هل تصالح المرزوقي مع الدولة العميقة ؟
فاجأتنا وزارة الخارجية مؤخرا بإعلانها ترشيح وزير المالية الأسبق في حكومة الباجي قائد السبسي السيد جلول عياد لرئاسة البنك الإفريقي للتنمية للفترة المتراوحة بين 2015 و 2020 بعد موافقة رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة على هذا الترشيح.
و سبب هذه المفاجأة أن الرئاستين يبدو و كأنهما تجهلان تماما شروط الترشح للبنك الإفريقي للتنمية حتى يتم اتخاذ مثل هذا القرار .
ذلك أن باب الترشح لرئاسة البنك الإفريقي لخلافة السيد دونالد كابيروكا سنة 2015 لم يفتح رسميا .
فتونس ليس لها الحق في تقديم مرشح لدورة 2015-2020 لأن القانون الأساسي للبنك الإفريقي للتنمية يفرض التداول على هذا المنصب حسب تقسيم المناطق الإفريقية. و في إطار هذا التداول فإن منطقة المغرب العربي ليست معنية بدورة (2015- 2020 ).
مع العلم بأنه سبق لتونس أن ترأست هذه المنظمة ف ي شخص المرحوم عبد الوهاب العبيدي الذي خلف المرحوم محمون البحيري (السودان) إثر استقالته فحتى إذا ما افترضنا أن لتونس الحق في الترشح لتولي هذا المنصب السؤال المطروح هو لماذا تم اختيار السيد جلول عياد بمثل هذه السرعة و وراء أبواب مغلقة دون أي استشارة أو فتح باب الترشحات أمام كفاءات تونسية رفيعة المستوى و لها باع في هذا الميدان.
ثم كيف غاب على الرئاستين أن مثل هذا الترشيح يجب ضرورة أن يحظى بموافقة بلدان منطقة المغرب العربي على غرار الجزائر.
و هنا لا بد من الإشارة أننا لا ننكر بأن التونسي الأمريكي السيد جلول عياد مبدع في العلاقات العامة مثلما هو مبدع في استغلال إنجازات الآخرين و التشدق بها كإنجازات شخصية و لكنه في المقابل فالس
في ميدان المال و ما علينا إلا الاطلاع على الشبكة العنكبوتية للوقوف على القيمة الحقيقية للسيد جلول عياد .
إذا و الحالة تلك فإن الإعلان الفجئي و المتسرع لنية تقديم ترشح تونس لمنصب رئاسة البنك الإفريقي للتنمية لا يتعدى أن يكون عملية مغالطة مسيئة لعلاقاتنا المتميزة مع آخر حليف جدي في ميدان المال ألا و هو البنك الإفريقي للتنمية.
فكيف غاب عن السيد و كيف غاب عن السيد أنيس الجزيري الذي تباهى على أمواج إحدى الإذاعات الخاصة بمثل هذا القرار و هو يعلم جيدا أن منطقة المغرب العربي ليست لديها أي حظ في الفوز بهذا المنصب في دورة (2015-2020 ) كما يعلم أن منطقة إفريقيا الوسطى هي الأقرب لتولي هذا المنصب ؟
ألم يكن من الأجدر عوض الإعلان عن ترشيح تونسي لهذا المنصب مساندة بلد آخر مقابل امتيازات اقتصادية يمكن أن يوفرها لنا؟
فكيف أو لماذا سقط المرزوقي في الفخ و وافق على ارتكاب هذا الخطأ و هو الذي عرف بمواقفه الواضحة و الصريحة أم تراه دخل لعبة المناورات و التحالفات و التنازلات و التنازلات المعاكسة و الحسابات الانتخابية ليوافق على ترشيح فاشل مسبقا لا يخدم إلا مصالح حزبية ضيقة, ألا يكفي مهزلة الالكسو و غيرها من المنظمات التي فقدت فيها تونس مواقعها المتقدمة .
إن ترشيح جلول عياد هذا يشتم من وراءه صفقة سياسية ما و لسائل أن يسأل أي دور للتحالف الديمقراطي و بعض الأجنحة السياسية المدافعة عن جلول عياد الذي يلاقي تأييدا كبيرا من إطارات وزارة المالية التي كان يشرف عليها و يلقي عند الاجتماع بهم خطبا حماسية يعدهم من خلالها بتحسين أوضاعهم الاجتماعية ليس إلا تساؤلات كبيرة و مشروعة يثيرها هذا القرار الغريب الذي يؤكد مرة أخرى أن الحسابات الحزبية السياسوية تفقد للأسف تونس إشعاعها شيئا فشيئا.
لكن و الحمد لله لم يعد بالإمكان الضحك على ذكاء التونسيين في عهد المعلومة الالكترونية حيث بات التونسي قادرا على الاختيار و حسن التمييز و بالتالي تحديد الأفضل و الأجدر لتولي أي منصب . و من الضروري أن يعي و يستوعب ذلك كل القائمين على شأن البلاد و كذلك زعماء و نخب الأحزاب السياسية.
عبد اللطيف بن هديّة