“كان يا ما كانش” هو إحدى المسلسلات الجديدة التي تم تصويرها لتعرض بمناسبة شهر رمضان الكريم على شاشة القناة الوطنية الأولى في النصف الأول من شهر رمضان.
هي سلسلة من النوع الهزلي، كتبها كل من عبد الحميد بوشناق و حاتم بالحاج و عزيز الجبالي. تولت إنتاج هذا العمل التلفزة التونسية، و المنتج المنفذ شركة “سينيتليفلم”.
حين سؤل مخرج المسلسل عن تكلفة هذا العمل، صرح بأنها موازية لتكلفة الجزء الأول من مسلسل النوبة.
المسلسل من بطولة الملك ساطور، و تدور كل أحداث القصة حول هذه الشخصية، و هو عمل ذو طابع هزلي يصف وضع تونس قبل 3000 سنة، و كان الملك ساطور هو الحاكم في هذه الحقبة الزمنية، ثم مرض الملك و تولى ابنه “برغل” دفة الحكم مكانه، إلا أن “خفاش” تمكن من الكيد لبرغل و الزج به في السجن، ليستولي بذلك على الحكم، ليبدأ برغل من هنا التخطيط للهروب و الإنتقام.
أما عن جنريك المسلسل، فقد اختار له المخرج عبد الحميد بوشناق والده لطفي بوشناق، ليكون هو القائم بمهمتي التلحين و الغناء، رفقة مغني الراب “A.L.A” أما عن كلمات الأغنية فتنسب للشاعر “جلال الصويدي”.
طاقم عمل المسلسل:
نجد بهذا العمل ما يقارب التسعة و العشرين ممثلا نذكر من بينهم: جهاد الشارني (نعناع)/ عزيز الجبالي (برغل)/ منجي العوني (الملك ساطور الماضي)/ جمال المداني (خفّاش)/ رملة العياري (أم قلادة)/ عبدالحميد قياس (بقراج) و آخرون…
سيناريو و حوار: حاتم بلحاج
تأليف: عبد الحميد بوشناق و عزيز الجبالي
إنتاج: سيني تيلي فيلم (منتج منفذ)
حبيب عطية (منتج منفذ)
مؤسسة التلفزة التونسية (منتج)
موسيقى: لطفي بوشناق
إخراج: عبد الحميد بوشناق
العمل في ظاهره متميز جدا و هو ما أشاد به النقاد و الشخصيات المعروفة و بعض الصحفيين دون وعي بحقيقة أن هذه الفكرة تم الإستيلاء عليها و سرقتها… و هو ما سنبينه في ما بعد.
عند مشاهدة جنريك هذا العمل يتبادر إلى أذهاننا بأننا سنعيش رحلة خيالية جد مشوقة و هزلية في آن واحد، و ما زاد هذا العمل ضخامة و أهمية، هو مشاركة ألمع نجوم الفن في إنجازه، و لكن للأسف هنا نتأكد من المقولة الشهيرة التي تقول بأن المظاهر خداعة.. و فعلا المظاهر و الزينة المحيطة بهذا العمل خدعتنا إلى أقصى الحدود. حيث أن الجمهور التونسي كان ينتظر عملا إبداعيا خالصا، و أفكارا تونسية 100%.. إلا أن هذا العمل في باطنه لا يتجاوز كونه تقليدا أعمى لإحدى المسلسلات التي كانت تعرض على القنوات الفرنسية تحت مسمى “KAAMELOTT” و هو مسلسل تلفزيوني “تاريخي خيالي فكاهي ودرامي” فرنسي، تم إنشاؤه بواسطة”Alexandre Astier” و “Alain Kappauf” و “Jean-Yves Robin”.
و قد تم بثه بين 3 جانفي 2005 و 31 أكتوبر 2009 على M6. و هو عمل قد لاقى نجاحا في بدايته، ثم فشل فشلا ذريعا بعد ذلك.
تسهل كثيرا المقارنة بين العملين، لما نجده فيهما من تقارب في عملية الإخراج، كما أن الممثلين يرتدون تقريبا نفس الملابس، زد على ذلك التقارب الكبير في المشاهد الممثلة و الأفكار و نوعية العمل بما هو هزل و خيال مرتبط بالتاريخ. و وجوه التشابه بين العملين لا تزال كثيرة و متعددة…
و بالتالي فالإدعاء بأن العمل التلفزي “كان يا ما كانش” هو فكرة تونسية يعد استغفالا مقيتا للجمهور التونسي الذي لا يمكن أن يفوته شيء بهذا الوضوح!
و بعد إيضاح هذه السرقة يتبين لنا جليا بأن سلسلة “كان يا ما كانش” بعيدة كل البعد عن الإبداع و الخلق.. و قريبة بل ملاصقة لسرقة الأفكار، هذا عدا الحوار الضعيف الذي تشهد عليه حلقات المسلسل، كما نجد غيابا فاضحا للربط بين المشاهد، من ما يجعل هذه السلسلة مفككة بلا معنى أو هدف أو رسالة… و بالتالي لا يتجاوز هذا العمل كونه تهريجا في تهريج.
في حين كان يجب على المؤلفين أن يعولوا على أنفسهم و يستنبطوا فكرة لا سابق لها، إذ بهم يُؤْثِرُونَ السرقة و الإستيلاء على أفكار الغير، لما في هذا العمل من سهولة و بساطة، ذلك أن الإبداع الحقيقي أمر شاق و يحتاج إلى جهد كبير بل جبار، من أجل الوصول إلى إبتداع شيء جديد لا عهد للمشاهد به.
هي سرقة في وضح النهار مبرراتها و الأدلة عليها كثيرة، و لا شيء على الإطلاق يميز هذا العمل أو يجعله قريبا و لو قليلا من الإبداع و الخلق!
و عليه نتمنى في المستقبل أن لا نر مثل هذه الأفعال البائسة، و المحاولات اليائسة لاستغفال المتقبل التونسي… ذلك أن التونسي فطن و لا يمكن أن يقع في مصيدة التقليد و الايهام بالإبداع الزائف.
بلال بوعلي