جريدة الخبير

ندوة وطنية حول واقع المؤسسة الصغرى والمتوسطة في تونس: دراسة شاملة شخصت وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسّطة

couverture

نظمت «كونكت» ندوة وطنية بالتعاون مع مكتب «وان تو وان» للبحوث والاستطلاعات، لعرض ومناقشة دراسة ميدانية أعدّتها حول واقع المؤسسة الصغرى والمتوسطة في تونس خلال الفترة الممتدة بين 27 جانفي و17 فيفري 2017 لتشمل 540 مؤسسة موزعة على 24 ولاية في قطاعات اقتصادية مختلفة.

وحضر هذه الندوة اعضاء من الحكومة وخبراء وأصحاب مؤسسات وممثلي الهياكل ذات العلاقة وذلك بهدف تشخيص وتقييم واقع المؤسسة وأهمّ التحديات والصعوبات التي تواجهها في ظلّ وضع اقتصاديّ واجتماعيّ صعب.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع استجلينا آراء بعض الحضور وجاءت إجاباتهم كما يلي:

طارق الشريف (رئيس منظمة «كونكت»)

tarekهذا اليوم جدّ متميّز بالنسبة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتطلّب اعداد هذه الدراسة سنتين وقد شملت 540 مؤسسة من كامل أنحاء الجمهورية مكّنتها من فهم مشاكل وآفاق المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تمثّل أكثر 90 بالمائة من الاقتصاد التونسي ونحن كمنظمة كونكت نهتم بهذه الشريحة من المؤسسات بالبحث في مشاكلها وطلباتها وانتظاراتها ونعمل على تحسين وجودها في بلادنا وبالتالي تحسين الاقتصاد وتوفير اكثر ما يمكن من فرص عمل وخلق ثروة في تونس.

إنّ الدراسة التي وقع عرضها جدّ مهمة فقد بيّنت أنّ المؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية تتحكم نسبيا في مختلف مكونات التصرف الداخلي غير أنه يتعين تحسين مناخ الأعمال الخارجي من أجل ضمان نفاذ المؤسسات إلى سبل التمويل والأسواق المحلية والدولية وكذلك تحسين المهارات ومستوى تكوين الموارد البشرية.

وقد أفضت هذه الدراسة الميدانية إلى وضع مؤشر قيس أطلق عليه إسم «مقياس» للتعرف على واقع صحة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية، ويتعلق الأمر بأداة ستمكّن السلطات المعنية ورؤساء المؤسسات وأوساط التمويل ومنظمات الدعم من تشخيص محيّن وذي مصداقية لوضع المؤسسات وتطوّرها واتجاهاتها المستقبلية.

إن هذا المقياس الذي سيتم تحيينه كل سنة سيكون مرآة عاكسة لنشاط المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ولن يكون ثابتا، إذ يمكن أن يدمج مؤشرات أخرى وفق حاجيات ومتطلبات البيئة المتغيرة باستمرار وبسرعة، ولابدّ للمختصين والخبراء والمهنيين الحاضرين من المساهمة في إثراء هذا المقياس.

ويهدف ذلك الى قيس تأثيرات التحولات الوطنية والجهوية ومقدرة هذه المؤسسات على خلق الثروة وإحداث مواطن للشغل وكذلك مساهمتها في مسار التنمية الاقتصادية.

واستنادا إلى «مقياس 2017» فإن جل المؤسسات الصغرى والمتوسطة لا تتوفر على مناهج لتقييم حصصها في السوق وأنّ العديد منها قد جابهت مشاكل تمثّلت في نقص التنافسية وتوقّف مسترسل للإنتاج بالاضافة الى رفض طلبات قروض وعدم تلاؤم مهارات اليد العاملة المتاحة في السوق مع حاجات هذه المؤسسات إضافة إلى مختلف نقاط الضعف المتصلة بالتموقع الجغرافي في الجهات الداخلية للبلاد.

كما أظهرت الدراسة فيما يهم أداء المؤسسات الصغرى والمتوسطة، اكتساب هذه الأخيرة لاستعداد للتجديد في سنة 2016 مع تطور ملموس في اللجوء إلى تقييم أعوانها وصعوبة الفوز بحرفاء جدد.

رغم الصعوبات التي تواجهها المؤسسات الصغرى والمتوسّطة إلاّ أنها لم تفقد الامل في المستقبل إلاّ أنها لديها تخوّفات من السوق التونسية والمناخ الاقتصادي بتونس أي أنها متخوّفة من الدخول في السوق التونسية والخارجية بالاضافة الى موضوع التمويل خاصة في المطروحة اعداد مواردها البشرية وتكوين إطاراتها.

من المواضيع المهمة المطروحة أنّ المؤسسة التونسية لم تعد ترتكز على ليبيا مثلا وعلى السوق الليبية وهي تبحث عن أسواق اخرى بالخارج إضافة الى السوق الداخلية وهذا دليل على امكانية اندماج المؤسسة الصغرى والمتوسطة وهو عنصر قوّة لذا لابدّ من تضافر الجهود بين الدولة والفاعلين الاقتصاديين للمحافظة على استمرارية هذه المؤسسات وبالتالي جعلها مواكبة للتطوّر لذا لابدّ للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن تجد موقعها في السوق الاقتصادية ولا تضمحل بل لابدّ من انشاء مؤسسات جديدة بالجهات وبكل المدن وهو برنامج جديد يعتمده المقياس المشار اليه الذي وضعناه والذي سيكون سنويّا كما سبق وذكرت كذلك الأمر بالنسبة للسنة المقبلة سنضع مقياس آخر والتعرّف على تطوّرات هذا المقياس ونقائص التي سنستنتجها خلال التقرير القادم لمعرفة كيفية تطوير المؤسسات المعنية والعمل على هذه النقائص والوصول الى الأحسن.

عادل بن حسن (مدير عام الديوانة)

Adel Ben Hassenتطرقت الدراسة بخصوص مناخ الأعمال إلى ما تمثله المنافسة غير الشريفة من تهديد عام وكذلك إلى الانعكاس السلبي الهام سنة 2016 بسبب الأوضاع في ليبيا على المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى جانب التأثير السلبي الكبير للبيئة الصحية والاجتماعية على انتظام حضور الاجراء زد عليه المشكل البارز المتصل بالتعطيلات مع الادارة الجبائية أو الديوانة.

وبينت دراسة «كونكت» أنّ 50 بالمائة من المتصرفين في المؤسسات المستجوبة أفادوا بأنه لا يمكنهم العمل وتحقيق الربح «دون اللجوء إلى الفساد»، بيد أن أغلب مسيري المؤسسات الصغرى والمتوسطة «متفائلون بمستقبل مؤسساتهم» رغم الصعوبات التي يلاقونها.

هناك نسبة أكثر من 17 بالمائة التي تمتثل للاجراءات من المؤسسات الموجودة في تونس، هذا الرقم وان كان منخفضا الاّ أنه لابدّ من مقاومته وذلك يساهم في التعطيلات الديوانية وبالتالي تُواجه هذه النسبة من الشركات في تونس صعوبات على مستوى الإجراءات الديوانية، وفقا لما كشفته دراسة قُدمت نتائجها في هذا اليوم حول «واقع المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس» ولابدّ من التصريح بأنّ المسؤولية في هذه التعطيلات مشتركة لأنه في التركيز على الدراسة التي أقيمت تحدثنا عن الموظفين وفي جانب آخر تحدّثنا عن التجاريين ولم يقع التطرّق الى الشخص الذي يدفع ثمن البضائع بالديوانة خاصة وأنّ التعامل مع الديوانة به عدة تقنيات فعندما يطرأ خطأ في التصريح الديواني ولو في عنصر واحد فقط يصبح التصريح مغلوطا ويلغى وتصبح هناك مخالفة ديوانية لذا وجب على المؤسسات الصغرى والمتوسطة أنها أوّل ما تفكّر فيه هو الانتداب لكن وجب عليها فهم التصريح على البضائع على مستوى الديوانة وهذا بالنسبة للمسؤولية المشتركة بين المؤسسة والديوانة. وبالتالي إنّ المؤسسات الصغرى والمتوسطة تتحمل جزء من مسؤولية تعطيل الحصول على تسريح البضائع، كما أنّ الموظفين ببعض الشركات غير قادرين على تعمير الاستمارات بشكل صحيح وهو ما ينجرّ عنه تعطيلا ديوانيا.

لدينا بالديوانة برنامج تعصير الديوانة الذي انطلق من 2016 ويستمر حتى سنة 2020، وهو يعتمد تألية الاجراءات الديوانية وتأكيد الاجراءات الديوانية الى سنة 2020 وبالتالي فإنّه سيتم رقمنة جميع الإجراءات للتقليص من تعطيلات تصريح البضائع، كما سيتم خلال الفترة القادمة تمتيع الشركات بالتصريح او الاعلام المسبق في مسألة التوريد او التصدير وهذا الاجراء يمرّ بسلسلة متكاملة داخل الديوانة لذا يستوجب ذلك الدقة في تعمير التصريح المسبق مما يساعد على عدم تعطيل خروج البضائع من الديوانة ولابدّ التأكيد على أنّ عمل الديوانة تقنيّ جدّا يعتمد المعلوماتية وأي خطأ يترتّب عنه مخالفات ديوانية وبالتالي يترتّب عنه التعطيل.

بما أننا قمنا بالتقليص من الاجراءات ومن الاوراق كذلك على المؤسسة أن تقوم بواجب انتداب أعوان مختصّن في التصريح الديواني كما أننا سهّلنا الاجراءات كثيرا.

يوسف المؤدّب (مدير مكتب «وان تو وان» للبحوث والإستطلاعات)

yousef meddebلقد قمنا بهذه الدراسة مع منظمة كونكت ونحن كمكتب للبحوث والاستطلاعات نهدف الى خلق مقياس سنويّ لمراقبة الارقام كيف تتغيّر باستعمال استمارة موزّعة على المسؤولين الأوائل والمديرين العامين للمؤسسات المعنية والتي أحدثت منذ أكثر من ستة سنوات على الأقل، واحتوت هذه الاستمارة في محاورها تطورات الوضع بالمؤسسة في علاقة بالإنتاجية والانتدابات والمرابيح والولوج للأسواق العالمية وتراجع المردودية ومدى التأثر بمناخ الاستثمار والأعمال في تونس، هذا فضلا على الصعوبات التي تعترض المؤسسة في علاقتها بمختلف الإدارات من ذلك الديوانة والقباضات والبنوك واهم المقترحات الكفيلة بتحسين الإجراءات الإدارية واختصار الآجال.

وتوصلت الدراسة الى نتائج هامة ستضعها المنظمة على ذمة كل المسؤولين وأصحاب القرار والخبراء للاستئناس بها في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المؤسسة على مزيد الاستثمار ورفع كل العراقيل التي تعيق تطورها وانخراطها في الدورة الاقتصادية للبلاد.

وتبيّن لنا من خلال النتائج أنّ رقم معاملات الشركات الصغرى والمتوسطة مختلف لنجد 40 بالمائة منها رقم معاملاتها ارتفع بينما 37 بالمائة من هذه المؤسسات انخفض رقم معاملاتها أمّا البقية فهي تسير على نفس النسق.

كما وجدنا  66 بالمائة من الشركات التي سجلت مرابيح في سنة 2015 لكن هناك 29 بالمائة لم تحقّق مرابيح مع التذكير أنّ الشركة يقع انشاؤها لتسجل مرابيح كما أنّ هناك شركات لم تسجّل مرابيح خلال سنتي 2015 و2016 وهم ما يدلّ على أنها تعاني مشاكل كبرى لابدّ لها من حلول كي لا تندثر.

كما نجد أن الشركات الصغرى والمتوسطة تساهم في الانتدابات في تونس لنجد نسبة انتداب قدرها 2.3 موظّف في العام وإذا قلنا أنّ هناك حوالي 19 ألف شركة فهذا يعني أنّ هناك 43 ألف انتداب جديد سنة 2016 وهذا وإن دلّ فهو يدلّ على وزن الشركات الصغرى والمتوسّطة في الاقتصاد الوطني لكن ذلك لا يمنع مجابهتها للعديد من العراقيل لنجد شركة من اثنين لا يمكنها المواصلة دون الانخراط في الفساد والرشاوي.

من جانب آخر نجد رؤساء من الشركات الصغرى والمتوسطة بنسبة 68 بالمائة يصرّحون بمعاناتهم وقلقهم تجاه السوق الموازية.

ولكن ذلك لا يمنع من وجود نسبة الثلثين من المسيرين المتفائلين بمستقبل شركاتهم والبقية تبحث عن حلول للتأقلم مع الوضع في البلاد.

سامية السماوي (مديرة منطقة بالبنك العربي لتونس)

samia smaouiفي اطار هذا الملتقى قررنا كبنك عربي لتونس أن نقترب أكثر من المؤسسات الصغرى والمتوسطة للتعرف عن مشاغلها وأهم الصعوبات التي تعرضت لها في التمويل ومن المعروف أنّ هيكلة الشركات الصغرى والمتوسطة ضعيفة جدّا ولا تملك مسؤول مالي لنجد أنّ مدير المؤسسة هو الذي يقوم بكل شيء.

يقوم المدير بتقديم ملف للبنك ونحن بدورنا في البنك العربي لتونس نقوم بإعانته على استكمال الملف وبالتالي تكون لديه امكانية أكبر للحصول على القرض. ومن خاصيات المؤسسات الصغرى والمتوسطة أنها حين تقوم بالاستثمار لا تلجأ للقروض الخاصة بالاستثمار بل تطلب قروضا للتصرف والاستغلال وهذا التحويل يخلق لها مشاكل في هيكلتها المالية، ودورنا هنا يتمثّل في اعانتها ونصحها وتوجيهها نحو الاستثمار الصائب والملائم لمتطلّباتها.

في إطار هيكلة البنك بادرنا بإنشاء إدارة خاصة بالشركات الكبرى ولدينا إدارة خاصة بالشركات الصغرى والمتوسطة لأنّ احتياجاتها تختلف وبالتالي وفي إطار استراتيجية البنك لدينا توجّه أيضا نحو المؤسسات الصغيرة جدّا التي تتكوّن من أقل من 6 موظفين وذلك في إطار تكوين إدارات مختصة كلّ إدارة تهتم بالقطاع حسب حجم الشركة.

هاجر عزّوني

أخبارأخبار الاقتصاد التونسيسياسةوطنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *