جريدة الخبير

قبل الثورة… بعد الثورة

Image 5

لعل من أكثر العبارات التي ترددت على مسامعنا ما بعد 14 جانفي 2011 عبارتي: قبل الثورة وبعد الثورة، وقد استعملهما كل الناس تقريباً من المواطن العادي إلى جهابذة السياسة مروراً بالمفكرين والمحللين وعامة المثقفين. ومن البديهي أن يكون إستعمال هذه العبارات في كل مقام وتكرارها في كل مقال قد رسخ في اللاوعي الجماعي مفهوماً موحداً للثورة:أنها علامة وحيدة في التاريخ ولدت في يوم واحد أو يومين تفصلهما أربعة اسابيع…

إن إختزال الثورة بهذه الطريقة السحرية جعلت يداً خفيفةً وخفية تزيح كل التراكمات التي سبقت ذلك اليوم أو تلك المدة الوجيزة وتفسخ مسبقاً كل التبعات.

أما «النخبة السياسية» فليس من مصلحتها تفسير الثورة للناس لأن ذلك لن ينفعها سياسياً وهو عملٌ شاقٌ وطويلٌ وغير مضمون النتائج ذلك أن التصور الجماعي الموروث تعود على ألا يتم تغيير إلى عن طريق إنقلاب مع إستثناء واحد أو يكاد تجسد في تعامل العملاقة نزيهة رجيبة «أم زياد» مع الوضع الجديد بحيث إعتبرت أن الهيكلة العقلية التي تعودت على مجابهة النظام ألقائم والجاثم على الصدور ليست جاهزةً لكي تقلع عن النزعة التصادمية والبحث عن الصراع ومحاولة تقويض النظام الفاسد فأعطت لنفسها فترةً لإستبطان الوضع الثوري الجديد من شأنه إعطاء شحنات قوية لإستنباط الحلول وتصور مخارج للأزمات والإبداع بتحرير الخيال والمخيال.

إن الجمود الفكري لبعض المثقفين والكسل الذهنٍ للكثير من «الناشطين» والقراءة المبتورة للأوضاع عند الكثير من «الثوريين» كلها مجتمعة تجعل شباب الثورة وشعبها يختصرون كل المسار في خطوة واحدة ثم يجلسون متعبين يسمعون روايات هذا الحكواتي أو ذاك.

الحالمون يستيقظون رويداً رويداً ليكتشفوا أن السحرة سلبوهم زمان الثورة ومكانها.

الحالمون يفكرون في يوم أخر يمثل لهم في شبه وعييهم ثورة أخرى.

بقلم صالح منوبي 

index

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *