هل لدينا بترول و غاز أم لا؟
هل نحن بلد غنيّ بالثروات الباطنية أم لا؟
يقول السيد «نور الدين الهاشمي «خبير الطاقة:أغلب البترول و الغاز موجود في حوض «غدامس» (حدود مشتركة بين تونس و لبييا و الجزائر)وهذا ما يعلمه كل خبراء الجيولوجيا و كل الشركات العالمية المختصة حيث تستثمر الجزائر معظم إنتاج هذا الحوض الواقع أغلبه داخل حدودها من الغاز و البترول أما تونس فتشغل الأطراف الشمالية الشرقية لهذه المنطقة من بدايات القرن(شركاتENI-ELF ) و أغلب هذه الثروات موجودة في الجزائر و ليبيا فبالنسبة لتونس كان نصيبها قليل و بتطور الدراسات و تقدم صناعة الآلات الحديثة إنظاف لما هو موجود و معلوم بعض الحقول الهامشية ضعيفة الإنتاج إضافة إلى أنّ الغاز الموجود لدينا بحكم تحكمنا في مناطق الأطراف غاز ملوّث بالكبريت و ذو طاقة حرارية ضعيفة ممّا يجعل كلفة إنتاجه مرتفعة وهذا ما جعل الشركات العالمية الكبرى لا تلتفت إلى مخزوننا الطبيعي و غادر بعضها بعد أن أكتشف ضعف المردود أمثال:ماراطون –طوطال –شال – BP و هذا ما يؤكد بأن ثرواتنا الباطنية محدودة،و عوضتها شركات أخرى معظمها نكرة و صغرى ليس لها خبرة في إنتاج البترول أمثال
وبالنسبة للترويج لفكرة أننا من أغنى الدول في العالم المنتجة للبترول فهي كأي موضوع يتناوله عديمي الإختصاص يهمّش و تكثر حوله الأقاويل و الإشاعات لغاية في نفس يعقوب حيث يتداخل السماسرة و الجهلاء و الراكبين على الأحداث و الأحزاب السياسية و جعلوا منه موضوع الساعة و قظيتها رغم علمهم ببطلان إدعاءاتهم و معطياتهم المخالفة تمتما للواقع.
مشروع غاز الجنوب زوبعة في فنجان:
الغاية من هذا المشروع كانت تجميع الغاز المحروق عوض ذهابه هباءا و نقله إلى محطة معالجة الغاز لإستغلاله ،وبإكتشاف حقل»نوّارة»أصبح الموضوع أكثر قابلية للتنفيذ مما جعل الدولة تتبناه بأكثر حرص و تقرر إنجازه حيث أن إيجابيته كبيرة بداية من إنتاج:
-3 مليون متر مكعب في اليوم و بطاقة إنتاج 10 مليون متر مكعب من الغاز
-700 طن من PROPANE يوميا و طاقة إنتاج 1400 طن
-350 طن BUTANE يوميا و طاقة إنتاج 700 طن
– 200 طن من الغازات المكثفة يوميا و طاقة إنتاج 400 طن
أي ما يعادل ماليا و بأسعار الأسواق العالمية للطاقة:
-800 ألف دولار يوميا بالنسبة للغاز أي 300 مليون دولار في السنة
-350 ألف دولار في اليوم للPROTANE
-125 ألف دولار في اليوم للBUTANE
-200 ألف دولار في اليوم للغاز المكثف و ذلك حسب INDEX MUNDI مايعادل 246 مليون دولار سنويا للغاز المسال.أي أن المشروع يبلغ رقم تجاري سنوي 546 مليون دولار .
لماذا قلنا زوبعة في فنجان؟
تكلفة المشروع حسب المعطيات المؤكدة من عطاءات تكلفة المشروع في حالة ذهابه إلى قابس أولا شراء
-370 كيلو متر من الأنابيب بكلفة 150 مليون دولار
-بناء الأنبوب :150 مليون دولار
-بناء محطة المعالجة الأولية في حقل «نوارة» 300 مليون دولار
-بناء محطة معالجة الغاز بقابس 250 مليون دولار
وإذا زدناها كلفة المشروع المعلن من رئيس مدير عامETAP لإنجاز مشروع إضافي بتطاوين بكلفة جميلة قدرها 250 مليون دولار ،إضافة لكلفة الإشراف عليه من طرف OMV وخبراء أجانب لا يقل أجر الفرد منهم في اليوم عن 3000 دولار فستصبح الكلفة إذا ما أقتصر الإعتماد على 30 أجنبى فقط و 50 تونسي على الأقل يعملون لمدة سنين و هي مدة إنجاز المشروع ستكون الكلفة مايقارب 100 مليون دولار أي ستكون الكلفة الجملية لمشروع غاز الجنوب 1200 مليون دولار
تمويل المشروع:
يكون التمويل النصف بالنصف مع OMV أي أن ETAP مجبرة على توفير ما قدره 550 مليون دولار التي ستكون متأتية من قروض من بنوك أجنبية لايقل حجم الفائض فيها عن 6% (إذا أفترضنا أن الدولة قامت بسداد هذا القرض على 10 سنوات سيكون الفائض 150 مليون دولار و هو ما يضاف إلى الكلفة الجملية للمشروع وإذا إعتبرنا أن OMV ستقوم بالمثل ستنضاف 1850 مليون دولار أخرى للكلفة فتكون جملة كلفة المشروع 1500 مليون دولار دون إحتساب تكلفة التشغيل و الصيانة و التي لن تقل عن 50 مليون سنويا )
مردودية المشروع:
المداخيل 546 مليون دولار سنويا ناقص مصاريف الإنتاج تبقى 500 مليون دولار و إذا إعتبرنا استهلاك الإستثمارAMORTISSEMENT DE L>INVESTISSEMENT مدة 5 سنوات 300 مليون دولار يتبقى صافي أرباح 200 مليون دولار يكون مناب ETAP منها 100 مليون دولار سنويا ترجع منها 55 مليون دولار أصل القرض فيتبقى 45 مليون دولار و إذا طرحنا مصاريف إدارة ETAP للمشروع فإن صندوق الدولة سيعود بخفي حنين ، و بعد 5 سنوات أخرى يعنى أن المشروع لن يكون مجديا إلا إذا كان الإنتاج بنفس الحجم لمدة 5 سنوات و هذا غير مؤكد أو مضمون لأنه في حالة إنخفاض الإنتاج لا قدّر الله تكون الخسارة كارثية.
سيناريو تطاوين الأمثل و المعقول:
ينججز المشروع من طرف OMV في حدود رخصتها أي (حقل نوّارة)و تشرف على إنجاز محطة المعالجة الأولية بكلفة 300 مليون دولار و تشتري STEG منها الغاز الخام ثم تقوم الشركات الوطنية مثلSNDP و غيرها بإنجاز باقي المشروع بحكم الخبرة المكتسبة من مشاريع سابقة في تونس و قدرتها على التحكم في التكلفة عندها ستكون القيمة الجملية حسب المعطيات المقارنة بالمشاريع السابقة كالآتي :
-أنبوب نوارة-تطاوين 300 كيلو متر بقطر 24»
-أنبوب غاز تطاوين –مدنين 70 كيلومتر بقطر 12»
-أنبوب غاز مدنين –بن قرادن 80 كيلومتر بقطر 12»
-أنبوب غاز تطاوين-جرجيس 100 كيلومتر بقطر16»
وهذا للربط مع شبكة الغاز الطبيعي الموجودة إضافة لأنبوب لنقل الPROPANE إلىجرجيس بقطر 6» وال BUTANE بقطر 4» لمسافة 100 كيلو متر لكل أنبوب وهذا مايكلف جمليا 200 مليون دولار و التي تدخل أصلا في برنامج STEG هي المشرفة على المشروع و تنجز الدولة بالتوازي محطة معالجة للغاز الطبيعي بتطاوين بتكلفة 150 مليون دولار و محطة تخزين استراتيجي للغاز المسال بتطاوين و أخرى بجرجيس مع محطات تعبئة قوارير الغاز بتكلفة قدرها 125 مليون دولار مع مصاريف الإشراف على المشروع 10 مليون دولار تكون التكلفة الجملية التي على الدولة دفعها 485 مليون دولار أي ما يقارب نفس القيمة في صورة دخلنا في شراكة مع OMV ،لكن في هذه الحالة ستكون الدولة مالكة لكل المشروع.
كيفية تمويل المشروع في هذه الحالة:
و هنا نأخذ مثال شركة «إسمنت قرطاج» التي لجأت إلى الإكتتاب العام و موّلت مشروعها و هذا الحل متوفّر للدولة حيث تكون المساهمة إمّا بالعملة الصعبة من مواطنينا بالخارج أو بالدينار من الشعب التونسي و هذا حلّ أفضل من الإالإكتتاب الذي طرحته الدولة مؤخرا على المواطنين لخلاص الأجور و يوفّر العملة الصعبة و يخفّف عن كاهل الدولة القروض و فوائضها المجحفة و ذات الشروط الإستعمارية يعني أن ترتهن الدولة للمواطن التونسي أفضل من ترتهن للأجنبي إضافة إلى أن المواطن سيصبح مشارك فعلى في بناء الإقتصاد و الإرتقاء به عبر الاستثمار المربح في مشروع وطني واضح و شفاف وهو ما يعيد علاقة الثقة بين الفرد و الدولة و مؤسساتها زد عليها بقاء المشروع في ملك و حوزة تونس كنسبة تحتية من شأنها تنمية كل الجنوب الشرقي للبلاد وهذا حلّ عملي و عقلاني بعيد عمّا يطرحهالسماسرة و بعيد عن المزايدات الواهية،فالمطلوب الآن من الدولة إعادة دراسة المشروع دون تسرّع و لا ضغوط مع الأخذ بعين الإعتبار الجانب الوطني المهم لهذا المشروع،وإذا كانت ETAP غير قادرة على إيجاد رؤية واضحة فعليها ترك مخزون الغاز في باطن الأرض أفضل فلربّما تأتي الأجيال القادمة أكثر ذكاءا و حرصا على المصلحة الوطنية بعيدا عن عقلية التواكل و الإنسياق وراء الشعارات الجوفاء و الفارغة.
إنّ ما يميّز تونس عن كثير من البلدان أنها تعج بالكفاءات و الخبرات لكن في حالة عطالة تامّة نظرا للرؤية الضيقة لأصحاب القرار و عدم الوضوح و الشفافية في التعامل خصوصا في ملفات الطاقة عن قصد و في أحيان كثيرة عدم الكفائة ،فلماذا لا يوجد إلى حدّ الأن مايوجد عند جيراننا ليبيا و الجزائر من الوضوح في التعامل مع الصفقات و الشركات و الرخص الممنوحة و الأهلية دون الإنبطاح للأجنبي أو التعامل بعقلية «بوبرطلّة»فعندنا ترى الأجنبي يستميت في الدفاع عن مصالح بلده و يحارب من أجل وطنه و شركاته و قانونه مثل ما حدث مع OMV التي وضعت الشروط حسب القانون البريطاني و خلاص المشروع 100% بالدولار و فرض خيارات تقنية مجحفة و مكلفة و تعجيزيه دون موجب قابلها مسؤولينا بلا مبالاة و قلة غيرة و نخوة على سيادة الوطن من أجل سفرة إلى الخارج أو إلحاق أحد الأبناء للعمل بهذه الشركة أو الدراسة ببريطانيا و عليه فقد حان الوقت لتفعيل شعارات الثورة المنادية بالكرامة الوطنية و تكريس سيادة تونس على ثرواتها حتى وإن كانت قليلة.
الشادلي الهمامي