لا يختلف وضع الليبيين المقيمين بمدينة سوسة وأحوازها كثيرا عن الوضع الذي يعيشه الليبيون في مناطق تونسية أخرى… الكل يتطلّع إلى انفراج الأزمة في ليبيا وإن اختلف تقييمهم للوضع هناك.
الشروق ـ مكتب الساحل:
الليبيون المقيمون في سوسة يُعدّون حتما بالآلاف وربّما بعشرات الآلاف… لم نتمكّن من الحصول على معطيات رسمية تحصي عددهم لكنّ الظاهر أنهم منتشرون في أنحاء كثيرة من المدينة، منهم من يأتيها زائرا بشكل عرضي لغرض ما وخاصة للعلاج ومنهم من اتخذ من سوسة وجهة للترفيه عن النفس والابتعاد عن ضغط الحياة خاصة مع تدهور الوضع الأمني في البلد الشقيق ومنهم من غادر بلده منذ ما شهدته ليبيا من توتّر في 2011 أدّى إلى ما آل إليه الوضع الآن من عدم استقرار وضعف للدولة…
قلق وترقّب
«الشروق» التقت عددا من المواطنين الليبيين الذين قدموا إلى سوسة، ويُجمعون اليوم على أنهم عائدون إلى بلدهم مهما حصل فيها وأيا كان الوضع الأمني هناك.
النفاتي سعيد جاء منذ أسبوع لغرض العلاج في إحدى المصحات الخاصة بمدينة سوسة وهو أصيل مدينة تاجوراء الليبية، النفاتي قال إنه يتابع تطورات الوضع في ليبيا وإنه يهاتف أهله باستمرار وأكّد أنّ «الأمور طيّبة في تاجوراء» مضيفا «المشكل في ليبيا أنّ هناك نقصا في فهم ثقافة الديمقراطية وأنّ هذا الأمر يتطلب وقتا، لكنه أكّد أنّ الأمور حتما ستتجه نحو الأفضل «لأنّ جميع الثورات عادة ما يكون مصيرها هكذا» حسب قوله.
أمّا الحاجة فاطمة وهي من مدينة الزاوية فعبّرت عن أسفها لما يحصل في ليبيا لكنها أكّدت أنّ الوضع في مدينتها مستقر حسب ما يبلغها من أخبار من عائلتها، وأكّدت أنّها تتنقل باستمرار بين تونس وليبيا ولم تتعرّض لأيّة مضايقات أو صعوبات.
سامية، المرأة الشابة المقيمة في سوسة صحبة زوجها عبّرت عن قلقها لما يحصل في ليبيا وبدا أنها متابعة جيّدة لما يحصل هناك وقالت إنّ الوضع لا يسرّ بالمرّة حيث بلغ حدّ استعمال صواريخ «غراد» في طرابلس، مدينتها التي جاءت منها… سامية ورغم قلقها أكّدت أنّه لا مفرّ من العودة إلى ليبيا أيّا كان الوضع الأمني شاكرة للتونسيين حسن معاشرتهم.
في المقابل قالت عفاف، وهي أصيلة تاجوراء إنّها فرحت منذ سماعها بتدخل العقيد حفتر «لأنّ بلادنا ينقصها الأمن والأمان وينقصها الجيش والشرطة، واللواء حفتر ليست غايته السيطرة أو السلطة والنفوذ بل تحقيق الأمان للبلاد» حسب قولها.
هل يأتي الإنقاذ؟
وتابعت عفاف قائلة «حفتر إنسان متعلّم ومثقف وإن شاء الله مع حفتر ستكون ليبيا أفضل، سيخلّصنا من أنصار الشريعة وغيرهم ممّن يعكّر صفو ليبيا ونحن نأمل منه كلّ خير».
وتُعرف منطقة خزامة الشرقية شمال مدينة سوسة بكثرة الليبيين الذين يتخذون من عماراتها وشققها الكثيرة مسكنا… السيد خليفة وجدناه يتأهب لركوب سيارته الحاملة للوحة منجمية تدلّ على موطنها… قال لنا بشيء من الأسف إنّ ما تعيشه ليبيا يدمي القلوب، «هي بلدنا مهما حصل بها ومهما كنّا نحسّ بالانتماء إلى تونس… قدمنا من مدينة صبراتة وهي لا تبعد كثيرا عن الحدود التونسية، لم نحسّ يوما بأنّنا غادرنا ليبيا، نأتي إلى هنا لتغيير الأجواء قليلا ولنتمتّع بشيء من السكينة والهدوء والراحة خصوصا هنا في سوسة، ولكن في النهاية سنعود إلى ليبيا، تونس كانت دائما إلى جانبنا وستظلّ ونحن نأمل أن تتعافى ليبيا وكل الدول العربية ويعمّ بها الأمن والاستقرار»… هكذا كانت أمنيته، وكذا هو شأن كثير من الليبيين الذين ذاقوا مرارة التشرّد عن الوطن وبات سيناريو الهروب ماثلا أمامهم اليوم وهم فيه غير راغبين… وإن كانت تونس «بلدهم الثاني».