استضاف برنامج «l’expert» الذي يبث على قناة « تونسنا « السيد هشام عجبوني الخبير المحاسب و عضو المكتب التنفيذي لحزب التيار الديمقراطي لمناقشة موضوع التحوير الوزاري الأخير و انعكاساته على الجانب الاقتصادي و فيما يلي نص الحديث :
بما ان هناك تحوير وزاري فان ذلك يعني الإقرار بالفشل و عدم النجاح و لا يمكن ان نعتبر هذا التحوير تحسين لان المؤشرات الاقتصادية كلها سلبية و بدون استثناء فالبرنامج الانتخابي الذي وعدت به الحكومة لم يتحقق و تقريبا لم يتحقق اي منها و المتمثل بعضها في توفير 25 الف مليار استثمارات سنويا و96 الف موطن شغل سنويا و قروض الزواج دون فائدة و الوعد بالعديد من الوعود التي لم يتحقق منها شيء.
و نحن هنا ليست لدينا مشكلة في الأشخاص و إنما في التصور فالمفروض ان رئيس الحكومة هو «قائد هذه السفينة» لديه برنامج على خمس سنوات و لديه رؤية و تصور و مشروع لتونس و من المفروض جلب الأشخاص القادرين على تحقيق هذه الرؤية و الاشكالية هنا تتمثل في غياب التصور و غياب المشروع فلا احد يعرف أين ستصل تونس في خمس سنوات اقتصاديا و اجتماعيا و هنا ثمة احتقان كبير.
و في غياب هذا التصور القيام بتغيير شخص معين بشخص أخر لا يحل الاشكالية و الحل هنا يتمثل في مراجعة السياسة فرئيس الحكومة ليست لديه خصائص القائد فالمعروف ان رئيس الحكومة لديه 80 ٪ من الصلاحيات التنفيذية و لكن للأسف التحوير الوزاري الأخير اثبت ان قصر قرطاج هو الذي يسيطر على الحكومة و على التسميات و كما حدث في الحكومة الاولى و الثانية ؛ فالأولى هي الحكومة التي لم تعرض على المجلس النيابي و الحكومة الثانية هي الحكومة التي حكمت اقل من سنة و صار فيها تحوير وزاري . لماذا هذا التحوير ؟ ماهي الأسباب ؟ هناك تقييم وزاري ام لا؟ هذا الشيء الذي لم يعرفه احد.
و هنا جاءت التحويرات الحكومية لإعادة توزيع « الكعكة « و اعادة انتشار هذه الأحزاب و سيطرة قصر قرطاج الذي قام بهندسة هذه التغييرات و مكافأة و ترضية الشق الذي ساند ابن الرئيس فعندما نجد رئيس هيئة الثلاثة عشر اصبح وزيرا و الذي هو بالأساس مهندس فلاحي و نجده في الجماعات المحلية فان هذا الامر مكافأة و في نفس الوقت تحضير للانتخابات البلدية فعندما نضع شخصا قريبا من ابن الرئيس فذلك له تداعيات سياسية. اضافة الى ترضية حركة النهضة بإبعاد وزير الشؤون الدينية و كذلك تعيين السيد نجم الدين الحمروني من الصحة الى مستشار لدى الرئيس مكلف باليقظة و الاستشراف و كذلك تكليف شخص اخر بالحكومة و مقاومة الفساد و هنا عرف رئيس الحكومة بعد عام ان الفساد منتشر في البلاد و يجب احداث وزارة لمقاومته رغم ان كل التقارير الدولية تؤكد ان تونس تخسر سنويا نقطتين نمو جراء الفساد و نقطتين من جراء اللاحوكمة اي خسارة اربع نقاط سنويا تقريبا احداث 60 الف موطن شغل .
و بالنسبة لوزارة التجارة فهي حالة اخرى فالوزير الذي حقق تقريبا أهدافه و حافظ على نزول التظلم من خمسة بالمائة الى أربعة فاصل اثنين بالمائة بدون ان نعرف اي شيء وقع ابعاده و تعويضه بوزير تتعلق به شبوهات فساد و هذا أقوله على مسؤوليتي.
و هناك جانب سياسي اخر و يتمثل في دعم الاتحاد الوطني الحر و محافظته على وزراءه اضافة الى زيادته وزارة اخرى و اصبح لها أربعة وزارات و ذلك لأهداف سياسية ربما لقطع الطريق على شق محسن مرزوق لتحالفات سياسية او نيابية مقبلة لأنه تم طرح مسالة ان الاتحاد الوطني الحر كان سينسحب من الحكومة في فترة ما ربما هذا الضغط جعل ال16 نائبا لا يلتقون مع المجموعة المستقيلة.
هذا التحوير الوزاري لم يكن مبني على مشروع او رؤية لتونس و إنما على ترضيات و توازنات الرباعي الحاكم و نحن نتمنى النجاح لهذه الحكومة ففي نجاحها نجاح لتونس و لكن عوامل النجاح بصراحة غير متوفرة اذا ما استمرت هذه السياسات.
و أنا شخصيا ارى انه من الصعب جدا ان تكون هناك انتعاشة اقتصادية فمثلا وزير النقل بعد كل المشاكل التي صارت في وزارة النقل تم تعينه في وزارة الشؤون الاجتماعية فقد كان من المفروض ابعاده بعد فشله في تحقيق أهداف الوزارة تم تعينه على راس وزارة الشؤون الاجتماعية.
و نحن هنا لا نزايد على الحكومة و لا نلومها على انه لم يتم تحسين الظروف بصفة كبيرة لان الوضعية صعبة و المشاكل الهيكلية كبيرة جدا و تتطلب حلول هيكلية و العديد من الوقت لانه لا يوجد إرادة لتغيير او مقاومة الفساد فأين مقاومة الفساد في هذه الحكومة رغم انها عملية سهلة ترجع الثقة بين الحاكم و المحكوم التي هي أصلا غير موجودة فكيف تريد من الإفرازات تضحي و انت كشخص او حكومة لا تعطي المثل.
و هنا نتمنى ان تكون سنة 2016 أفضل من سنة 2015 و لابد من التفاؤل فمستقبل تونس لا يمكن ان يكون اسوء من ماضيها و هنا لابد من العمل و العمل المتواصل و لا يمكن ان نلوم الحكومة فقط بل كذلك التونسي الذي يجب ان يضحي و يواصل العمل و لكن قبل ذلك لابد من اعادة الثقة بين الحاكم و المحكوم.
نجوى السايح