اثر الاستقلال تنوعت الحفلات الغنائية و ازدهرت الفرق الموسيقية و وجد أهل الفن الميدان فسيحا لبلورة المواهب و امتاع الناس بفن رفيع عرف المجتمع قيمته في السنوات الأخيرة حين التف جيل اليوم على ماجادت به قريحة عباقرة جيل الاستقلال … فهناك اليوم من تخصص في ترديد ما تركه الراحلون مثل علي الرياحي و الهادي الجويني و محمد الجموسي و صليحة و رضا القلعي و كل الأسماء التي لمعت في الخمسينات و حين انطلقت المهرجانات في بداية الستينات اقتصر أشهرها مثل قرطاج و طبرقة على جلب مشاهير الفن في الشرق و الغرب .
و في السنوات الأخيرة كثر عدد المهرجانات هنا و هناك و ظهرت بدعة دعم الحفلات أي أن المهرجان” يشتري ” حفلة لفرقة كذا يديرها اسم معروف أي أن المردود المالي جد مضمون حضر الجمهور أو بقي في منازله …ففي قرطاج مثلا كم تفرجت الصخور الخاوية على حفلات تجاهلها الجمهور و كم من فنان مثل أو غنى لنفسه إلا و طلب العودة لأنه مثل الموظف الذي لا تهمه النتيجة
و هكذا ففي كل دورة تكثر الشكايات و التذمرات و كل فنان يتهم من يهمه الأمر بالتغاضي عنه و ظلمه و حرمانه من حفل ” مدعوم ” و تتناثر الاتهامات عن المحسوبية و الانتهازية و عن الشلل و المعارف و التدخلات …
و السبب” الدعم ” الذي أفسد عدة ميادين و خلط الأوراق و بعثرها بين عدة أطراف فيها من يستحق التشجيع بكل أصنافه و فيها من يبقى تهمة على الفن… و يجب معاقبة من ” دعّم ” اسما أبقى على مدارج المهرجان خالية لأن هذه النتيجة تدل على خفايا من السهل معرفة سرها .
محمد الكامل