القمة ب 1600 و هوامش الربح المطبقةمن 900 فلديك 35% ٪‏ و من 900 الى 1500 لديك 30% و من 1500 فما فوق فلديها 25% .
و المخالفة التي يمكن ان يرتكبها هنا التاجر هي انه لا يملك فاتورة من سوق الجملة و بذلك يتم تحرير محضر بعدم إيلاء فاتورة الشراء و يطبق عليه محضر عدلي من 300 دينار الى 20000 دينار و اذا تم القيام بالمصالحة مع الادارة فيتم الدخول الى جانب آخر من الصلح و يقوم التاجر بدفع مبلغ رمزي لدى القباضة المالية و ينتهي الموضوع للدعوة العمومية و اذا كان لديه فاتورة شراء و طبقها و هامش الربح كما قلنا سابقا فلم تعد هناك مشكلة مراقبة اقتصادية و إنما مشكلة عرض و طلب فإذا كانت مثلا الكمية التي دخلت السوق اليوم تفوق الطلب مثلا اليوم تم ادخال 80 طن من الطماطم و نتصور انه دخلت 140 طن فهل ان السعر الأقصى سيصل الى 1600مي و باعتبار انه يوجد عرض و طلب فان السعر سيكون اقل .
و الجانب الثاني هنا اننا نعمل على مواد معينة بها تسعيرة فالزيت الحكومي مثلا به تسعيرةب 900مي فيجب ان يباع في كامل الجمهورية بهذه التسعيرة  اما الخضر ان كانت بطاطا او طماطم او جلبانة … فهي أشكال مختلفة و في قوالب عدة و السعر الذي اشترى به التاجر  مثلا ب 1200 و 1300و 1400 هو الذي يحدد السعر و هنا يجب على المواطن ان يفهم انه عندما يكون السعر 2000 مثلا فعندما نقوم بالمراقبة الاقتصادية  يجب علينا ان نحرر محضرا و هو غير صحيح هنا فنحن نعمل حسب نصوص قانونية.
و هنا لابد من التوضيح ان السوق التونسية سوق حر يخضع لقاعدة العرض و الطلب باستثناء بعض المواد الحساسة التابعة للمواد الغذائية  المدعمة كالزيت و السميد و الفرينة …
و هنا اريد الإشارة الى ان منظمة الدفاع عن المستهلك شريك لنا و اذا كان هناك إشكال نتعاون لإيجاد الحل مع بَعضُنَا البعض و تجدر الإشارة ايضا الى ان مصالح المراقبة الاقتصادية تعمل على قانون 36 المتعلق بالمنافسة و الاسعار و كذلك قانون 117 المتعلق بحماية المستهلك و الذي يحتوي على ضمان الجودة. و بالنسبة الى قانون 36 فان المواد المستهلكة كالخضروات الورقية و البيع بأسعار غير قانونية فان الخطية المالية التي يدفعها التاجر حددها القانون من 300 دينار الى 20 الف دينار و بالنسبة الى المواد المدعمة فهي من 2000 دينار الى 100 الف دينار هناك الفصل 52  يمكن الرجوع اليه فإضافة الى ذلك هناك الغلق لمدة شهر و هناك امكانية الإحالة على السيد وكيل الجمهورية بعقوبة سالبة للحرية من شهر الى ستة أشهر .
و بالنسبة الى الادارة الجهورية باريانة، فقد قامت مصالح المراقبة بحجز كميات هائلة من المواد المستهلكة كالبطاطا و الزيت… و تم العثور على على عدد كبير جدا من المخازن العشوائية التي تحتوي على كميات كبيرة من المواد المدعمة و اللحوم و هنا تجدر الإشارة الى اننا لا نعمل بنظام المراقبة الموسمية و إنما عملنا متواصل على طول السنة بالرغم ان حملات المراقبة يسلط عليها الاضواء فقط في شهر رمضان و في بعض المواسم.
و هنا لابد من الملاحظة ان نسق الضغط الرقابي ارتفع قليلا و هذا لا يعني انه غير موجود فإذا كنّا نحاسب كل إدارة جهوية  سنجد لديها كل آخر شهر عدد المحاضر و نوعية المخالفات المرتكبة و بما ان المراقبة الاقتصادية تتضاعف بمناسبة شهر رمضان باعتباره شهر الاستهلاك فإن الكمية المستهلكة تتضاعف أيضا في العادة فالمعروف هنا ان الرقابة ترتفع في شهر رمضان و التعزيز الأمني كذلك يرتفع و ذلك للضرب على أيادي المحتكرين و العابثين و غلق كل المخازن العشوائيةٌ و لا حماية لأي شخص مهما كان.
و في الختام، اريد التأكيد على ضرورة التفكير في سياسة استراتيجية واضحة للفلاحة باعتبار ان هذا القطاع   هش  لذلك يجب التفكير في مجموعة المصالح التي تحسن في هذا القطاع فالتزويد هنا هو المرحلة الاخيرة و هو المعادلة الوحيدة التي ستضغط على الاسعار و يحقق الوفرة في نفس الوقت.

0 Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *