جريدة الخبير

23/01/2023
جريدة الخبير, أخبار الاقتصاد التونسي
31140935
lexpert.tn@gmail.com

قانون المنافسة من خلال التشريع وفقه القضاء.. كتاب جديد لمحمد العيادي و غازي الجريبي

لطالما كان قانون المنافسة أحد أكثر القوانين تعقيدا و إبهاما، و لفهمه كان لا بد من شرحه بطرق بسيطة و سهلة لا تستعصي على فهم القارئ العادي و يستسيغها كل قارئ متفقه في القانون.

في هذا السياق وُلِدَ كتاب “قانون المنافسة من خلال التشريع وفقه القضاء” و فيه حرص كل من الأستاذين “محمد العيادي” و “غازي الجريبي” على تحليل قانون المنافسة من زاويتي نظر مختلفتين في القانون و هما التشريع من جهة و فقه القضاء من جهة ثانية، حتى يكون تحليل هذا القانون مكتملا كما ينبغي لكل من يريد فهمه و التوسع فيه و اتخاذه مرجعا في ظل محدودية و ضيق المراجع في مثل هذه المواضيع.

 

ذكر الكاتبان في مقدمة كتابهما أن الدولة التونسية شرعت في إرساء إصلاحات جوهرية منذ سنة 1985 و ذلك استجابة للمد الدولي الذي وضع ثلاثة محاور لإرساء فضاء حوار و تعاون بين دول الإتحاد الأوروبي و دول الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، و تم إيلاء هذه المحاور الترتيب التالي:

1- المحور السياسي و الأمني.

2- المحور الإقتصادي و المالي.

3- المحور الإجتماعي و الثقافي و الإنساني.

و من هنا قررت تونس أن تدمج الإقتصاد الوطني في الإقتصاد العالمي انطلاقا بالقارة العجوز.

ترتبط المنافسة أساسا بالأسعار، و قد أصبحت إحدى الركائز الأساسية للسوق، فهي تشجع على الإنتاجية و تحفز الإبتكارات مما يضعنا أمام محاولة جدية لبناء اقتصاد قوي قادر فعلا على المنافسة و الإكتساح.

 

حتى تكون عملية الفهم سليمة، و الإستفادة من مُؤَلّفٍ ما حاصلة كما ينبغي، لا بد أولا من شرح كل المفاهيم التي يرتكز عليها المؤلف لإيصال فكرته، و هنا بالتحديد حرص كل من العيادي و الجريبي في مستهل كتابهما على شرح مفهوم المنافسة و كل ما يرتبط به في عدة صفحات، و ذلك حتى يكون الكتاب جامعا فلا يضطر قَارِؤُهُ لتضييع الوقت في البحث عن المفاهيم المستعصية، و التي قد تكون منتشرة هنا و هناك بشكل غير منظم أو دقيق فلا تمثل قراءتها و الإطلاع عليها سوى مضيعة للوقت و الجهد، بل إنه في بعض الأحيان قد تحيد بنا هذه المفاهيم المشروحة عن الفهم السليم لكتاب الحال، الذي تولى بنفسه عملية شرح كل الكلمات المفاتيح و المصطلحات الهامة حرصا على عدم إدخال القارئ في متاهات الفهم الخاطئ و هو ما قد يتسبب في ضياع الفائدة.

حتى لا نطيل و لا نفسد على السادة القراء متعة قراءة هذا الكتاب المفيد، نورد لكم الأجزاء الأربعة التي يتكون منها “قانون المنافسة من خلال التشريع وفقه القضاء”:

* الجزء الأول: مجلس المنافسة.

* الجزء الثاني: الوظيفة الإستشارية لمجلس المنافسة.

* الجزء الثالث: الوظيفة القضائية لمجلس المنافسة.

* الجزء الرابع: موضوع الممارسات المخلة بالمنافسة.

إن هذه الأجزاء التي يتكون منها الكتاب مجتمعة تحيط بموضوع قانون المنافسة بِشَكلٍ شَامِلٍ يَكَادُ يَكُونُ كَامِلًا، بحيث تحصل لدى القارئ بعد قراءة الكتاب كاملا ثقافة و معرفة مكتملة الأركان بقانون المنافسة بما هو قانون ينتمي لفرع القانون الإقتصادي.

 

هذا و يتطرق الكتاب في خاتمته للفرق بين الإقتصاد الكلاسيكي و الإقتصاد الحديث الذي يتقوم أساسا على الرقمنة، فشبكة الأنترنت أصبحت تعجّ بمختلف المنصات التجارية التي تكاد تبيع “لبن العصفور و حليب الغول” و هنا تساءل الكاتبان ما إن كانت هذه المنصات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية تمثل فعلا أسواقا بالمعنى المتعارف عليه لمفهوم السوق؟

هذا و لم يهمل الكتاب طرح اشكالية الحرب الروسية على أوكرانيا و ما ستتسبب فيه هذه النكسة العالمية من تغيرات اقتصادية و اجتماعية جذرية، حيث أنه في نهاية المطاف لا يمكن فصل السياسة عن الإقتصاد.

 

و ينذر الكتاب بأن الدول النامية ستعرف صعوبات اقتصادية غير مسبوقة، فكون هذه الدول تمتاز بالهشاشة و عدم القدرة على التعامل مع التطورات السريعة التي تحدث من حولها، فإنها دائما ما تكون الخاسر الأكبر و المتضرر الرئيسي من الحروب و الخلافات التي تكاد لا تنطفئ برهة من الزمن بين القوى العظمى الساعية للسيطرة و التكشير عن أنياب القوة و النفوذ منذ الأزل!

نجح هذا الكتاب في معالجة موضوع قانون المنافسة و شرحه شرحا بسيطا يتقبله العقل بكل وضوح، و البساطة في هذا السياق لا علاقة لها بتتفيه الموضوع، و إنما راعى الكاتبان محمد العيادي و غازي الجريبي جميع أصناف القراء، فألفا كتابا جامعا لكل ما يتعلق بالموضوع الذي اختارا معالجته.

دعوة لقراءة الكتاب.. لما له من قيمة كبيرة فيما يتعلق بخصوصية الإقتصاد التونسي إزاء التطور الإقتصادي العالمي المتقوم أساسا على المنافسة.

هذا عدا كون كل من العيادي و الجريبي متحصلان على الأستاذية في الحقوق، و هما على دراية عميقة بالقانون من جهة و الإقتصاد من جهة ثانية، مما يجعل من الكتاب مرجعا مهما يمكن للباحث الاستئناس به لدراسة قانون المنافسة.

 

بلال بوعلي