تأسس الإتحاد التونسي للصناعة و التجارة في 16 جانفي 1947 تحت مسمّى « الإتّحاد لنقابات الصنايعية و صغار التجار بالقطر التونسي « و تغير إسمه في ثاني مؤتمر له سنة 1948 ليأخذ التسمية الحالية , و قد تداول على رئاسته من 1948 إلى 1988 كل من السادة : محمد شمّام – محمد بن عبد القادر – الفرجاني بالحاج عمّار – عز الدين عاشور ثم الفرجاني بالحاج عمّار من جديد إلى أنّ خلفه الهادي الجيلاني من سنة 1998 إلى حدود 19 فيفري 2011 حين أجبر على الإستقالة بسبب علاقاته مع الطرابلسية أصهار المخلوع , لتخلفه وداد بو شمّاوي على رأس الإتّحاد إضافة لترأسها غرفة أصحاب الأعمال لتكون أوّل إمرأة عربية ترأس هذه المنظمة التي تضم كل رجال الأعمال و الصناعيين و التجار , فإنتماءها إلى عائلة عريقة وثرية لها باع في مجال الأعمال خاصة بمجالات النفط ساعدها رغم الرفض و التشكيك في أهليتها لهذا المنصب و المقاربة الموضوعة بين الحق و الإستحقاق حيث إعتبرها البعض رمز من رموز الفساد و أعتبر وصولها لهذا المنصب إستيلاء بطرق غير شرعية على هاته المنظمة, إذ أنّ السيدة وداد بو شماوي أسقطت على هاته المنظمة سنة 2006 رغم عدم إنخراطها و عدم توفر الشروط الضرورية للترشح في مخالفة صريحة للقانون الدّاخلي , ممّا أدخلها في مواجهة مباشرة مع حمادي بن سدرين الذي إعتبر أنّ منعه من الترشح لإنتخابات 17 جانفي 2013 على خلفية تولّيه لمناصب صلب التجمّع المنحلّ قرار جائر لأنّ عضويته في مجلس المستشارين في العهد السابق كان خدمة للمنظمة و نقابييها .
ورغم ذلك أظهرت الرئيسة الجديدة من الحزم و القدرة على المسك بزمام الأمور ماجعلها تنال شرعية قوية و تفرض نفسها كقدر محتوم على الجميع و إستطاعت أن تكبح جماح معارضيها ممّا جعل الرأي العام يهتم بمتابعة أخبارها و الإلتفات إلى كل ما يقال عنها , من ذلك الضجّة التي أحدثها رئيس المرصد التونسي لإستقلال القضاء « أحمد الرحموني « عندما صرّح في ندوة صحفية أّنّ وزير العدل قام بتعيين زوج وداد بو شماوي « طارق شكيوة « كوكيل الجمهورية رغم قلة كفاءته و ماضيه مع التجمع مجاملة لرئيسة الإتحاد التونسي للصناعة و التجارة , إلاّ أنها في شجاعة نادرة تبرأت منه و قالت أنّ العلاقة الزوجية التي كانت تجمعهما إنتهت منذ فترة طويلة بالطّلاق.
ثمّ كانت المفاجأة الثانية بتخليها عن» خليل الغرياني»( الذي ساندها في كل المراحل التي مرت بها داخل الإتحاد ) عضو المكتب التنفيذي و المكلّف بالنزاعات الإجتماعية دون تبرأته من إشاعات الخيانة و علاقاته بالنهضة , ثمّ قررت وداد بوشماوي أنّ الهياكل الموجودة في الإتحاد لا تمثّل الألاف من منخرطيه و أنها هياكل أنتخبت قبل الثورة, و بدأت في إعادة مؤتمرات الهياكل وهو ما عرف خروقات كبيرة تصدت لها بعض المحاكم على غرار مدنين و صفاقس بأحكام إستعجالية في ضل ما عرفته تلك المؤتمرات من غياب لأبسط أبجديات المحاسبة و الديمقراطية تمظهر في مؤتمر صفاقس الجهوي للإتحاد الذي عقد دون نصاب قانوني كما عرف إخلالات هيكلية و إجرائية, ثمّ فوجأ الرأي العام بإستماتت رئيسة منظمة الأعراف في ترشيح السيد» مهدي جمعة» لرئاسة الحكومة و هو نفس الشخص الذي كان يوقع تصاريح الأبحاث و التنقيب لصالح عائلة بوشماوي عندما كان على رأس وزارة الصناعة , ممّا أدخل الشكّ في النفوس أن يكون الدعم الّذي وجده ثمرة تفاهم ورعاية مصالح بين الطرفين , إذ أن شركة HBS
( الهادي بوشماوي و أولاده) تملك ترخيصا لاستخراج النفط في رخصة « شمال مدنين» رغم أن الحقل ينتج منذ 10 سنوات و هي فترة أطول مما تتطلبه مدة الإنتاج التجريبي و على الرغم من هذا التجاوز فقد جددت وزارة الصناعة ترخيص البحث و التنقيب لشركة HBS إضافة إلى الموضوع المثار أخيرا في قضية MEDEX الهولندية ( حقل زعفرانة ) .
إن كل الظروف التي حاقت بتواجد وداد بو شماوي على رأس واحدة من أعرق مؤسساتنا و أهمها يلفها الغموض و تطرح الشكّ عن الدور الحقيقي الذي تجندت له و جندت بالتالي هاته المؤسسة العريقة التي عرفت شبه إستقلال بعد الثورة المجيدة لكن إلى حين حيث يسود الإعتقاد الآن لدى كل منخرطي الإتحاد التونسي للصناعة و التجارة أنّ المحيط و الظروف كلها مهيأة لولادة دكتاتورية جديدة ممثلة بالسيدة بوشماوي لإرجاع الإتحاد الذي ظنّ منخرطيه أنه إستقلّ عن منظومة التواطئ مع ماكينة الحكم , قد صارت واقعا ملموسا بعد أن أعطت الرئيس المثال بترئسها للجنة الدفاع عن الهادي الجيلاني إذ تباينت و تناقضت الشعارات لدى رئيسة الإتحاد بين المطالب الثورية و حماية المصالح العائلية و مازال ماثلا بين أعينهم و في عقولهم « خليل الغرياني» أي الصمت و السلامة أو الإحتجاج و التهميش , و إخفائها كل علاقاتها بصخر الماطري و المحافظة على نفس اللوبي الإقتصادي الفاسد لإعادة المنظومة القديمة صحبة نائبها و المرافق لها على الدوام هشام اللومي و هو ما يؤكد الإعتقاد بعودة الدكتاتورية صلب واحدة من أرقى منظماتها .
الشاذلي الهمامي