استضاف برنامج “L’Expert ” في حلقته الثامنة عشر من الموسم الخامس الذي يبث على قناة ” تونسنا ” مجموعة من الخبراء والمستشارين والفاعلين الاقتصاديين للحديث عن اخر المستجدات في عالم المال والاعمال وعن العديد من الملفات الحارقة وفيما يلي نص الحوار:
السيد فيصل دربال: المقرر العام للجنة المالية بمجلس نواب الشعب
تأخذ وزارة المالية في العادة احتياطاتها مسبّقا عند اخذ أي قرض وبالتالي القرض الأخير الذي وقع الاتفاق عليه وامضاءه وتم تمريره الى اللجنة المالية ليقع فيه جلسة استماع مع السيد وزير المالية يوم الثلاثاء المقبل سيكون للمواعيد النهائية لشهر فيفري ومارس.
وسنأخذ عن هذا القرض المزيد من التوضيحات في الجلسة التي ستقام وعندما ندرسه جيدا نجد انه أفضل بكثير من القروض الموجودة في السوق العالمية لان نسبة الفائدة فيه ستكون بين 2 بالمائة و2.5 بالمائة و2.75 بالمائة ومصدر هذا القرض هو 17 بنكا.
وأريد التوضيح هنا ان هذه الأمور ليست من ايداعات حرفاء البنوك وإنما هي أموال من البنوك خاصة وان البنوك الأجنبية اخذت تراخيص من الشركات الام شركات ليبية كانت او سعودية او قطرية… وبالتالي ظروف وشروط القرض ميسرة نوعا ما وداخلة في الميزانية لأنه عندما تمت المصادقة على الميزانية تمت المصادقة على 8.8 مليار دينار قروض خارجية وتقريبا 2.8 او 3 مليار دينار قروض داخلية وحاليا شروط القروض وأين ستوجه وكيف سيتم سدادها؟ سيكون موضوع جلسة الحوار مع وزير المالية.
وبطبيعة الحال الكل يعرف هنا اننا نعيش وضعا صعبا، وكل الخبراء والمسؤولين اكدوا ورددوا ذلك واذا لاحظنا الوضعية الحالية ولاحظنا أسبابها وشاهدنا الحلول فالوضعية هنا صعبة فإذا اخذنا هنا مخطط الوضع الاقتصادي لابد ان نتساءل عن المشاكل الخمسة الأساسية الموجودة في الاقتصاد او المعوقات الكبيرة لأننا لا نستطيع التطرق الى الحلول إلا بالقيام بالتشخيص او التحليل أولا فالمشكل الأول يتمثل في النمو فنسبة النمو 1.1 بالمائة و1.4 بالمائة او 1.5 بالمائة وبمعدل 1.9 بالمائة لا يمكننا التقدم خاصة وانه ليست امكانيات نمونا فبالرغم من ان امكانياتنا تسمح لنا بالقيام بنسبة نمو اكبر فنسبة النمو لدينا مقارنة بنسبة النمو في العالم تبلغ 0.05 بالمائة وعدد سكان تونس بالنسبة لعدد سكان العالم ككل يبلغ 0.013 بالمائة بمعنى اننا ثلث امكانياتنا وبالتالي نسبة النمو اجباريا يجب ان تتحسن وقد انجر عنها مديونية عالية وهذه المديونية هي نتيجة خدمة الدين الذي يثقل كثيرا فنحن اليوم بصدد سداد 9.3 بالمائة من الناتج الإجمالي الخام كخدمة دين.
وإضافة الى ذلك، نجد التضخم المرتفع والذي رغم تراجعه في الأشهر الأخيرة مازال مرتفعا وهنا أقول انه عندما يفوق التضخم نسبة 3 بالمائة يؤثرذلك كثيرا على الاستهلاك على القدرة الشرائية ونحن بحاجة الى الاستهلاك لأنه عنصر من عناصر النمو.
ويوجد كذلك تراجع كبير في الاستثمار والادخار. فنسبة ادخار ب5.8 بالمائة ونسبة ضغط جبائي ب25 بالمائة لا يمكننا من الاستثمار واذا لا يوجد استثمار فانه لا توجد تنمية وبالتالي لا يمكن التشغيل ونصل هنا الى المعضلة الخامسة والتي هي نسبة البطالة المرتفعة جدا وهي وضعية لا يمكن ان تتواصل هكذا فاليوم ومنذ سنة 2012 الى سنة 2016 يوجد ارتفاع في المداخيل الذاتية ب3,8 بالمائة وارتفاع في نفقات التنمية ب4 بالمائة ونفقات التأجير ب10.5 بالمائة والتداين زاد ب13 بالمائة فأي دولة يمكنها ان تقاوم في ظل هذه الأوضاع؟.
واعتقد هنا ان السبب الرئيسي في ذلك يتمثل في ضرب قطاع هام جدا وهو قطاع البناء والبعث العقاري فتونس كانت تقوم بتشييد 14 الف مسكن واليوم وصلنا الى 4 الاف فقط فاذا تراجع قطاع البعث العقاري كثيرا فلن يتراجع بمفرده وهنا لا اتحدث عن الشركات العقارية الخاصة اذ لدينا ثلاث شركات مدرجة بالبورصة سنة 2018 واحدة فقط بصدد الربح وأرباحها جاءت أساسا من مكاسب راس المال لأنها قامت ببيع الأسهم واثنتين حققتا عجزا في حين انها في السابق كانت تقوم برقم معاملات وارباح كبيرة جدا وهناك قرابة 45 قطاعا تضرر من تراجع قطاع البناء والبعث العقاري وحتى بالنسبة للشركات الوطنية ك ” “SNIT الموجودة في الشمال والوسط والجنوب انخفض رقم معاملاتها ما بين 30 و50 بالمائة والخطير هنا هوان ازمة هذا القطاع ستتحول الى ازمة في القطاع المالي لان شركات الايجار المالي اليوم هي النظام المالي المزدهر والتي تساهم مساهمة كبيرة جدا في الدورة الاقتصادية تواجه اليوم صعوبات كثيرة فشركات الايجار المالي انخفض اليوم رقم معاملاتها ب23 بالمائة سنة 2019 ونتائجها تراجعت والديون المصنفة بمعنى الديون المشكوك في استخلاصها ارتفعت ب25 بالمائة ويوجد العديد من الشركات التي ستسجل خسائر كبيرة واذا تواصل هذا الوضع فسينتقل من شركات الايجار المالي الى البنوك واذا حصل ذلك فيا خيبة المسعى ولذلك لابد للحكومة القادمة إعطاء الأولوية المطلقة لهذه الملفات وهذه القطاعات.
وبالنسبة لموضوع الشفافية والعمل بالمعايير الدولية RFRS، فأتذكر انه سنة 2007 قامت هيئة الخبراء المحاسبين بتنظيم مؤتمر موضوعه الانتقال للمعايير الدولية وقد قدمت مع السيد رؤوف يعيش مداخلة قدمنا خلالها دراسة وأردنا تمرير معايير RFRS ولكن الظرف تغير كثيرا اليوم لان المعايير الدولية ابتعدت عنا كثيرا فاذا قمنا بها في ذلك الوقت لاستطعنا اللحاق بالتطورات التي حدثت في هذه المعايير ومثال على ذلك فان المعايير الدولية اليوم او ما نعبر عنه ب RFRS16 كل عقود الكراء عقد كراء عادي كان او عقد تمويل يجب ان يمر بالتعبئة ونتخيّل هنا بنوكنا التي لديها العشرات من الفروع المكتراة لذلك فهو ورشة كبيرة. هذا من جانب. ومن جانب أخر فان هيكلة بنوكنا وخاصة البنوك العمومية لا تتحمل الان لان المرور الى المعايير الدولية في هذا الوقت سينجر عنه نقص في الأموال الذاتية بالنسبة للبنوك لان المخصصات لا تقبل والضمانات لا تقبل مثل الان فإذا كانت الضمانات لا تقبل بالطريقة المعمول بها حاليا وإذا كانت المخصصات يجب ان تكون أكبر وإذا كانت هناك مراجعة لأثمان التكلفة فسيكون هناك نقص في الأموال الذاتية ولذلك انا مع اعتماد معايير RFRS ولكن أرى انه في الوقت الحاضر غير ملائم اذ لدينا عدة أزمات.
وبالنسبة لإصدار القانون بإلزامية القوائم المالية لسنة 2020، فهو قرار تابع للمجلس الوطني للمحاسبة أي من مشمولات وزارة المالية ولذلك أرى انه يلزمنا قانون لتطبيق RFRS لأنه في الوقت الحاضر لدينا قانون 112-96 وهو قانون النظام المحاسبي للمؤسسات ونجد معه الامر فإذا سنقول انه يجب اعتماد RFRS سيقول الجميع انه يجب تنقيح هذا القانون حتى يمكننا التوجه الى المعايير الدولية لأننا عند القيام بإعداد قانون المالية لا اتوجه الى توصية CMF او توصية وزارة المالية او توصية البنك المركزي بل أتوجه للقانون الذي يضبط النظام المحاسبي للمؤسسات وهذا الأخير ليس RFRS وبالتالي اذا أراد السادة بوزارة المالية والبنك المركزي المرور للمعايير الدولية يجب تغيير قانون 112-96 .
وفيما يتعلق بالقطاع الموازي، فاعتقد انه مرتبط بنظامنا الجبائي وكذلك بالنظام القانوني والاجتماعي والحالي و بالنسبة لصغار المؤسسات فقد قمنا بإعداد مشروع قانون جيد للمبادر الذاتي وهذا اعطى نتائج إيجابية في البلدان التي قامت به كفرنسا والمغرب اين مكّن من التخفيض في نسبة البطالة بعدة نقاط وهذا يجب القيام به حتى ننظم ونقلص من القطاع الموازي ونقوم له بنظام جبائي ونظام اجتماعي ملائم وكذلك تغطية اجتماعية وهنا فإن مئات الالاف إن لم نقل ملايين معنيين بهذه العملية.
كما يجب ان نجد حلا للمصالحة لأننا اليوم معطلين فهناك مليارات مجمدة .
كما قمنا في السنة الفارطة بإجراء قانون رفض المعاملات الماليّة التي تفوق 5 الاف دينار نقدا فلم يعد القطاع الموازي يرغب في التحرك فأصبح العاملين في القطاع الموازي معطلين والبلاد معطلة فلماذا لا نجد حلا في كيفية ادخال نقودهم في الدورة الاقتصادية وننتقل للصرامة في تطبيق القانون؟.
وأريد الإشارة هنا اننا في الوقت الحاضر بصدد العمل على قانون العفو عن جرائم الصرف ففي اللجنة المالية جاءنا مشروع قانون من رئاسة الحكومة كجهة مبادرة على عفو جرائم الصرف ونحن بصدد العمل عليه وقد وجدنا إشكاليات عدة فالموضوع هنا صعب قليلا ومعقد فهناك أناس لديهم أموال في الخارج والعفو يقول انه يمكن ان يجعلهم في شكل عملات صعبة ولكن قانونيا يمنع المقيم من ان يكون لديه عملة صعبة وحتى دستوريا ليس من المعقول ان يكون هناك تونسيين واحد منهم مرخص له ان يكون لديه حساب بالعملة الصعبة والأخر غير مرخص له ولذلك قررنا مراجعة قانون الصرف لأنه حقيقة لا يتلاءم مع سنة 2020 لذلك سنقوم بمراجعة المنظومة الكاملة وفي نفس الوقت يمكن زيادة إجراءات المصالحة او التسوية في مخالفات الصرف وانا متأكد من نجاحها فالمشاكل وجدناها والوضعية قمنا بدراستها وهي صعبة جدا ولا يجب ان تؤدي للانفجار وحسب رأيي أرى ضرورة القيام بقانون انعاش اقتصادي على الفور ويكون أولا بمراجعة منظومة الاستثمار فالاستثمارات سنة 2019 كانت اقل من استثمارات سنة 2008 لان المنظومة التي قمنا بها فشلت وخاصة المتعلقة بالامتيازات الجبائية والمالية ويجب هنا القيام بمراجعتها ونحسّن من حلول عاجلة للمؤسسات العمومية وهذا في اطار قانون انتعاش اقتصادي يصدر في اقرب وقت وقانون المالية فقط لضبط الميزانية فكيف سنقوم الان بقانون مالية تكميلي ونحن ليست لدينا فكرة على معاييرنا ؟ .
وبالنسبة لقانون الزكاة، فانا لست ضده ولا يمكنني ان أكون ضده ولكنني أرى ان الوقت غير ملائم في وضعية قانون المالية وفي العديد من التجاذبات ونأتي نحن في قانون المالية ونضيف فصلين متعلقين بالزكاة فالتمشي هنا ليس صحيحا وهنا انا لست ضد الزكاة وصندوق الزكاة وإنما ضد التمشي الذي توخيناه في إطار منهجيتنا اذ يجب ان نأخذ وقتنا وننظم نصا قانونيا كاملا ونستشير اهل الذكر لذلك يجب ان نتريّث قليلا ونتبع المنهجية الصحيحة.