احتفلت بلادنا يوم 9 ديسمبر ب2014 باليوم العالمي والوطني لمكافحة الفساد، وبهذه المناسبة فإن النقابة الوطنية لمستشاري المصالح العمومية، وبعد استعراضها لواقع منظومة التصرف والتسيير العموميين وترتيب تونس في مجال مدركات الفساد، تعبر للرأي العام والسلط السياسية عن ما يلي :
- انشغالها العميق من الانعكاسات السلبية التي تنجر عن هذا التراجع في ترتيب مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، وخاصة في ما يتعلق بتفويض الثقة في الإدارة والأعوان العموميين من قبل المتعاملين معهم من مواطنين ومستثمرين ومؤسسات وطنية ودولية.
2. رفضها المطلق للسياسات المسقطة في التعامل مع ملف إرساء مقومات الحوكمة ومكافحة الفساد في تعارض مع مبدأ التشاركية في وضع التصورات وصياغة الاستراتيجيات.
3. استغرابها للإصرار على اعتماد مقاربة مبتورة في مجال إرساء الحوكمة في القطاع العمومي وذلك من خلال إغفال مقتضيات التصرف الإداري الحديث وضرورة إصلاح منظومات التصرف والتسيير والرقابة وتطويرهما بما يتلاءم مع المعايير الدولية في هذا المجال.
4. انشغالها لعدم صدور استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد حتّى الساعة على الرغم ممّا تمّ من أعمال تحضيرية منذ سنة 2012.
5. قلقها من الغموض الذي يشوب عدم تنظيم المؤتمر العالمي السادس عشر ضدّ الفساد والذي كان من المزمع عقده بتونس سنة 2014 وانعكاس ذلك على ثقة الشركاء الدوليّين في مدى احترام بلادنا لتعهّداتها وعلى ثقة المواطن في إصرار دولته في التعامل بجدّية مع معضلة الفساد.
6. تسجيلها لعدم صدور القانون المتعلق بالنفاذ إلى المعلومة على الرغم من النقائص والثغرات العديدة التي تشوب المرسوم 41 لسنة 2011 والمتعلق بالنفاذ إلى الوثائق الإدارية، وعدم إصدار نصّ قانوني متعلق بخلايا الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وعدم تعميمها على كافة الهياكل والتغافل عن ضبط مهامها بشكل دقيق وفعّال.
7. انتقادها للتفاوت بين المبادرات المعلن عنها في إطار شراكة الحكومة المفتوحة، من جهة، وغياب المعلومات بهذا الخصوص وضعف الانخراط في المنظومات الالكترونية ذات العلاقة، من جهة أخرى، وهو ما من شأنه أن يجعل من هذه المبادرات شعارات جوفاء.
وتبعا لذلك، تعبّر النقابة الوطنية لمستشاري المصالح العمومية عن ما يلي:
1. دعوتها الحكومة إلى تغيير التمشي المعتمد في وضع الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالحوكمة ومكافحة الفساد في اتجاه احترام أكبر لمبدأ التشاركية وإدراج إصلاح منظومتي التصرف والتسيير ضمن أوكد الأولويات، وتجديد دعوتها في هذا الإطار إلى التفاعل إيجابيا مع المقترحات التي رفعتها النقابة في السابق للحكومات المتعاقبة بعد الثورة.
2. دعوتها الحكومة إلى ضرورة الفصل بين مهام التفقد ومهام الرقابة والقضاء، من جهة، والوظائف المتعلقة بالتصرّف والتسيير، من جهة أخرى، لتفادي وضعيّات تضارب المصالح.
3. دعوتها الحكومة إلى المراجعة الشاملة و المتكاملة لمنظومتي التوظيف والتأجير العموميين لما خلقتاه من تفاوت بين الأسلاك التي لها نفس الشهائد العلمية ممّا أفرز احتقانا وشعورا بالضيم لدى الأعوان العموميين، وخاصّة منهم المنتسبين إلى سلك مستشاري المصالح العمومية ، ووضع معايير موضوعية تحترم الكفاءة ومبدأي العدل والإنصاف وتتلاءم مع المعايير الدولية في المجال.
- دعوتها الحكومة إلى معالجة حالة الفساد الكبرى المتمثلة في إهدار المال العام بسوء توظيف الإطارات الإدارية العليا، وخاصة منهم منتسبي سلك مستشاري المصالح العمومية، في مخالفة واضحة لروح ومقتضيات الفصل الخمس عشر للدستور التونسي والاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها تونس في مارس 2008 وخاصة المادة السابعة (7) منها.
5. دعوتها مجلس نواب الشعب إلى الإسراع في تركيز الهيئات الدستورية، وخاصة منها هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.
6. دعوتها كافة أفراد المجتمع إلى عدم التسليم بحتمية الفساد في تيسير قضاء شؤونهم الخاصة وحثهم على التحلي بالروح الحضارية والمسؤولية المجتمعية وعلى تربية الناشئة على النزاهة والاستقامة في سلوكهم اليومي.
وتذكر النقابة في الأخير إلى أنها ستواصل الدفاع عن تطوير المصالح العمومية، بصفة عامة، وعن المطالب المشروعة لمستشاري المصالح العمومية، بصفة خاصة، وأنها لن تّدخر أيّ جهد في دفاعها عن المبادئ النبيلة وفي تعاملها مع مؤسسات وهياكل الدولة.
صفاء الرمضاني