الفساد هو كل مظهر من المظاهر التي لا تستجيب للمتطلبات القانونية المضبوطة.. فالدولة والمواطن يجمع بينهما عقد مجتمعي.. ويحتوي هذا العقد على مجموعة من الشروط والآليات التي يجب التقيد بها وتطبيقها، وتلتزم بها الدولة و الطبقة السياسية والمواطن والطبقة الاقتصادية وغيرها… وإذا وقع الإخلال بهذه الشروط المُتَعَاقَد عليها بين كل هذه الجهات، خاصة بما يضر المجموعة الوطنيّة فسنجد أنفسنا ضرورة ضمن صورة من صور الفساد.
التعامل مع ظاهرة الفساد يجب أن يكون شموليّا وبتدخل ومشاركة من الجميع.
ثلاث عناصر أساسية لإرساء منظومة الفساد
من أجل إرساء منظومة الفساد يجب ضرورة اعتماد ثلاث عناصر أساسية:
1- سلطة تقديرية مفرطة: بمعنى إعطاء شخص أو إدارة سلطة تقديرية، و بالتالي تصبح تلك الإدارة المتحكم المباشر في تلك الرخص فإما توافق أو ترفض.. كذلك نفس التمشي تفرضه الإدارة على مستوى المشاريع و كيفية تسييرها فإما الموافقة أو الرفض.. و بالتالي تطرح هذه السلطة التقديرية المفرطة و غير المقيدة عدة إشكاليات، لذلك يجب السيطرة عليها و تقنينها و تحديدها حتى لا تتغول الإدارة و تصبح ذات طابع سلطوي خطير و مهدد لمصالح الناس.
2- الرقمنة: و هي نظام يمكن من مراقبة سير المعاملات، فمن خلال الرقمنة يمكن التعرف بدقة على مراحل سير عملية أو مشروع ما و الإطلاع على كل حيثياته.
3- الشفافية: من خلالها يمكن الإطلاع على مدى تطبيق القانون ضمن الإجراءات المعمول و المسموح بها.
إذا تم حل هذه المسائل/العناصر الثلاث سنصبح قادرين على إمساك منظومة الفساد بل و الضغط عليها.
من جهة أخرى نشهد هذه الأيام تعاود ملامح تشبه كثيرا ما حدث سنوات 2011/2012/2013 و نعني تطبيق الفصل 96 و الفصل 42 على موظفي الدولة، و هذان الفصلان يتماشيان معا.. فإذا كان هناك تَرَبُّحٌ من قبل شخص ما، يمكن اعتبار أن ذلك الشخص قد أساء للإدارة في إطار تربحه الشخصي، و بالتالي نصبح أمام قضية فساد، يصل فيها الأمر لتسليط جملة من العقوبات ضد المخالفين. و لكن الفصل 42 يقول أنه في حالة الالتزام بموجبات الوظيفة و التربح بدون قصد، لا يؤدي ذلك إلى المساءلة.
هذا و نجد اليوم قضايا متعلقة بتدوينات، و نجد على مستوى هذه التدوينات خلطا بين حرية الفكر/حرية التعبير و بين الثلب و الإساءة و التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي. و من أجل تجسيد مثل هذه التهم يجب أن يكون القضاء قادرا على اتخاذ القرار.. و من أوجه الفساد أن يتم الضغط على القضاء عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي و المدونين بتعلة حرية الفكر و التعبير، لكن يجب أن نعي جيدا أن التشهير يعتبر منفصلا عن الحريات و مخالفا للقانون، لذلك يجب الامتناع عن ممارسة الضغوطات ضد القضاء، و بالتالي تخرج المحكمة من بعدها القضائي و تدخل الحيز المجتمعي الواسع.