لا أحد ينكر صعوبة الوضع الذي تمر به البلاد التونسية، تقريبا على جميع الأصعدة و القطاعات، سواء التعليم أو الصحة أو الإقتصاد و غيره… و لكن هذا الوضع الخاص، الذي يمر به العالم ككل، لا يجب أن يجرد الإنسان من انسانيته و تفانيه في عمله، بل يجب التعامل في مثل هذه الظروف بتفان و إنسانية عالية. و لكن للأسف ما يحدث على أرض الواقع شيء مغاير تماما لهذه المثاليات.
لن نتحدث بصفة عامة، بل سيكون حديثنا خاصا بما يحدث في المعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس، سنسلط الضوء على معاناة الطلبة، و كل ما يتعرضون له من صعوبات و عراقيل، جعلتهم يختنقون داخل أسوار هذه المؤسسة التعليمية، التي صارت الدراسة داخل قاعاتها جحيما مستعرا.
مع بداية سنة جديدة، يشهد المعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس، توافدا طلابيا كثيفا، و ذلك من أجل القيام بعملية التسجيل بالمعهد، حيث كان لزاما على المعهد أن يتجهز لهذه الوفود، و أن تكون له إستراتيجية معتمدة و جاهزة من أجل القيام بترسيم الطلبة بالمعهد بكل يسر و أريحية، سواء بالنسبة للطلبة أو حتى الطاقم الإداري بالمعهد، و لكن ما حدث كان غير مقبول بالمرة، إذ لم تتم مراعاة و احترام البروتوكول الصحي كما يجب، و من يتحمل وزر هذه الأخطاء الجسيمة هو الإدارة و لا أحد غيرها، إذ كان يجب على الطاقم الإداري أن يحرص على تطبيق البروتوكول الصحي بكل حزم و نظامية، و ذلك من أجل مصلحة و سلامة الطالب و كل من يقبع داخل أسوار المعهد من عملة و اداريين… هذا أولا، أما ثانيا فلا يفوتنا الحديث عن قاعدة بيانات المعهد التي يلج إليها كل طالب من أجل القيام بعملية التسجيل و الإستخلاص، هذه القاعدة تعمها الفوضى، في حين أنه كان يجب على مثل هذا الإجراء الإلكتروني أن يسهل ويبسط عملية التسجيل، و لكن ما حدث أنه زادها صعوبة و تعقيدا. و أنا شخصيا لم استطع إلى حد هذه اللحظة القيام بإجراءات الترسيم، حيث أنني وجدت نفسي ضمن مسلك علمي مغاير تماما لدراستي الفعلية، فأنا مرسم بقسم اللغة العربية، و لكنني وجدت نفسي مرسما هذه السنة بقسم علم الإجتماع، و حين توجهت إلى المعهد من أجل الإستفسار و إصلاح هذا الخطأ الغريب، تمت طمأنتي بأن الإدارة ستتولى تغيير المعطيات المغلوطة، و لكن بعد مرور ما يقارب العشرة أيام لم يتم إلى حد هذه الساعة إصلاح هذا الخطأ!! يضاف إلى ذلك ما يعانيه الطلبة من صعوبات، في عملية الولوج إلى بياناتهم الشخصية من خلال قاعدة البيانات الخاصة بالمعهد، حيث أنهم لا يستطيعون الولوج إلى حساباتهم من أجل التسجيل.
هذا، و يشتكي طلبة المعهد من المعاملة السيئة جدا من قبل الموظفين، الذين لا يزودونهم بالمعلومات الصحيحة التي يحتاجونها، و في حالة غياب أحد الموظفين فإن الطالب يجد نفسه أمام مكتب خاو و بالتالي، يكون غياب الموظف تعطيلا لمصالح الطالب، خاصة أولئك الذين يأتون من بعيد و يتكبدون مشاق السفر، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف أمام إدارة شبه مهجورة، فيطرون للعودة على أعقابهم دون إنجاز ما جاؤوا من أجله.
يبدو أن آخر هموم هذا المعهد هي كرامة الطالب، الذي فقدها تماما داخل أسوار هذه المؤسسة، و التي كان واجبا عليها أن تحيط طلبتها بكل ما يحتاجونه من رعاية و اهتمام، و لعل أصدق الكلمات التي يمكن أن تعبر عن هذه المظلمة، ما دونه الطالب و الناشط بالإتحاد العام التونسي للطلبة “حاتم البورجي” بصفحة المعهد، و نص التدوينة كالتالي:” يطلبون منا الإحترام ويعاملوننا باللا إحترام
هو عنوان بعض الموظفين بالمعهد وأحد أبرز مبادئ عملهم، ميزة تميزوا بها منذ سنوات وفي كل مرة يشتكي الطالب تصرفات إدارية لاترتقي الى منزلة موظف بالجامعة التونسية بل الى منزلة الكلوشار برتبة موظف.
ترفع الأقلام عندما يصل الأمر الى ان تسيل دمعة طالب بسبب موظف كان يفترض به ان يكون سبب في بسمته وسعادته بعد خدمة يقدمها له.
قانونيا من حق الطالب ان يتجه للادارة للاستفسار والتساؤل و طلب حل لمشكل معين ومن واجب الإداري أن يؤدي مهامه في إطار الإحترام والتقدير وتلبية كل المطالب والاجابة عن كل الاستفسارات
ولكن عذرا يا من تتسلطون عن طلبة ابن شرف فقد تجاوزتم حدودكم وقد دق ناقوس الخطر فكرامة الطالب فوق كل إعتبار ولا تنسوا انه العمود الفقري للجامعة التونسية ولهذه البلاد فاحترموا الجامعة والطالب قبل إحترام ذواتكم.
من يتجاوز حدوده سنضع له حد وللحديث بقية.”
يُدين “حاتم” بشدة الطريقة التي يُعَامل بها الطالب في المعهد، واصفا إدارييه “بالكلوشار برتبة موظف”
و هذا الغضب لديه ما يبرره، و هو بكاء طالب بسبب موظف كان يجب عليه أن يرسم البسمة على أفواه الطلبة، لا إسالة دموعهم، كما أكد “حاتم” على حق الطالب في اللجوء إلى الإدارة، إما من أجل الإستفسار أو تصحيحا لخطأ ما، لذلك يجب على الموظفين الإلتزام بمساعدة كل من يلجأ إليهم من الطلبة.. فهذا هو لب عملهم الذي يتلقون عليه أجرا.
في الختام نرجو أن نرى معهدنا في صورة أرقى و أفضل من هذه، داعين كل موظف و مسؤول فيه، إلى القيام بعمله كما يجب، حتى نتجنب مثل هذه المطبات و الفوضى.
بلال بو علي