استضاف برنامج “L’Expert ” في حلقته السابعة عشر من الموسم الخامس الذي يبث على قناة ” تونسنا ” مجموعة من الخبراء والمستشارين والفاعلين الاقتصاديين للحديث عن تمويل الاستثمار والتجارة في افريقيا وفيما يلي نص الحديث:
السيد خليل العبيدي: خبير في الجباية والاستثمار بمؤسسة United Advisers
ان انتقالي للعمل من القطاع العام الى القطاع الخاص لم يكن سهلا لأنه يوجد ثقافة مغايرة ومختلفة والضغوطات كانت موجودة وكبيرة جدا ولكنها مختلفة بين القطاع العام والقطاع الخاص وقد انتقلت للعمل في القطاع الخاص بعد 25 سنة من العمل في القطاع العام وللملاحظة هنا، فان عملي في القطاع الخاص كان مبرمجا مسبقا فمنذ بدايتي العمل في الإدارة العمومية كنت مقررا ان انهي مسيرتي المهنية في القطاع الخاص.
وبالنسبة لإفريقيا، فأريد أن أتحدث هنا عن الاندماج الأفريقي اذ يمثل اليوم معدل الاندماج ومعدل التبادل بيننا وبين الدول الأفريقية 5بالمائة فقط في حين ان معدل اندماجنا مع أوروبا بلغ 63 بالمائة. وإذا اخذنا بلدان شمال إفريقيا، ففي العادة يجب أن نجد أكثر قليلاً من معدل المتوسط ولكن نجده أقل من المتوسط وهو 5 بالمائة.
وتجدر الإشارة هنا الى اننا اليوم أمام إمكانات هائلة وقارة فتيّة من مليار نسمة وغنية جدا وهي ليست مندمجة عموديا نحو أوروبا وبلدان أخرى ولكنها ايضا ليست مندمجة على الصعيد الثنائي.
وللتذكير هنا، يوجد اليوم قرابة ثمانية تجمعات او اتفاقيات افريقية وأتحدث هنا عن COMESAوCDAO … والتي تبدأ في تشكيل دول المنطقة التي نعلق عليها الكثير من الأمل، وهي منطقة التجارة الحرة القارية التي ستكون أكبر منطقة تجارية حرة في العالم.
ولكن وللأسف، يوجد العديد من المشاكل على مستوى السفارات والجانب اللوجستي وأيضا توجد مشكلة التأشيرة للتحرك ولأننا لسنا ممثلين في كل مكان يجب علينا احيانا القيام برحلة قبل الرحلة للحصول على التأشيرة.
وهنا، أعتقد أنه يجب أن نبدأ بأسهل سؤال يمكن القيام به وربما تتطلب هنا اللوجستيات الكثير من المال لذلك يجب معالجتها ولكن من الضروري معالجة الأسئلة عن الحوكمة أيضًا لأن الأسواق الأفريقية ليست مفتوحة ويجب القول ان هناك دائمًا رابطة بين المستثمر المحلي والمستثمر الأجنبي وجميع البلدان حاليا بصدد تعديل تشريعاتها الخاصة بالاستثمار لجعل التشريعات مفتوحة.
وفي نفس الإطار اريد القول ان الأشياء قد تغيرت في السنوات الأخيرة وتغيرت بسبب القطاع الخاص. فالقطاع الخاص ذهب وغامر في افريقيا لأنه ذهب في وقت لم تكن فيه الأمور سهلة في افريقيا و أؤكد هنا على ضرورة المساعدة لان هناك مشاكل لوجستية ومشاكل تمويل، فاليوم عندما نرى الصينيين والأتراك نرى انهم قاموا بتمويل المؤسسات وتدعيم الجانب اللوجستي في افريقيا فلماذا لا نقوم اليوم بتقديم منحة للخبراء المتوجهين لإفريقيا كما قمنا بذلك للتشجيع على التصدير فنحن اليوم نصدّر الادمغة فعوض ان نقوم بتصديرها الى أوروبا ولا يمكننا استعادتها، نصدرها الى افريقيا وتأتي استثمارات من ورائهم لذلك يجب تدعيمها.
واعتقد هنا ان من بين القطاعات التي يمكن ان نستثمر فيها في افريقيا هي قطاع الصحة وقطاع الأغذية الفلاحية وقطاع الصيدلة أيضا وكذلك قطاع التكنولوجيا ولدينا شركاء جيدين عالميين يمكن ان نذهب معهم الى افريقيا التي هي بحاجة الى كل هذه الخدمات كالسياحة والتعليم العالي والصحة.
ويتمثل المشكل هنا اننا موجودون وسط افريقيا وفي نفس الوقت نحن بعيدين جدا عنها لأنه لا توجد طرق تؤدي لإفريقيا فنحن اليوم لم نخلق التآزر والتعاون فيما بيننا.
وصحيح هنا انه يمكننا التقدم في افريقيا ولكن تقدمنا سيكون بخطى بطيئة فنسبة مبادلات تونس مع افريقيا مثلا تبلغ 2.4 بالمائة فقط من مبادلاتنا التجارية ككل وبما اننا نريدها ان تصبح 10 بالمائة بحلول سنة 2030 يجب علينا القيام بالاستثمار الى جانب ضرورة انشاء خط بحري يساعد على التواصل بيننا وبين افريقيا.
وفي هذا الإطار اريد القول اننا توجهنا فعلا لإفريقيا ولكننا ذهبنا بخطى ثقيلة اذ يوجد العديد من الممثلين الاقتصاديين او المستشارين بصدد التوجه لإفريقيا اما انطلاقا من تونس او من بلدان أخرى ويوجد أيضا منتوجات مصدرة تذهب الى بلدان أخرى ثم تستقر في افريقيا لذلك امامنا اليوم الكثير مما يجب القيام به في اللوجستيك و اكثر في تامين المبادلات لذلك اليوم يجب العمل على التامين والتمويل وتدعيم اللوجستيات ولكن أيضا على شيء من الحرية فاليوم اذا كان لدي مبلغ من العملة الصعبة وأريد الاستثمار في افريقيا فلماذا تجعل المستثمر يقوم بإنشاء مؤسسة في الخارج ومن تلك المؤسسة يستثمر في افريقيا ولا يدخلون في الاحصائيات ولا يتم اعتبارهم كشركات تونسية في الوقت الذي هو تونسي مائة بالمائة.
وفيما يخص تظاهرة ” ازدهار افريقيا ” فانا اعتبرها المبادرة الثالثة لان المبادرة الأولى هي انه لدينا اليوم التزام وطني ودولي لقدرة التأثير على القدرة العالمية على افريقيا لأنهم يعرفون ان افريقيا يوجد بها مليار و 200 مليون مواطن والذي سيتضاعف بحلول سنة 2050 وهم شباب سيستهلكون ولديهم طاقة استهلاك كبيرة فالثروة هنا موجودة والاستهلاك موجود وعلى المبادرات ان تنطلق في العمل وهنا بدأت الصين العمل منذ سنة 2014 بمبادرة طريق الحرير وبعد ذلك لحقت بهم أوروبا Compact with Africa والذي تصدّرته المانيا سنة 2017 واليوم تأتي أمريكا ب Prosper Africa .
ونلاحظ هنا ان العالم يبيّن لنا الطريق الذي هو طريقنا أساسا فمنذ سنة 2014 بدأت المبادرات التي كانت متشابهة قليلا وكلها تمثل رئاسة الدول العظمى التي تبيّن لنا الطريق في حين ان الجميع يعرف ان تونس لديها الكثير من الائتمانات لدى افريقيا.
وفي إطار صالون الساحل الذي سيقام بنياما بالنيجر، اعتقد ان دولة النيجر ليست سوقا لزيت الزيتون واعتقد انه من الضروري اخذ المصبّرات الغذائية لهذا المعرض لأنه توجد فرصة كبيرة امام معجون الطماطم ومعجون الغلال… والتي يمكن استهلاكهم بكثرة مقارنة بزيت الزيتون في بلد فقير ليس في مستوى استهلاك زيت الزيتون.
وفي الختام، اريد القول للمصدرين انه يجب دراسة السوق جيدا فالأسواق لا تتشابه اذ يجب القيام باستهداف الأسواق فكل سوق يجب دراسته ومعرفة المنتوجات التي تتماشى وطبيعته ولا يجب ان نخاف من المخاطر لأنه عندما ندرس المخاطر جيدا يمكننا الوصول والنجاح.