ثلاث و عشرون سنة مرت في حكم بن علي و نحن نسمع في إذاعاتنا و نشاهد في تلفزاتنا و نتابع منابر المثقفين و المختصين و الحقوقيين و الأساتذة الجامعيين، و نقرأ عل أعمدة صحفنا لصحفيينا عن دولة القانون كإنجاز عظيم لإنجازات السابع من نوفمبر، و طبل لهذا المطبلون و عزف العازفون و زغرد المزغردون و رقص الراقاصون على وقع دبكة دولة القانون التي كانت وهما باعه رجال القانون – رجال بن علي – للبسطاء قصدقوه و ارتهنه رجال السياسة لرجال الأعمال مقابل الكثير من المال، و صرّفه الصحافيون خاصة منهم الذين كانوا يعملون ملحقين لوزراء دولة القانون لعامة الشعب مقابل ضحكة صفراوية و ابتسامة استحمارية تخفي عظمة الاستبلاه لشعب صدّق طيلة ثلاثة و عشرين سنة أنه كان في دولة القانون، و الحال أن دولة القانون كانت بمثابة جبل الجليد في المحيط لا يظهر منه سوى الخمس أما المتبقي فهو أن بن علي فرض قانون الدولة الذي فصّله له رجال القانون – رجال بن علي – على قياس دكتاتوريته فقتل دولة القانون .
و جاءت الثورة، و هرب بن علي، و ترك الغنوشي فالمبزع، فقائد السبسي، إلى أن قال الشعب أو جزء من الشعب كلمته وانتخب أعظاءا للتأسيسي فرئيسا للجمهورية و حكومة و بنيت دولة القانون للديمقراطية و بنيت دولة القانون بالإرادة الشعبية و بنيت دولة القانون بالفعل . لكن للأسف الشديد دولة القانون هذه لم تحترم قانون الدولة و كل من كان يتكلم في الإذاعات عن دولة القانون و ينشط في التلفزات و يحضر المنابر من مثقفين و مختصين و حقوقيين و أساتذة جامعيين للحديث عن دولة القانون، و كل الصحف و الصحوفيين، و المطبلون، و العازفون و المزغردون و الرقّاصون على وقع دبكة دولة القانون، و كل من باع و ارتهن و فرّط مفهوم دولة القانون زمن بن علي نراهم اليوم جميعا بعد ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي 2011 و بعد انتخابات 23 أكتوبر يدّكون دولة القانون دكا و ينتهكون قانون الدولة، يريدون انقلابا لا يصير إلا في أبواقهم و في جوقاتهم و في صحفهم و في تلفزاتهم و في إذاعاتهم و في منابرهم التي رخّص لها بن علي لفرض قانون الدولة و الإيهام بدولة القانون… انقلاب لن يقع، و إن وقع فسيكون انقلاب دولة القانون على القانون و على الديمقراطية و على الشعب، انقلاب الترويكا على نفسها و على من اختارها .
بقلم يسري الدالي