يبدو أن الفاضل عبد الكافي قد حاز تقريبا على موافقة و دعم كل الأحزاب خاصة منها حزب النهضة و قلب تونس و غيرهم…
تخرّج محمد الفاضل عبد الكافي من كليّة العلوم الاقتصادية بجامعة السوربون بباريس. وشغل منصب مدير عام للتونسية للأوراق المالية ورئيس مجلس إدارة بورصة تونس من سنة 2011 إلى سنة 2014 وتمّ تعيينه وزيرا للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي في حكومة يوسف الشاهد في 26 أوت 2016، كما تولى تسيير وزارة المالية بالنيابة والتحق عبد الكافي من جديد في نوفمبر 2017 بالتونسية للأوراق المالية، ليترأس مجلس إدارتها، وقد تمّ تعيينه في 28 سبتمبر 2019، على رأس مجموعة الدفع من أجل الشراكة الاقتصادية بين تونس وفرنسا.
يعتبر الفاضل عبد الكافي من أكثر المطلعين على الوضع العام في البلاد خاصة على المستوى الإقتصادي و المالي و قد كان له لقاء مع رئيس الجمهورية قيس سعيد تباحثا فيه حول تكوين حكومة جديدة و الوضع الإقتصادي و المالي للبلاد و كان ذلك سنة 2019…
تبدو هذه الشخصية في عيون الذين رشحوها ذات تجربة واسعة في المجال الإقتصادي و هذه التجربة صنعتها كل تلك المناصب و المهام التي اضطلع بها عبد الكافي خلال مسيرته المهنية الغارقة في الإقتصاد و المال.. و بهذا يكون عبد الكافي لدى من اختاروه الشخصية الأقرب و الأقدر على ترأس الحكومة القادمة أولا بسبب ما له من خبرات ومناصب هامة و ثانيا لأنه مرشح لأحزاب قوية و قوية جدا في البلاد. و عليه كل هذه الحسابات تضع عبد الكافي على رأس كل المرشحين لمنصب رآسة الحكومة، فالوضعية الحالية للبلاد تتطلب شخصية متخصصة في المجال الاقتصادي و المالي و هذه الصفات و أكثر متوفرة في شخص عبد الكافي يضاف إليها الخبرة الواسعة وتقلد العديد من المناصب الهامة التي على رأسها وزارة التنمية و الإستثمار.
و لكن بالرغم من كل هذه النجاحات التي ضفر بها عبد الكافي و حققها إلا أنه ينحدر من القطاع الخاص إذ إلتحق بمجمع المبروك بامتيازات كبيرة كعضو في مجلس إدارة الBIAT وهذه العضوية ذات الإمتيازات الضخمة تجعل من عبد الكافي شخصية مترفعة لا ترضى بزهيد الأجر مقابل إزداء خدماتها ربما حتى لصالح الدولة و القطاع العام.
فضلا عن ذلك واجه عبد الكافي إدانة في قضية ديوانية كانت رفعتها ضده دائرة الأبحاث الديوانية في خصوص جرائم صرفية و لم يتحصل الكافي على عدم سماع الدعوة بل حفظت القضية بسبب التقادم، كما أن عبد الكافي معروف لدى الجميع بمساندته العلنية و محاباته لنبيل القروي.
كل هذه المزايا و النقائص تجعل من هذا المرشح في عيون الرأي العام موضع شك و جدل فهو من جهة ناجح على مستوى الأعمال و المناصب و من جهة أخرى كان مدانا بقضية سقط فيها الحكم بالتقادم.
أما إذا نظرنا إلى قائمة المترشحين موضوعيا فسيتصدرها “غازي الجريبي ” هو لاعب كرة سلة وقاضي وسياسي… تقلد وزارة الداخلية بالنيابة في فترة رآسة الباجي قايد السبسي كما تقلد وزارة العدل لمدة تزيد عن الثلاث سنوات و تولى وزارة الدفاع و وزارة الشؤون الدينية بالنيابة، و بهذا يكون غازيالجريبي قد تولى أربع وزارات بالتمام و الكمال كما أنه كان لاعب كرة سلة بين 1975 و1985.
يستجيب غازي الجريبي لكل متطلبات رئيس الحكومة فهو سياسي مستقل و لديه خبرة لا يشق لها غبار من خلال تقلده للعديد من المناصب و خاصة منها الوزارية و هذا ما جعل منه على قدر عال من الكفاءة و القوة فأن تتقلد شخصية واحدة أربع وزارات فإن هذا يعتبر إنجازا عظيما…
غازي الجريبي شخصية ناجحة، نلمس نجاحها في حسن رئاسة المجلس الأعلى للمنافسة، كما تميزت هذه الشخصية و سطع نجمها حين ترأست المحكمة الإدارية، و كانت محل تقدير من طرف جميع القضاة.
أينما حل غازي الجريبي إلا و ترك بصمته التي تشهد على نجاحه مخلدة ذكراه التي لن تمحى أبدا.
و لكن يجب أن لا ننسى أن غازي الجريبي شخصية مستقلة تماما إذ لم ينتمي إلى أي حزب كما أنه لم يطلب أي منصب إلى حد الساعة، فهو لم يتحدث عن رغبته في ترأس الحكومة أو أي جهة أخرى. و بالتالي هذا الصمت عن طلب المنصب المتاح حاليا يضعنا في محل شك يدور حول إمكانية قبول الجريدي لهذا المنصب من عدمه.
يذكر الجميع أن غازي الجريبي تولى وزارتي الدفاع و العدل و كان في الفترتين متمسكا بتطبيق القانون و لم يسمح لنفسه بالإنصياع و الميل لأي جهة مهما كانت، و هذا يضع الجريبي على شاشة رادار النهضة التي لا يشك أبدا في خوفها منه، فكيف لا تخافه و هو الذي لم ينصع لها أو لغيرها و ظل محافظا على استقلاليته في زمن إتخذ فيه كل فرد خلا له من الأحزاب حتى يزيد التساقا بمركزه و لا يفقد امتيازاته. بينما كان الجميع شاهدين على بقاء الجريبي ضمن خانة المستقلين الذين لا يخدمون إلا الدولة و لا شيء غير الدولة.
بلال بوعلي