تعتبر ثقافة اللجان متأصلة في المواطن التونسي، حتى إننا في المجال الإقتصادي نعطي لكل شيء لجنة.
و كانت هذه الثقافة تضمن للمستثمر أو طالب الخدمة، أن تكون معاملته حسنة و عادلة، من قبل لجنة تتولى النظر في الملف الإستثماري، و ذلك حرصا على إنصاف المستثمر. أما اليوم فقد تطورت التشريعات و القوانين في كل أنحاء العالم، لتتطور أيضا كبرى المدن و تتأقلم مع معطيات التقدم التكنولوجي، و عليه فقد أصبحت المؤسسات تبعث في ثماني دقائق فقط، و نجد مثالا لهذا في دولة سلوفينيا.. و لكن نحن للأسف لا نزال متوقفين عند ثقافة اللجان.
دخل قانون الإستثمار حيز النفاذ سنة 2017 و كانت فكرة هذا القانون تقضي بحذف كل الرخص التي تمر على اللجان، و تحرير كل الأنشطة الإقتصادية من الرخص المسبقة، إلا أن هذا الأمر لاقى مقاومة كبيرة، من قبل عديد الإدارات التي سعت إلى الإبقاء على التراخيص، و إخضاع العديد من الأنشطة لكراس الشروط. و تعتبر أغلب هذه اللجان استشارية بامتياز، كما نجد في تركيبتها العديد من العناصر الغير ملائمة لتولي مهام اللجان، و ينجر عن هذا الأمر تعطيل كبير للمسثمر في إطار اللجنة.
كما أن هذه اللجان دائما ما تكون منقوصة و غير مكتملة العدد. و لكن بالرغم من ضعف حضورها البشري، فإنها تحكم على الملفات الإستثمارية بالرفض، من ما يدفع المدير العام أيضا بما هو المسؤول الأول عن اتخاذ القرار الحاسم في كل ما يخص هذه الملفات، إلى تبني قرار اللجنة و رفض الملف، في حين أن تلك اللجنة كانت استشارية لا غير!!!
في نهاية الأمر تبقى تونس متوقفة عند ثقافة اللجان، التي تتمسك بها العديد من الإدارات و المؤسسات، و يبقى تحرير النشاط الإقتصادي حلما بعيد المنال.. و هذا أمر جد مؤسف.
صندوق النقد الدولي عاجز عن توقع الأزمات المالية
ما نعيبه على صندوق النقد الدولي أن قروضه مشروطة بوضع برامج إصلاح هيكلي اقتصادي، وهذا يمنح الصندوق حق التدخل في الشأن الداخلي للدول، و هذا يتعارض مع مبدأ سيادة الدولة. فكون القرض مشروطا بالإصلاحات الداخلية، فإنه يتدخل ضرورة في سيادة الدولة، و هذا أكثر ما يعاب على الصندوق من قبل العديد من البلدان.
و الشروط المفروضة في مجال الإصلاح الهيكلي أربعة، و هي كالتالي:
1- الإنفتاح على رأس المال الأجنبي
2- الإنفتاح على التجارة العالمية و الدولية للسلع و الخدمات
3- خوصصة المؤسسات العمومية
4- التقشف في الميزانية
و المشكل الكبير في هذه الشروط ماثل في ما نهجته بلدان أمريكا اللاتينية من تقشف في الميزانية و ضغط على السياسات النقدية.. و قد نجحوا في ذلك. و قد تم فعل نفس الأمر في آسيا، في حين أن آسيا ما كان يجدر بها فعل مثل هذا الأمر.
و لنا مثال آخر صادر عن مكتب تقييم مستقل تابع لصندوق النقد الدولي، حيث أصدر هذا المكتب تقريرا يعترف فيه بأن مشكلة الصندوق الأساسية و الجوهرية، هي عدم القدرة على التوقع، توقع الانفجار أو الأزمة المالية، و نجد مثالا لذلك في أزمة 2008 حيث فشل الصندوق في توقع الأزمة المالية لتلك السنة.
هذه الهنات التي يعاني منها صندوق النقد الدولي، تجعل الكثير من البلدان في غنى عن اللجوء إليه.