نظمت عمادة المهندسين التونسيين بالتعاون مع الجمعية الوطنية لمكاتب الدراسات والمهندسين المستشارين اجتماعا مع المهندسين المتعاطين لمهنة الاستشارة الهندسية للتباحث في مسائل عديدة تهم هذا القطاع الحساس الذي ظل حسب أهل الإختصاص مهمّشا خاصة من قبل الإدارة التونسية التي تمثلها مختلف مؤسسات القطاع لعام .
وأكّد المهندس أسامة الخريجي رئيس هيئة العمادة في مستهل الإجتماع أن مكاتب الدراسات والاستشارة الهندسية ركن أساسي في مهنة الهندسة بمختلف تخصصاتها . وأشار أيضا إلى أن العمادة بفريقها الجديد أقرّت برنامجا طموحا يضمّ 40 مشروعا للتطوير انخرط فيه إلى حد الآن 1000 مهندس وهو يرتكز بالأساس على محاور أربعة هي : تحسين الوضع المادي والمهني للمهندس مهما كان اختصاصه وحيثما كان وتكوين المهندسين في المهارات الإضافية وتحسين أداء العمادة وخدماتها سواء في مقرها المركزي أو من خلال ضرورة قربها من الفروع في الجهات وتفعيل دور العمادة كمخاطب كفؤ للسلطة وكشريك فاعل في تنمية الاقتصاد والبلاد .
وأكّد العميد أنه لا يمكن تحقيق مكاسب للعمادة و بالتالي لكافة المهندسين التونسيين إلا إذا أصبحت للعمادة « مخالب وأسنان « وعدة أدوات أخرى تستطيع بواسطتها أن تكون قوية ومهابة ولها مكانتها وكلمتها ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا من خلال أن يتوحّد الجميع تحت راية العمادة .
من الأزمة إلى الحلول
ومن جهته أكّد المهندس عبد الستار حسني الكاتب العام للعمادة وصاحب مكتب دراسات أن ممارسة مهنة مهندس مستشار تمرّ بأزمة وتعيش مشاكل كبيرة وخطيرة وأنه في إطار المشروع الجديد للعمادة سيتم بعث هيئة خاصة بالمهندسين المستشارين ومكاتب الدراسات صلب العمادة . وسيتم أيضا ضبط جدول خاص بالخدمات التي تسديها مكاتب الدراسات والمهندسون المستشارون وكافة المهندسين التونسيين في اختصاصاتهم المختلفة … وكذلك العمل على الرقيّ بمهنة المهندس علميا واجتماعيا من أجل المحافظة على شرف المهنة وعدم الانسياق وراء الإغراءات . وقال إن العمادة يمكن لها أن تنظم المسألة في نطاق صلاحياتها وإن الهدف من الاجتماع بحث إمكانية التنسيق وآليات العمل التي ترتقي بالقطاع وتجعله يحتل المكانة التي تليق به .
الجمعية لاتعوّض العمادة:
أما رئيس الجمعية الوطنية لمكاتب الدراسات والمهندسين المستشارين فقد أكد في تدخله أن الجمعية لم توجد لتعويض العمادة أو لتكون هيكلا موازيا لها . وفي إطار المشاكل التي يتعرض لها المهندس التونسي عموما قال إنه سيقع العمل على تنقيح الأمر عدد 71 لسنة 1978 الذي يمثل كراس شروط يضبط أتعاب المهندس والمعماري وظل العمل به ساريا منذ ذلك الوقت ولم يعد اليوم يفي بالحاجة بل تسبب في تدهور المهنة وأثر على المستوى العلمي والمهني . وأكّد أن هناك اليوم مراجعة لهذا الكراس على مستوى وزارة التجهيز بمشاركة المهندسين المعماريين والعمادة وأن كل طرف قدّم اقتراحاته في هذا الصدد وأن هناك تعطيلات من قبل بعض الأطراف التي ما زالت تشدّ إلى الوراء .
التوحّد لتحقيق الأهداف
اتفق المهندسون الحاضرون الذين جاؤوا من جهات عديدة من البلاد وكذلك أعضاء الهيئة الوطنية لعمادة المهندسين ورئيس جمعية مكاتب الدراسات والمهندسين المستشارين على عدّة نقاط أساسية وضرورية لجعل العمادة إحدى أهم الهيئات الوطنية التي لها دورها وكلمتها لدى دوائر القرار على غرار عمادة المحامين وعمادة الأطباء وبقية المنظمات الوطنية . ودعا الحاضرون إلى ضرورة نشر فكرة التآزر بين المهندسين ليكونوا من خلال عمادتهم فاعلين أكثر خاصة في ظل « حرب حقيقية بيننا وبين المعماريين الذين أرادوا أن يأخذوا كل شيء وأن يجعلوا منّا مجرّد صنّاع « حسب ما قال أحد الحاضرين . وأكّد الجميع أن هناك صعوبات ومحاولات تعطيل لكن يمكن تجاوزها بالتكافل والتوحّد خاصة أن عدد المهندسين في تونس يناهز 70 ألف مهندس وأن هذا العدد في ارتفاع من سنة إلى أخرى بما يعني أن انخراطهم في العمادة يمكن أن يجعل منها منظمة وطنية ذات وزن كبير. ودعا البعض إلى ضرورة مراجعة القانون الأساسي للعمادة نحو الإهتمام أكثر بمكاتب الدراسات والمهندسين المعماريين وأشاروا إلى أن الوضع الحالي في الإدارة التونسية يكرّس الحيف والظلم حيث أن المعماري هو الحلقة الرئيسية في كافة المشاريع بينما يقع تقزيم دور المهندس الذي لا يقل عن دور المعماري وربما يفوقه أيضا .
ومن جهة أخرى أشار البعض إلى أن « قدرة العمادة على المهندس موجودة ومضمونة لكن يجب أن تكون لها أيضا القدرة على التعامل مع الإدارة بمرتبة الندّ للندّ وأن تفرض كل ما يكون في صالح المهندس .». وأثار البعض أيضا مسألة بقاء المهندس تحت رحمة مراقب المصاريف وبعض الإجراءات الإدارية بما يؤثّر على حياة الكثير من المهندسين وعائلاتهم . وركّز طرف آخر على بعض الإجراءات الإدارية التي تنتهجها « بعض اللوبيات « وهذه الإجراءات تضيّق مجال العمل على المهندسين من خلال استحالة أن يعمل من يقطن في صفاقس مثلا في سوسة والعكس بالعكس .
مشاكل أخرى حان وقت زوالها:
أشارت إحدى المهندسات إلى مسألة التكليف بالمشاريع الصغرى حيث تنتفع الأطراف كلها ماديا إلا المهندس الذي لا ينوبه غير التعب والفتات . وأثار مهندس من منزل بورقيبة مسألة تغوّل الإدارة على المهندس وبالقانون أيضا . وإزاء هذه المشاكل اقترح بعضهم وبالإضافة إلى التآزر والتوحّد ضرورة الإنخراط في الجمعية ومن ثمّ العمادة عسى أن يصبح للمجموعة وزن أكبر وفاعلية أكبر . واقترح البعض الآخر ضرورة التفكير في « خاتم موحّد « يقطع الطريق أمام بعض الممارسات التي لا يمكن القيام بها في هيئات وطنية أخرى . وأشار مهندس آخر إلى مسألة على غاية من الأهمية وهي أن الإدارة التونسية تعاني من قلّة التنظيم بينما توجد آلاف من الكفاءات الهندسية التونسية عاطلة عن العمل إذا علمنا أن انتدابها سيفيد الإدارة بشكل قاطع . وأثار آخر إلى مسألة « العقوبة المالية « التي يتعرّض لها المهندس في صورة أي تأخير في تنفيذ المشاريع بينما تتلكّأ الإدارة في خلاص المهندس مثلما تريد ولا أحد ولا أي قانون يجبرها على الإلتزام بتعهداتها بخلاص المهندس . وفي هذا الإطار تم اقتراح بعث هيكل قانوني صلب العمادة يتولّى نيابة المحامين في كافة نزاعاتهم مع الإدارة خاصة أن العديد منهم فرّط في حقوقه المادية بسبب إجراءات الروتين الإداري وتسلّط الإدارة في بعض الأحيان . وذهب آخرون إلى أكثر من هذا حيث اقترح ضرورة ألّا تتم الموافقة على تقارير التسليم النهائي للمشاريع لفائدة الباعثين على سبيل المثال إلا بعد موافقة العمادة التي لا تمنح التأشير إلا إذا تأكدت من أن المهندس قد تلقى كافة مستحقاته دون أي تأخير.
ولعل أهم ما تطرّق إليه الحاضرون ضرورة أن تتولّى العمادة دون غيرها إصدار تراخيص ممارسة المهنة على غرار ما يحدث في أغلب الهيئات المهنية داخل تونس وخارجها .