رفقة الشارني هي المرأة التونسية التي كانت ضحية لزوجها الأمني، الذي استأمنته الدولة على رعاياها بمنحه سلاحا، من أجل الدفاع عن المواطنين التونسيين.. فإذ به يستعمل هذه الرخصة في قتل زوجته رميا بالرصاص دون شفقة أو رحمة! هي خمس طلقات استقرّت في جسد الفقيدة، لتودي بحياتها تاركة وراءها فلذة كبدها ضحية لليتم و التيتم.
و كانت “رفقة” قد توجهت بشكاية ضد زوجها الذي اعتدى عليها بالعنف، و كانت شكواها مبررة بشهادة طبية لا غبار عليها، إلا أن هذه الشكوى لم تكن كافية لحماية الفقيدة، إذ بقي الزوج العنيف طليقا، حتى استقر على قتل زوجته التي راحت ضحية للإستهرار و عدم الإكتراث القاتل.
“اسمها رفقة الشارني و أنا الضحية القادمة”
هو شعار تردد على ألسن نساء تونسيات اخترن أن يكن صرخة عالية و مدوية في ظل تخاذل القانون و غيابه، شعار أريد به التوعية و لفت الإنتباه تجاه العنف الأسري، و ما يتسبب فيه من جرائم ضد النساء التونسيات.
أما عن سبب عدم القبض على الزوج عندما اشتكته زوجته أول الأمر بسبب تعنيفه إياها، فقد تم تبريره من قبل المحكمة الإبتدائية بالكاف، كون الزوجين قد تصالحا، و أن الفقيدة كانت قد أسقطت الدعوى متنازلة بذلك عن حقها في تتبع زوجها قضائيا، و هو ما حدث اثر اعتذار الزوج للزوجة عند مثولهما أمام النيابة العمومية.
و لكن بقاء الزوج في حالة سراح رغم اعتدائه على زوجته أثار عدة تساؤلات و لغطا كثيرا، ذلك أن القانون التونسي لا يُسقِطُ التتبع القضائي لمرتكبي العنف بمجرد تنازل الضحية، و قد رأى البعض في مثل هذا التجاوز تحيزا أمنيا خطيرا، ذلك أن مرتكب الجرم في نهاية المطاف أمني.
آخر تطورات القضية
هي معلومة جديدة و خطيرة، وردت في إفادة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية في الكاف السيد “ماهر كريشان” الذي أكد بأنه تم مساء أمس مساءلة رئيسة جمعية النساء والمواطنة بالكاف “كريمة البريني”، ليتأكد له بأن الراحلة “رفقة الشارني” كانت قد استنجدت برئيسة الجمعية مُعلِمةً إيّاها بأن زوجها قد عمد إلى تهديدها بالذبح في صورة عدم اسقاطها لشكايتها ضده.
إن هذا التستر عن هذه المعلومة الخطيرة يعد خرقا واضحا و صريحا للقانون، حيث كان يجب على المذكورة “كريمة البريني” الإفصاح عن هذه المعلومة، فلو تم الإدلاء بهذه المعلومة للمصالح المعنية و المخولة للتصرف و التحرك ضد مثل هذه التهديدات، لكان بالإمكان تفادي هذه الجريمة الشنعاء، و لكن شاء القدر أن تُطوَى الحكاية و تُختَتَمَ بجريمة قتل قد ساهمت فيها عدة أطراف، وجب الإقتصاص منها حتى تكون عبرة لكل من يعتبر.
في الختام نترحم على روح الفقيدة و نتمنى من الله أن يرزق أهلها و ذويها جميل الصبر و السلوان، كما نتمنى أن تكون هذه الفاجعة المؤلمة و الممزقة للأفئدة، الأخيرة من نوعها إذ لا بديل اليوم من حماية المرأة التونسية ضد العنف، و منحها كل حقوقها حتى تدافع عن نفسها و تأمن من شر المعتدين.
بلال بوعلي