تستضيف مجلة “افريقيا المستقبل” في الحوار التالي رائد محمد بن شمس رئيس شبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبحوث الإدارة العامة “مينابار” للحديث في تجربة الادارة في الوطن العربي وافريقيا واهمية مشاركة المجتمع المدني في بحوث الادارة العامة.
–لما تصنع القرارات تصنع السياسات الحكومية- لولا اخفاق الحكومات في ارضاء الشعوب لما وجدنا من الاشكالات التي مرت بها الكثير من دول المنطقة العربية- اذا كنا ننتظر ان الغرب او الشرق يتكلمون عن الوطن العربي فنحن اكيد خاسرون- اذا اردنا بالفعل ان يكون لنا تنمية مستدامة لابد من صناعة العلم والبحوث العلمية-
البحرين- افريقيا المستقبل- حوار وفاء خالد
بوصفك رئيس شبكة الشرق الاوسط وشمال افريقيا لبحوث الادارة العامة، لو تقدم لنا هذه الشبكة؟ وماهي اهدافها بالأساس؟
أطلقتنا في 2013 مبادرات الشرق الاوسط وشمال افريقيا لبحوث الادارة العامة لتكون الشراكة، العقول الموجودة اليوم في الوطن العربي كثيرة، للأسف بسبب او آخر لم تصل الى السطح لكن الحمد لله اليوم من خلال الشبكة كثير من البحوث بدأت تنتج من الوطن العربي، انما طموحنا اكبر بكثير من ذلك لأن هدف شبكة مينابار ليس فقط صناعة البحوث لأن استهلاك البحوث يمكن أن يكون بسهولة نأتي بالبحوث من الغرب والشرق لكنها لا تنفع لصناعة القرار في السياسات الحكومية والسبب لأنها ثقافات مختلفة، لكن اذا انتقلنا الى مرحلة صناعة البحت العلمي في مجال السياسات العامة في مجال العمل الحكومي بما يتوافق مع ثقافتنا مع مشاكلنا وطموحتنا في الوطن العربي الذي له شراكات كثيرة واشتراكات كثيرة في ثقافات متشابهة، فمن باب اولى ان نتشارك نحن فيما بينا قبل أن نتجه الى الغرب، ومن باب اولى ان نعرف نحن ماذا نريد، طموح شبكة مينابار حقيقة هو ان يكون على مستويين المستوى الاول ان يكون على طاولة كل مسؤول حكومي المطلوب منه ان يخدم المواطن وان يكون البحث العلمي على طاولة صناعة القرار لديه، فلما تصنع القرارات تصنع السياسات الحكومية على اسس وقرائن علمية صحيحة مبنية بناء صحيحا وتخدم المواطن بشكل صحيح، استرشادا بكل التجارب الدولية ومفصلة لحاجاتنا نحن وثقافتنا نحن.
اما المستوى الثاني من طموحنا ان يعي الشعب نفسه بأهمية البحث العلمي وان ندفع بأبنائنا وأهلنا واخواننا وزملائنا ونشجعهم على البحث العلمي، تتطور الأمم من خلال تطور الحكومات الموجودة، اذا لم نكن واعين كشعب ليس كمسؤولين حكوميين بأهمية العلم والبحث العلمي في مجال الادارة العامة لن نتطور.
هل يمكن الحديث اليوم عن تجربة الادارة العامة في الوطن العربي؟
سأقتبس ما قاله سعادة وزير شؤون مجلس الوزراء بمملكة البحرين الأستاذ محمد المطوع لولا اخفاق الحكومات في ارضاء الشعوب لما وجدنا من الاشكالات التي مرت بها الكثير من دول المنطقة العربية. هل نحن نبحث عن الدولة الافلاطونية والمدينة الافلاطونية تكون الامور فيها من اروع ما يمكن وكلنا راضين، الأمر مستحيل، لكن نطمح ان يكون هناك خدمة أعلى وفي مستوى راقي علمي مبني على سياسات حكومية طويلة الأمد لذلك ناقش المؤتمر الذي انتظم بتونس بداية الشهر الجاري مسألة الشراكة ليس فقط الشراكة بين المجتمع المدني والحكومة او الحكومة والقطاع الخاص انما الشراكة بين الحكومة والشعب، كثير من الاوراق التي قدمت تساءل متى تكون الشراكة؟ وعلى اي مستوى تكون؟ الشراكة طبعا ليست في كل الامور لأن بعض القرارات في بعض الامور تتطلب أن لا يكون هناك مشاركة ومن يقرر ذلك؟ البحوث العلمية يتم مناقشتها يتم الاقتناع بها من قبل المسؤولين الحكوميين ومن قبل الشعب لذلك اقول طموحنا ان الشعب كذلك يدفع بالبحث العلمي ليصل بتفكيره وطبيعة مناقشته وطبيعة التعامل الى المستوى المطلوب.
برأيك هل سنشهد مستقبلا دورا للمجتمع المدني والمنظمات في البناء والمساهمة والمشاركة مع هياكل الحكومة في الادارة العامة؟
وجدنا هذا واقعا، المشاركة بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والشعب، واعطيك مثالا قانون الاعلام في البحرين نبع من جمعيات الصحافة ويناقش الآن من قبل الحكومة وهناك الكثير من المداولات والمناقشة مع السلطة التشريعية لإقرار مشروع القانون. والمثال اليوم رأيته في التوقيع ليس فقط بين معهد الادارة العامة والمعهد العربي للحوكمة، انما قبل ذلك تنظيم المؤتمر اصلا كان بشراكة بين المعهد العربي للحوكمة الذي هو مؤسسة مجتمع مدني مع الحكومة التونسية، جالسون على طاولة واحدة يناقشون الناحية العلمية والناحية التنظيمية لكل التفاصيل، هي ليست نهاية المطاف لكن هي بداية العمل.
الى اي مدى تساهم الشراكة الادارة العامة في تنمية سياسات الدولة ؟
مؤسسات المجتمع المدني اذا استغلت بشكل صحيح فهي تمثل كذلك الشعب، لكن العملية تحتاج الى وقت لنتعلم كيف تدار مؤسسات المجتمع المدني، نحتاج في مجتمعاتنا الوعي لمعرفة كيفية التعامل مع مؤسسات المجتمع المدني كي تكون فاعلة وايجابية في صناعة القرار، لا ان اقول (الدولة) انا امثل الشعب سواء كان في السلطة البرلمانية او في مؤسسات المجتمع المدني رأيي صحيح ورأيكم خاطئ، وهذا للأسف ثقافة موجودة اذا بقينا ننظر بهذه الطريقة لن نستطيع ان تكون هناك شراكة كما يقال “اما طريقي او تأخذ الشارع العام” ليس هناك حل وسط بين الاطراف، لكن ان اعتمدنا كما يقال “رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صحيح يحتمل الخطأ” في هذه الحالة فقط نستطيع ان نجلس على طاولة واحدة ويكون لمؤسسات المجتمع المدني فاعلية اكبر في صناعة القرار مع الحكومة.
في ظل المشهد السياسي الراهن والتطورات في الوطن العربي برأيك هل الادارة العامة قابلة للتطور؟
العالم كله يتطور الصين ظهرت على الساحة، امريكا في بداية السقوط بعد الازمة المالية وازمة النفط، الهند صعدت على الخارطة، الاتحاد الاوروبي يصارع للبقاء، البرازيل ظهرت من لا شيء، الكل يتكلم عن كل هذه الامور، لكن من يتكلم عن موقع الوطن العربي في هذه التلاطمات والخضم اذا كنا ننتظر ان الغرب او الشرق يتكلمون عن الوطن العربي فنحن اكيد خاسرون، اذا لم يكن لدينا الدافع الداخلي للتغيير الايجابي من الداخل المنظم والعقلاني سنظل فيما يسمى بالفوضى الخلاقة الى ما لا نهاية. السؤال متى نضع لأنفسنا رؤية لنا نحن كي يكون لنا موقع من الإعراب على المستوى الدولي، صنعنا شراكة المينابار حتى يكون لنا موقع في البحث العلمي على المستوى الدولي، واليوم رأيت من اوروبا من المعهد الدولي للعلوم الادارية دعم كبير جدا للمينابار والسبب انهم وجدوا فيها بصيص امل، بالإمكان ان يكون للموطن العربي موقع من الاعراب في طبيعة العمل الحكومي، طموحي الشخصي ان تكون الادارة العربية الاسلامية هي موقع القدم خلال الفترة القادمة في الادارة العامة.
مستقبلا سيكون هناك نموذج لإدارة عربية على الاقل ان لم نقل تنقل هذه التجارب حتى الى دول الجوار؟
ممكن جدا ومتفائل، والسبب في ذلك ان قبل فقط 500 سنة كان للعالم الاسلامي العالم، لا اقول انه لابد ان نعيد او ننسخ التجربة كما هي لأن العالم تغير، لكن ما وجد يمكن ان يكون موجودا مرة ثانية يبقى العمل ليس اذا بالفعل استطعنا ان ننقل خطابات هذه المؤتمرات الى واقع عملي واذا استطعتم انتم معنا كإعلام واليوم الاعلام المحرك لكل ام، اذا استطعتم اليوم ان تخلقون معنا ليس فقط من خلال “افريقيا المستقبل” انما كأشخاص وان ننقل اهمية العلم والبحث العلمي في مجال الادارة العامة لكل فرد في مجتمعاتنا في تونس وخارج تونس وأصبح هناك نوع من الزخم من الداخل لدعم العلم والبحث العلمي بحيث ان مؤسساتنا التربوية من الصف الاول للابتدائي يجعلون المناهج العلمية والبحث العلمي جزء منها سنتغير، المهم نحن نضع الطوبة وحجر الأساس.
دائما في ظل الحديث عن شراكات واتفاقيات شراكة في الوطن العربي تبقى حبر على ورق، برأيك في هذا المؤتمر هل سنشاهد تفعيل ما تمّ الاتفاق وما وصل اليه المؤتمر على ارض الواقع؟ وهل سيتم متابعة هذه الاتفاقيات؟
ابشرك خيرا انه تم الاتفاق مع المعهد الوطني للمالية على بعض الشراكات، تم الاتفاق مع الحكومة الالكترونية في البحرين على مجموعة من الامور، تم الاتفاق بين الحوكمة في تونس مع الحوكمة في البحرين على مجموعة مشاريع للعمل، فربنا لك الحمد وهذا حقيقة فخر لهذا المؤتمر، الامور بدأت تنتقل من مرحلة الكلام الى مرحلة الفعل خلال المؤتمر، يبقى الآن التحدي امام مينابار كيف نأتي بأفضل الممارسات الموجودة في بقية الدول في الوطن العربي كي تكون كذلك موجودة للاستخدام ولنقل التجربة بشكل فعلي لبقية دول المنطقة وهناك كثير من التجارب الجميلة لكنها لم توضع في الاطر الصحيحة.
ستتم متابعة هذه الاتفاقيات لتنفيذها؟
بإذن الله وكان لنا الشرف ان يتم تحديد معهد الادراة العامة بمملكة البحرين من قبل مجلس الوزراء لمتابعة هذه الاتفاقيات مباشرة مع الاطراف المعنية في جميع الدول خصوصا الجمهورية التونسية.
في الحديث عن اتفاقيات شراكة دائما نتجه الى اوروبا في حين انه يمكن الانفتاح على محيطنا الافريقي لاسيما وانه تقريبا جلّ الدول العربية هي دول جوار لافريقيا؟
تاريخ 13 من الشهر الجاري وقعنا اتفاقية في المغرب الاقصى في مدينة مراكش اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون في هذا المجال كأفراد أي المؤسسة البحثية الرائدة في افريقيا للبحوث في الادارة العامة، مبدئيا يوجد سنة للمينابار في المؤتمرات والسنة الثانية لليورومينا على حسب الاتفاقيات التي وقعت اي حوار بيننا وبين اوروبا وبين الشرق الاوسط والشمال الافريقي مع اوروبا، اتمنى ان يكون ايضا حوار بين المينابار والميناريجن مع القارة الافريقية، ان شاء الله قريبا وعندما اتكلم عن الطموح اتكلم عن توقيع تاريخ 13 أكتوبر الجاري.
ماذا عن افريقيا؟ غيبتم افريقيا نحن نعلم ان هناك عديد التجارب الرائدة في مجال البحوث؟
افريقيا موجودة وحاضرة معنا لكن نحن مقصرون فيه التواصل معهم لكن ستكون لنا شراكة في مجال البحث العلمي مع منطقة افريقيا.
ماهي مقومات نجاح التنمية المستدامة في الوطن العربي؟
العلم وابسط انواع العلم البحث العلمي وليس استهلاك العلم انما انتاج العلم، ان نظل على استهلاكنا للعلم فسنستهلك ما هو ليس لنا صنع لغيرنا ونستهلكه نحن، وكأنك تلبس لباس ليس مقاسك اما صغير او كبير عكس ما يفصل لك، اذا اردنا بالفعل ان يكون لنا تنمية مستدامة لابد من صناعة العلم والبحوث العلمية الذي لا يتأتى فقط من خلال هذه المؤتمرات انما من خلال منظومات متكاملة مع التربية في المنزل والتعليم في المدارس والتدريس في الجامعات والعمل الاداري في كل مكتب حكومي، هي منظومة متكاملة هنا فقط نتمكن من ان يكون هناك تنمية مستدامة.
الى أي مدى تساهم البحوث العلمية والادارة العامة في تحقيق التنمية المستدامة؟
اليوم قليلة جدا، نأمل من خلال الدفع من خلال عملنا في المينابار الى ان نصل الى مستوى اكبر بكثير، وهذا طموحنا أن يكون على طاولة كل مسؤول حكومي ان يكون البحث العلمي جزء اساسي من صناعته للقرار والسياسة الحكومية، في هذا المؤتمر نفخر ان الحكومة التونسية والمسؤوليين الحكوميين الكبار كانت لهم مشاركة كبيرة جدا في اعمال المؤتمر، ليس في التنظيم انما لوجودهم والحديث والمشاركة والتفاعل، وجدنا فيهم الرغبة الصادقة في نقل التجارب وافضل الممارسات الى العمل الحكومي في الجمهورية التونسية.
ماهي برامج الشبكة مستقبلا؟
احد اهم المشاريع مشروع تحديد اجندة البحث العلمي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، نتشارك مع بعض لنعرف ماهي اولوياتنا نحن، من خلال هذا المشروع بإمكاننا ان نتعرف على هذه الاولويات والتعرف على ماهي طبيعة الاشكاليات التي تواجه البحث في المنطقة، المشروع بدأناه في شهر مارس وانطلق حقيقة من شبكة مينابار من البحرين وكان اول ورشة عمل بتونس وقدمنا في هذا المؤتمر نبذة عن تطور المشروع، بنهاية هذه السنة ستكون الورقة كاملة فيها كل التفاصيل انشاء الله وتكون بداية الطريق للبحوث العلمية.
*رائد محمد بن شمس: حاصل على درجة الدكتوراه في الإدارة من جامعة برادفورد ودرجة الماجستير من جامعة ليدز، مدير عام معهد الإدارة العامة بمملكة البحرين، تولى عدد من المناصب الحكومية قبل انضمامه لمعهد الإدارة العامة حيث شغل منصب أمين عام مساعد للموارد البشرية والمالية والشؤون الادارية في وزارة شؤون مجلس الوزراء، منصب مدير الإحصاء في الجهاز المركزي للمعلومات، رئيس شبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبحوث الإدارة العامة “مينابار”، حاصل على وسام الكفاءة من قبل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين عن إنجازاته في القطاع الحكومي.
ساهم في تأسيس المعهد تحت شعار “الشريك الأمثل لتطوير موظفي الخدمة المدنية بتميَز”، يهدف المعهد إلى تطوير الإدارة العامة والتدريب في وزارات ومؤسسات الدولة، والإسهام في إعداد وتدريب العاملين فيها، وفقاً لمتطلبات برامج التدريب والتطوير والأبحاث والعمل الاستشاري.