لست أدري كيف أسوق هذا الموقف و بماذا افسر ما حصل لي بمحطة المترو الخفيف برشلونة لأني لا أزال مستغربا و غير مصدق بأن ذلك الموقف كان واقعا قد عشته بتفاصيله، كنت عائدا من عملي يوم الجمعة الماضي و انا في طريقي مررت بالمحطة المذكورة و كنت انوي تحرير موضوع عن النقل و عند دخولي المحطة أوقضني ثلاثة اعوان كانوا يراقبون التذاكر فقمت بالاستظهار بهويتي و حين علم أحد الاعوان أنني أنتمي إلى سلك الصحافة طلب مني مرافقته إلى من هو اعلى رتبة منه و كان السيد المراقب رجل نحيف و طويل يلبس نظارات طبية و كان يحمل بيده جهازا لاسلكيا و بعد التحية طلب مني تفسيرا لوجودي بالمحطة فأعلمته بأنني أنوي إجراء تحقيق عن النقل و ظروف العمل لأعوان الشركة و يا ليتني ما كنت قد فعلت، فتح هذا الاخير ذراعيه و جعل يشتم الصحافة و الصحافيين متهما إياهم بإدخال البلاد في الفوضى حسب تعبيره و ان الإعلام في حالة رديئة و متواطئ و هو سبب العلة…
و كنت واقفا امامه مذهولا لا أصدق ما اسمع و في الحين ذاته احسست بأنني المذنب في حق بلدي و وطني و ذلك على مسمع المسافرين المنتظرين بفارغ الصبر عربة مترو لتنقلهم إلى بيوتهم بعد يوم عمل مضني. و قد دامت “خطبته” عشر دقائق تقريبا و كنت بوسعي أن أغادر و لكن من باب التربية حاولت مرارا الافلات منه و الخروج من المحطة و لكنه كان يصر على أن ينهي “محاضرته” الطويلة عن الاعلام و السياسة و في خاتمة “مقولاته” الصحافة هي وراء الخراب و الفساد في البلاد. و بعد هذا لا يسعني إلا أن اقول سوى و “لله في خلقه شؤون.”
رياض السهيلي