تعد الاختناقات المرورية حالياً إحدى أهم الإشكاليات التي تشغل كثيرا من المواطنين والمقيمين في مختلف مدن الجمهورية، خصوصا مع بداية فترة العودة المدرسية و الأعياد. فالقيادة وسط هذا الكم الهائل من السيارات والشاحنات، تجعل جميع مرتادي الطرقات في حالات عصبية ، يتذمرون من عذاب الانتظار داخل السيارات خصوصا مع الحرارة أو البرد، مما يتسبب في إجهاد بدني مع التوتر والانفعال،و هو ما يؤثرفي مستوى أداء وإنتاجية الفرد.
يشهد مدخل تونس الجنوبية خاصة على مستوى شارع الجمهورية والرابط مع الطريق ” زاد 4 ” و نهج ايطاليا، ازدحاما مروريا خانقا مما أثار تشكيات معظم مستعملي الطريق السيارة، خاصة بعد دخول الوصلة الرابطة بين الطريق الوطنية رقم 1 على مستوى برج السدرية والطريق السيارة ” أ1 “حيز الاستغلال في اتجاه واحد للقادمين من الوطن القبلي والضواحي الجنوبية للعاصمة في اتجاه تونس عبر الطريق السيارة بعد أن تم استكمال هذا الجزء من المشروع.
رغم أهمية المشروع الذي يأتي في إطار حزمة من المشاريع المخصصة لتطوير البنية التحتية في المدخل الجنوبي للعاصمة وتسهيل حركة التنقل في اتجاه العاصمة بالنظر للاختناق المروري عبر هذا المدخل، حسب ما أدلى به وزير التجهيز و الإسكان و التهيئة الترابية ، محمد الصالح العرفاوي، إلا انه عكّر الوضع أكثر على مستوى جسر ساحة الجمهورية، حيث يمر منها أكثر من 130 ألف سيارة يوميا، و بالتالي كان من المفروض ان يتم إيجاد حلول تتزامن مع دخول الوصلة حيز الاستغلال، سواء عبر بعث طريق حزامي مواز او عن طريق توسعة المحول حتى لا يتسبب المشروع في شلل الحركة المرورية في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة .
إن الازدحام المروري يشكل معضلة يومية تؤرق مستخدمي الطريق في مناطق عدّة، إذ يواجه مستعملي الطريق يوميا مشقة وعناء الوصول إلى أماكن عملهم في الوقت المحدد بسبب حالة الاختناق التي تعيشها اغلب طرقات العاصمة، و خاصة منها المدخل الجنوبي، وقد ولّد هذا الاكتظاظ المروري الضغط النفسي، حيث شهد انفلاتا ولم يعد يقتصر على أوقات الذروة فحسب إذ تعدّى ذلك ليشمل جميع الأوقات تقريبا، ومع العودة المدرسية تختنق الحركة منذ مخرج المروج وتتعطل مصالح التلاميذ والطلبة والموظفين خاصة في ظل ضعف تواتر حافلات النقل العمومي.
يفسر البعض هذا الازدحام بزيادة أسطول السيارات حيث تشير آخر الإحصائيات إلى زيادة تقدّر بـ5 % سنويا، وقد ارتفع سنة 2014 بـ 5.46 % ليبلغ عدد أسطول السيارات في بلادنا مليونا و830 ألفا و123 وسيلة نقل… وتتركز حوالي40 % منها في تونس الكبرى، حسب إحصائيات سنة 2016.
وتشهد الشوارع التونسية استقبال ما بين 6 و7 حلقات جديدة أو سلسلات من العربات.وتضاف حوالي 70 ألف عربة جديدة إلى الأسطول سنويا منها ما يقدّر بـ40% في العاصمة.
وحسب مصادر مطلعة من المرصد الوطني للمرور وحرس المرور فإن أسباب الاكتظاظ المروري تتمثل في مركزية الخدمات بالعاصمة، حيث توجد مثلا في المنطقة الفاصلة بين باب سعدون وشارع 9 أفريل أربع وزارات وأربعة مستشفيات وكلية ومحاكم. ويرتفع ضغط طوفان السيارات بين الساعة السابعة صباحا والتاسعة، وبين الخامسة والسابعة مساء، يقابلها ترهل البنية الأساسية التحتية وغياب مشاريع توسيع الطرقات ومدّ الجسور.
بالتالي تأخر الجهات المسؤولة في وضع حلول ناجعة لحل مشكلة الاختناقات المرورية التي تغذيها أعمال ترميم وتعديل الطرق والجسور التي تستغرق سنوات عدة ما هو إلا إهدار للوقت والجهد ويرفع التكلفة الاقتصادية على الحكومات. الآن وبشكل مختصر يمكننا تلخيص الموضوع في الصورة التي تعودنا رؤيتها لسنوات في صباح كل يوم، وهي شاحنات النقل والسيارات الخاصة، وسيارات الأجرة بالإضافة إلى الدراجات الهوائية والنارية، كلها تخرج إلى الشوارع ذاتها في نفس التوقيت.
هل من حلول جذرية لهذه المعضلة؟
حنان العبيدي