جريدة الخبير

هل تكون للشاهد الشجاعة و الجرأة الكاملة لفضّ ملف الدعم؟

youssef

 كشفت دراسة حول منظومة التعويض أنّ الأسر الميسورة تنتفع بالدّعم أكثر من العائلات الفقيرة، إذ يحصل الفقراء، الذين يمثلون 15.5%من إجمالي المتساكنين، على 12.2% من الدعم، فهل تكون للشاهد الشجاعة و الجرأة الكاملة لفضّ ملف الدعم؟!!

يعتبر ملف الدعم من أهم الملفات التي أثارت جدلا واسعا لدى الأوساط الاجتماعية على اختلافها، إذ أن الأرقام التي قدمها المعهد الوطني للاستهلاك تشير إلى أن الأسر الميسورة تنتفع بالدعم أكثر من العائلات الفقيرة، إذ يحصل الفقراء الذين يمثلون 15.5 %من إجمالي سكان تونس على 12.2 %من الدعم، فيما تذهب أغلبية الدعم إلى العائلات الميسورة والمؤسسات والنزول السياحية وأصحاب محلات المرطبات والمخابز، على الرغم من أن منظومة الدعم غير موجهة إليهم عند انطلاقها.

فمصانع الحلويات والبسكويت والشوكولاتة والمعجون والمشروبات والعصائر وغيرها من المواد المرطبة، وكذلك المؤسسات السياحية من مقاهي و نزل و مطاعم، تستعمل السكر المدعم و أحيانا الزيوت النباتية والخبز والعجين الغذائي والسميد والطماطم والحليب ومياه الشرب في نشاطها، و هي تجني من وراء ذلك الأرباح على حساب ميزانية الدولة.

كما أن أغلب المؤسسات الصناعية والتجارية والفلاحية والسياحية وشركات النقل تستعمل المحروقات المدعمة في نشاطها أيضا لكنها تجني بدورها الأرباح من وراء ذلك… و رغم الجهود المبذولة نشهد غياب رؤية حكومية واضحة لمعالجة التحديات التي يواجهها ملف الدعم، والتي تفاقمت بشكل كبير منذ سنة 2010، و من أهم التحديات أزمة صندوق الدعم المتمثلة خاصة في تكلفته المالية العالية، وكذلك في عدم وصول الدعم إلى مستحقيه بصفة آلية وعادلة، حيث أظهرت الإحصائيات أن ميزانية الصندوق العام للتعويض في تونس تجاوزت الضعف ما بين سنة 2010 و2017، ومرت من 730 مليون دينار تونسي إلى 1605 مليون دينار تونسي وهو ما يعكس عجز السلطات على التحكم في مصاريف الصندوق.

من جهة أخرى، ووفق خبراء في المجال الاقتصادي، فقد أدى ارتفاع أسعار المواد المدعمة كالحبوب بأنواعها بالأسواق العالمية و تراجع صرف الدينار التونسي وزيادة تكاليف الإنتاج والتوزيع وتنامي الكميات المدعومة وتزايد عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة، إلى مزيد من الضغط على كاهل هذه المنظومة بالنفقات، و مع ذلك تسعى الحكومة إلى الإبقاء على أسعار كل المواد المدعمة مجمدة لعدة لسنوات، خشية تأثيرها على الوضعية الاجتماعية للعائلات الفقيرة، فلا يمكن التخلي عن منظومة الدعم ما دامت نسبة الفقر والبطالة مرتفعة ، حيث تهدف سياسة دعم المواد الغذائية في تونس، إلى إعادة توزيع الدخل الوطني والمحافظة على المقدرة الشرائية للفئات الضعيفة وتوجيه منظومة الدعم نحو مستحقيه، فيما تعمل عدة هياكل على إيجاد الحلول المناسبة لترشيد نفقات صندوق الدعم من خلال عمليات الإصلاح المتواصلة.

في هذا الإطار، يطالب كثيرون بحلول تكون أكثر نجاعة في مجال أسعار المواد المدعمة و تنتفع منها بشكل فعلي وناجع الطبقات الفقيرة والمتوسطة على غرار خلق أصناف جديدة من المواد تكون موجهة للاستعمال الصناعي والتجاري مثل ما حصل ذلك بالنسبة للزيت النباتي والفارينة.

فمثلا يمكن تخصيص أنواع معينة من السكر والحليب والبنزين وغيرها تكون موجهة للاستعمال الصناعي والتجاري أي موجهة للأنشطة الربحية ويقع بيعها بأسعار أرفع نسبيا من الأسعار التي تباع بها الأصناف الموجهة للاستهلاك العائلي، وبذلك يمكن مزيد تنظيم قطاع المواد المدعمة وتوجيه الدعم فقط نحو مستحقيه.

أمام كل هذه التحديات هل تتمكن حكومة الشاهد من إتباع الإصلاحات اللازمة لفض ملف الدعم، و قطع الطريق أمام لوبييات الفساد المسيطرة على مسالك المواد الأساسية و المدعمة؟ و تتمتع بالشجاعة و الجرأة المطلوبة لتوجيه الدعم فقط نحو مستحقيه؟.

أخبارأخبار الاقتصاد التونسيسياسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *