تناول برنامج الخبير هذا الأسبوع موضوع “قروض التمويل الصغير” و تم التطرق لمؤسسات التمويل الصغير التي تقدم قروضا لا تتجاوز ال10 آلاف دينار كحد أقصى، و هي قروض تصل فيها نسبة الفائدة ل33% حسب تقرير هيئة الرقابة، و هي نسبة عالية جدا، و هو ما يجعلنا نتساءل إن كان هذا النوع من التمويل يساهم فعلا في القضاء على الفقر، و مساعدة المواطن على خلق مشروع و موطن شغل!؟
إن الثابت حول هذه المؤسسات أنها تحقق أرباحا مهولة و ضخمة على حساب الفقراء و المحتاجين، إذ يساهم الفقراء في تونس و للأسف الشديد في خلق الثراء لجهات معينة، و هو ما نلاحظه في ارتفاع نسب الفائدة الموظفة على القروض الصغيرة و التي تصل ل33%! و بالتالي تعتبر مشاريع التمويل مربحة جدا في تونس بسبب ارتفاع نسب الفائدة.
و بدورها تحقق سلطة رقابة التمويل الصغير أرباحا كبيرة، إذ تمكنوا من حصد ما يقارب 600 مليون، هذا عدا العمولات التي يتمتعون بها على العقود. و في ظل كل هذا لا يتم تطبيق قرار نسب الفائدة المشطة، بدليل وجود نسب فائدة كبيرة جدا و غير مقبولة، و حتى جمعيات التمويل بدورها تسجل أرباحا ضخمة بسبب زيادة الطلب، إذ نسجل حوالي 45 ألف حريف جديد كل سنة، يتم تمويلهم لأول مرة من قبل مؤسسات التمويل الصغير، و بالتالي لا بد من عقلنة هذا النظام عن طريق التمتع بالادخار لتسهيل الحصول على القروض.
* تغول مؤسسات التمويل الصغير
يعتبر الهدف الرئيسي و الأساسي الكامن وراء فلسفة التمويل الصغير إنقاذ إنسان في حاجة ماسة و ملحة للتمويل.. كالغريق الذي يتشبث بقشة، و لكن للأسف بدل مد يد العون تقوم هذه المؤسسات باستغلال هذه الحالات إلى أقصى الحدود، عن طريق منحها قروضا بنسب فائدة مرتفعة جدا.
إن بلوغ نسبة الفائدة 33% يعد بمثابة الطعن بل الذبح لفقراء و ضعاف الحال، و هو ما يجعل من هذه الجمعيات بمثابة مصاصي الدماء المُسَلّطِين ضد التونسي لمزيد إثقال كاهله و القضاء على آماله و أحلامه في الخروج من الفقر.. هذا عدا تشعب عملية الحصول على القروض، و للأسف أصبح هذا المجال مربحا جدا على حساب الفئات الهشة، إلى درجة دخول الأجانب و المانحين الدوليين في دواليب هذه التجارة المربحة، التي تراهن في كسبها للمال على آلام و آمال التونسي!
كان يجب على هذا المجال الحيوي أن يكون نقطة قوة و دفع للتونسي، لا الربح و التمعش من جراح التونسيين! و بالفعل أصبحت هذه المؤسسات تحقق أرباحا تفوق بكثير أرباح البنوك!
و بالتالي نحن أمام ولادة بنوك عصرية أكثر توحشا من البنوك الكلاسيكية، إذ أصبحت القاعدة الأساسية لهذه الجمعيات و المؤسسات هي الربحية و الربح المشط و الغُبن، و بالتالي على الجهات المعنية الإسراع في فتح هذا الملف و مزيد مراقبة و تقنين هذا المجال الحساس.
بلال بوعلي