جريدة الخبير

هناك امكانية لاستقرار قيمة الدينار التونسي

السيد محمد صالح سويلم: مدير عام سابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي

منذ بداية السنة كان هناك شبه استقرار للعملة الوطنية بعد ما شهدنا طيلة الثماني سنوات الماضية خاصة عند الانتقال الديمقراطي الذي عاشته البلاد  ارتفاع نسق انحدار الدينار من سنة الى اخرى و هذا كان خاصة في سنتي 2017 و 2018 اللتان عرفتا شبه انهيار للدينار التونسي .
و في الحقيقة اليوم هناك انتعاش للدينار التونسي اذ انه هناك شبه استقرار للدينار مقابل الدولار الامريكي اذ أتممنا في 31 ديسمبر 2018 اقل بقليل من ثلاثة دنانير فالدولار يعادل 2994 مي و في 24 أفريل 2019 وصل الدولار لما يعادل 2993 مي و هو يعتبر استقرار لم نشهده منذ ما يقارب الأربعة أشهر.
و قد تحسن الدينار التونسي ايضا مقابل الأورو ففي 31ديسمبر 2018 كنّا في 3427 مي و في 24 أفريل 2019 اصبح ما يعادل 3366 مي و هنا مقابل الأورو فهناك تحسن إذ ارتفع الدينار بنسبة 1%. و الوضعية الطبيعية هنا تتمثل في انه لما سعر صرف الدينار يعكس التقلبات و التغيرات على أسواق العملات العالمية فإذا انخفض الأورو مقابل الدولار يجب هنا اذا كان سوق الصرف يشتغل بصفة طبيعية ان ينخفض الأورو مقابل الدينار.
و هنا يجب الإشارة الى ان انحدار الدينار كان اكثر من اللزوم و اكثر مما تمليه علينا الدعائم و القوانين الاقتصادية و في سعر الصرف هناك عدة عوامل متداخلة منها العوامل الاقتصادية المتمثّلة أساسا في عجز الحساب الجاري و عجز الميزانية و انخفاض نسبة النمو و نسبة الفائدة… و كل هذا يعرف بمحددات سعر الصرف. و كل هذه المؤشرات تبين ان الدينار يلزمه الانحدار و لكن ليس بهذه الكيفية لأنه في حدود 31 ديسمبر 2018 خسر الدينار التونسي نسبة 52% من قيمته مقابل الدولار الامريكي و خسر تقريبا نسبة43% مقابل الأورو و ما يقارب 46% مقابل الدرهم المغربي و اضافة الى ذلك خسر الدينار التونسي اكثر من 35% مقابل الوقية الموريطانية و كذلك مقابل الدينار الجزائري، فالاقتصاد التونسي برمته و بكل ما فيه من توترات و تقلبات و عدم استقرار سياسي و اجتماعي لا يجب ان يوصلنا الى هذا المستوى و يعني هنا انهيار الدينار مقابل جل العملات المسعرة تقريبا.
و في هذا ألإطار ارى انه هناك قناعات لدى السلط النقدية و الحكومة و العموم و حتى لدى صندوق النقد الدولي بأنه هناك امكانية لاستقرار قيمة الدينار و بالرجوع الى البيان الذي اصدره الصندوق الدولي لا نجد تصريحا على ان سعر الصرف الدينار فيه مغالاة ففي السابق كان يتم الإشارة دائما الى ان الدينار فاق قيمته ب 10 او 15% و لكن لم تتم الإشارة أبدا آلو اي سعر صرف يجب الوصول اليه او تحديد الهدف الواجب الوصول اليه لسعر صرف التوازن.
و هنا ارى ان المؤشرات اليوم تمثل معطى إيجابي و أنا في الحقيقة لست مع سياسة صرف الدينار ففي أفريل 2012 تم ترك الدينار فقد كنّا نعتمد على سلة فأصبحنا نعتمد على العرض و الطلب و لكن هل قمنا اولا بدراسة و تأكدنا انه هناك توازن بين العرض و الطلب في العملات الأجنبية و للأسف هنا لم نقم بذلك لأنه لا يوجد عرض للعملات الاجنبية هذا هو السبب الرئيسي للانهيار المفرط للدينار لان العرض يأتي في العادة من المصدرين و لكننا في سنوات القوة الاقتصادية اعطينا للمصدرين تحفيزات و تشجيعات و بينا لهم انهم لا يمكنهم طبع العملة الصعبة لأنه لا يوجد اجبارية بيعها لذلك لا يتم بيعها على مستوى سوق الصرف خاصة عندما يعلمون انه لهم حرية الاختيار بين سعر صرف الدينار و الاحتياط من العملة الاجنبية فيتم اختيار الاحتياطي و كان المستوى الاحتياطي من للعملة الاجنبية أصبح الهدف بينما هو الوسيلة .
و بالنسبة لتوقعات انتعاش السياحة لهذه السنة و توقعات موسم فلاحي ناجح، فهذه مؤشرات إيجابية تجعلنا نتفاءل لأننا نتحدث عن عرض و طلب و الطلب كان دائما متزايدا بالنسبة للعملات الاجنبية و أنا ارى انه بالنسبة للطلب عندنا تأتينا صابة حبوب مثلا تخفض التوريد و بالتالي تخفيض الطلب على العملات الاجنبية و كذلك مشروع غاز الجنوب و الذي حسب قول وزير الطاقة سيدخل طور الانتاج في جوان 2019 و هذا المشروع من شأنه ان يزيدنا 20% من انتاج الغاز و بالتالي تخفيض استيراد الغاز من الجزائر و بالتالي نقص الطلب على العملات الصعبة.
و بالنسبة للعرض، و باعتبار اننا على أبواب موسم سياحي ممتاز، فهناك عملات اجنبية ستدخل اضافة الى عودة المواطنين التونسيين من الخارج.
و اليوم نسبة الفائدة العالية الموجودة على سندات الحكومة فمعدل العائد بلغ نسبة 9,5% و كذلك هناك تحسن في الاقتصاد و الذي من شأنه أن يجعل الأسهم التونسية جالبة للمستثمرين الأجانب سواء كان استثمار مباشر او غير مباشر فبطبيعة الحال سيتم جلب العملة الاجنبية و بيعها على سوق الصرف و بالتالي زيادة عرض العملة الاجنبيةو هو ما يؤدي الى تخفيض الحدة المجعولة على الدينار التونسي.

index

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *