السيد آزر زين العابدين : رئيس الجمعية التونسية لقانون الأعمال و محامي لدى التعقيب
يندرج موضوع ” التحكيم و الاستثمار ” و ” التحكيم و النزاعات التجارية ” ضمن موضوع دعم الاستثمار بمعنى ان الاستثمار هو الركيزة الاساسية للاقتصاد لان خزينة تونس فارغة بحكم العديد من الأسباب الزيادة في الاجور و الزيادة في عدد العاملين و كذلك القروض التي من المفترض ان تذهب لدعم الاستثمار أصبحت تذهب الى مصاريف اخرى.
فإذا أردنا هنا الزيادة في الإنتاج و دعم الاقتصاد و تخفيض البطالة و توفير مواطن الشغل … يجب القيام بالاستثمار و لكن من سيستطيع القيام بذلك و خزينةٌ الدولة فارغة و هنا لا يجب ان يقوم بها إلا القطاع الخاص و عند الاقتضاء بالشراكة وبين القطاع العام و الخاص.
و لكن عند الحديث عن الاستثمار و جذب المستثمرين، فان المستثمر لا يأتي الا بعد تقييم و تقويم قانون البلاد التي يرغب الاستثماربها و القضاء كذلك فالمستثمر لا يأتي بصورة مباشرة و إنما بعد تأكده من وجود أمن قانوني بمعنى انه لديه ثقة و اطمئنان بالدولة التي سيستثمر بها لذلك يجب ان يكون هناك مناخ سياسي موجود و الذي يضمن تواصل و ديمومة القاعدة القانونية . اذا من المفترض ان تكون القاعدة القانونية واضحة و شفافة و بسيطة كي تجلب المستثمر و يمكنه حقيقة ان يفهمها المستثمر و القاضي و كافة الأفراد كي نستطيع جذب و جلب المستثمر و لكن و للأسف هذا غير موجود في تونس.
و عند الملاحظة هنا، نرى ان كل قانون مالية اضافة اليه يوجد العديد من القوانين الجبائية و في كل مرة اجراء جديد و معطيات جديدة فهنا لم يعد هناك نوع من الاستقرار الذي يجعل رجل الاعمال يأتي و يستثمر.
وبالنظر الى القانون الأخير و هو القانون المتعلق بتحفيز الاستثمار و تحسين مناخ الاعمال و الذي قامت به وزارةٌالتنمية و الاستثمار و التعاون الدولي نجد ان القانون غير واضح و متشعب و هو قيد كثيرا من النصوص فأي تحفيز للاستثمار سنجده هنا فمن الثوابت التي من المفروض ان يقع احترامها هو الأمن القانوني الذي يجب ان تكون فيه القاعدة القانونية واضحة.
و الاشكالية المطروحة اليوم و بصفة عامة في هذه المواضيع هي ” من هو القاضي المناسب لفض النزاعات التجارية و نزاعات الاستثمار؟ فهنا اضافة الى الأمن القانوني يوجد هناك أمن قضائي و الذي يعكس الثقة في السلطة القضائية بِمَا يعني إستقلالية السلطة القضائية فعندما نتحدث عن إستقلالية السلطةٌ القضائية فإننا لا نتحدث عنراستقلالها عن السلطة التنفيذية كما يروج الى ذلك و إنما الاستقلالية في الاستقلال عن جمعيا العلاقات الشخصية و كذلك عن مجموعات الضغط كالاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية و الاتحاد التونسي للشغل و عن الانتماءات الشخصية فمن المفترض هنا ان ينتمي القاضي الى مهنته لا غير و لا سلطان عليه الا القانون و ضميره… و اذا و بالنسبة الى رجل الاعمال الذي يرغب في الاستثمار فانه مهما كانت التشجيعات التي ستوفرها له فانه اذا لم يكن واعيا بان كل مليم سيستثمره سيجد حقه فيه فانه لن يأتي و لن يستثمر أبدا.
لذلك صفات القاضي بصفة عامة يجب ان تكون صفات القاضي الذي يحقق العدل و يعطي حق الناس ليطمئن المستثمر و يعلم ان ام اله مؤمنة و ان حريته مضمونة و شرفه محفوظ و هذا هوالقاضي الذي يجلب المستثمر. و لكن هنا هل يمكن للقضاء ان يوفر هذه الصفات ام لا؟
و تعتبر آلية التحكيم موجودة في تونس و لكن بالنسبة الى القضايا العدلية و القضاء العادي فهي لا تمثل اي شيء ففي احصائيات لسنة 1998 نجد ان التحكيم الداخلي لم يفصل سوى 30 قضية و بالنظر الى عدد القضايا العادية نجدها اكثر بكثير فهي بمئات الآلاف . و ربما يعود ذلك الى ان تجربتنا في التحكيم يمجد بها خيبات أمل اذ يوجد العديد من القضايا التي لم تذهب في الاتجاه الصحيح اذ ان بعضها استغرق وقتل طويلا و يعود ذلك الى ان التحكيم خدمة و معرفة فليس كل إنسان حتى و ان كان محاميا او قاضيا او مختصا في القانون يمكنه ان يكون محكما اذ لا يمكن ان يكون كذلك الا عندما يتعلم ابجديات العمل التحكيمي و فهمه فالتحكيم هنا ينطلق قبل كل شيء من الشرط التحكيمي.
و بالنسبة الى تكلفة التحكيم، فان اجور المحكمين من المفروض انها مرتفعةرو لكن في مقابل ذلك معلوم تسجيل الحكم لا يدفع فنحن نعرف بصورة عامة انه عند إصدار الأحكام و عند أخذ نسخة تنفيذية يتم دفع 50% و عندما يكون هناك حكم تحكيمي في نفس الموضوع لا تدفع ظ50% بالرغم ان المحكمين يأخذون أجور و حتى المحامين في قضايا التحكيم يأخذون أجور كالمحكمين تقريبا و لكن على الأقل هناك اعفاء جبائي و هو اجراء تم اتخاذه لتشجيع التحكيم.
و بالنسبة الى الشرط التحكيمي، فإننا يجب إعلام الجميع ان المحامي او المستشار القانوني هو من يحرره في العادة و لكن هو مبني أساسا على حرية الطرفين و يتم الاتفاق على مكان التحكيم و لغة التحكيم و القانون الذي سيطبق في التحكيم و حتى و ان لم يتم ذكر ذلك فان هيئة التحكيم تطلب من الطرفين ذلك فهو ليس أمر مسلط على الطرفين و الامر الجيد هنا في التحكيم ان الطرفين هما من يختارا اللغة و القانون و مكان التحكيم و كذلك المحكم بمعنى ان المعني بالأمر يعرف المحكم فالمعني بالأمر شارك في تعيين هيئة التحكيم فالفكرة الاساسية هنا و التي يجب دعمها هي ان التحكيم مبني أساسا على فكرة الحرية.
و هنا اريد الإشارة انه لدينا في تونس مركز للتحكيم و المصالحة و هذا المركز تم إنشائه سنة 1996 و هو جمعية بها العديد من خيرة رجال القانون و المحكمين و قد عرف هذا المركز إشعاعا كبيرا على المستوى الوطني و العالمي و تموقع و قد كان وجهة تقوم بالعديد من التظاهرات و لكن و للأسف الآن هناك نوع من الفتور داخله و لابد من النظر في الموضوع بصورة جدية فهذا المركز مكسب هام على الساحة القانونية و التحكيمية و يجب المحافظة عليه و تطويره و هذا لا ينفي انه يمكن التفكير في بعث مراكز أخرى للتحكيم.
و في الأخير هنا و عندما يكون هناك بصفة عامة مركزا للتحكيم مهيكل امكانيةٌ الإبطال تكون قليلة و امكانيةٌ المساعدة و الوقوف مع المحكمين كبيرة جدا.
و نحن كجمعية تونسية لقانون الاعمال هدفنا هو التحسيس بالتحكيم و بضرورة الالتجاء إليه لما يوفره من مزايا لدعم الاستثمار في البلاد و في قطاع الاعمال.
