نعم مات سي المنجي ذلك المواطن العادي الذي كان همه تطبيق القانون بدون محاباة و لا تهرب في أي شبر من البلاد أن ينعم المواطن بالراحة و الهدوء هكذا تعود و هو ابن الثمانين إلى أن حلت السنوات الأخيرة بفوضى عارمة قضت على كل ما هو ايجابي و استولت المصلحة الشخصية الضيقة على العلاقات الانسانية بين الناس و ساد الكذب و النفاق و المغالطة و الجبن و الأنانية و الغدر طبقات المجتمع .. من قلب العاصمة اتجه المرحوم في نهاية الستينات إلى السكن بحي كارنوا بالمنزه الخامس و شاءت الصدف أن يكون منزله ملاصقا لحي الصحفيين … يظهر أن الحياة كانت هادئة عادية في المنطقة إلى أن جاءت سنوات الفوضى و انقلبت المفاهيم و في خضم الفوضى أقيم مصنع للمنبهات القوية و أخذت صفارات الانذار تنطلق في مختلف الاوقات من الليل و النهار تزعج الجيران و تؤلم الآذان و أخذ المرحوم يبدي انزعاجه خاصة و أن المصنع ملاصق لمنزله من الجهة الخلفية و بعد سلسلة من التشكيات الشفاهية تولى المتساكنون صياغة شكاية الى البلدية تولى المرحوم تبليغها الى بلدية اريانة و هناك شعر باللؤم و بقلة الحياء من طرف الموظف البلدي و قطعا لم يتغير أي شئ و كانت شكاية اخرى إلى والي أريانة تسلمها معتمد المكان مع كلام مطمئن و بعد مدة أرسل له تذكيرا .. و قطعا اتضح أن المسؤولين في أريانة لا يهتمون بالمواطن إلا إذا وقعت كارثة ..
و بقي سي المنجي و معه بعض المتساكنين يتجهون إلى السماء طالبين الرحمة بعد أن يئسوا من غياب القانون و ضعف المسؤولين و قبل ساعات من وفاته بقي سي المنجي يشتكي من رنين المنبه المزعج .. غادر الدنيا و هو يلعن هذه المرحلة السوداء خاصة غياب مكارم الاخلاق .
رحم الله سي المنجي و الله أعلم كيف ستكون نهاية الظالمين فلا سماح و لا غفران للمسؤول الضعيف .
محمد الكامل