ارتفع سعر الذهب منذ بداية عام 2024 بنسبة 28.3 في المئة بمكاسب بلغت نحو 584 دولاراً وصولاً لأعلى مستوى تاريخي سجله الذهب عند مستوى 2646 دولاراً للأونصة، للمرة الأولى على الإطلاق، إذ استهلت الأونصة تعاملات العام الحالي عند مستوى 2062 دولاراً.
عند تسوية تعاملات الأسبوع الماضي، صعدت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 1.2 في المئة بما يعادل نحو 31.6 دولار عند مستوى 2646.20 دولار للأوقية، وهو مستوى قياسي جديد، ليحقق المعدن الأصفر مكاسب أسبوعية بنسبة 1.35 في المئة.
في المقابل، ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسة، بنسبة 0.15 في المئة عند مستوى 100.78 نقطة، بعدما تراجع إلى نحو 100.41 نقطة.
وفي تصريحات حديثة، قال عضو مجلس محافظي “الاحتياطي الفيدرالي”، كريستوفر والر، إن “التضخم يتراجع بصورة أسرع بكثير مما كنت أعتقد، وهذا ما جعلني أعتقد أن 50 نقطة أساس كان هو القرار الصحيح الذي يجب اتخاذه”. لكن في المقابل، حذر محللو “كومرتس بنك”، من أن الموجة الصعودية للذهب قد لا تستمر، مستشهدين بتوقعات خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط في كل من اجتماعي “الاحتياطي الفيدرالي” المقبلين.
توقعات بـ3 آلاف دولار للأونصة
وأنهى الذهب العالمي أسبوعاً جديداً من المكاسب، وشهد تسجيل مستويات تاريخية جديدة، وذلك بعد أن ثبت الذهب أقدامه في الصعود بعدما غير “الفيدرالي الأميركي” سياسته النقدية والبدء في تخفيض أسعار الفائدة بصورة حادة.
وسجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاعاً خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنسبة 1.7 في المئة، وهو ارتفاع للأسبوع الثاني على التوالي ليسجل أعلى مستوى تاريخي عند 2625 دولاراً للأونصة قبل أن يغلق تداولات الأسبوع عند المستوى 2622 دولاراً للأونصة، وفق تحليل “غولد بيليون”.
بالنسبة إلى أهم أسباب صعود الذهب في الوقت الحالي، فإنها تتمثل في أربعة أسباب رئيسة، أولها خفض “الفيدرالي الأميركي” أسعار الفائدة بنسبة أكبر من المعتاد بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى خمسة في المئة. وقال رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول إن هذا الخفض الكبير يهدف إلى إظهار التزام البنك الحفاظ على معدل بطالة منخفض الآن بعدما تراجع التضخم. وهدأ باول، بعض المخاوف من تباطؤ الاقتصاد، مشيراً إلى أن الأخطار بين ارتفاع التضخم وسوق العمل الأكثر ضعفاً متوازنة بالتساوي حالياً، لافتاً إلى احتمال مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.
وفي وجود مسرحين عسكريين نشطين على الساحة العالمية في الوقت الحالي (أوكرانيا وغزة)، إضافة إلى الانتخابات الأميركية المقبلة، وأيضاً السياسة النقدية العالمية غير المؤكدة، فإن الطلب على الملاذ الآمن سيستمر في دعم أسعار الذهب على المدى القصير إلى المدى المتوسط بصورة عامة.
وتتوقع “وول ستريت” أن يقترب سعر الذهب من مستوى ثلاثة آلاف دولار خلال العام المقبل بعد ارتفاعه بما يقارب 30 في المئة هذا العام. ورفع “كومرتس بنك” و”تي دي سيكيوريتيز” وآخرون في الصناعة توقعات أسعار الذهب الخاصة بهم مع استمرار المخاوف من الركود الاقتصادي المحتمل الذي قد يجبر بنك الاحتياط الفيدرالي على إجراء تخفيضات أوسع في أسعار الفائدة.
ماذا تتوقع بنوك الاستثمار العالمية؟
في سياق التوقعات الإيجابية، تتوقع شركة “تي دي سيكيوريتز”، أن يؤدي مزيج من سوق أسهم ضعيفة وبعض الانخفاضات في أسعار الفائدة (في تسعير العقود الآجلة للأموال الفيدرالية)، إلى إعادة إشعال الاهتمام بالذهب، على رغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي حرك النقاط في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
في حين أكد “جيه بي مورغان”، في توقعاته للسلع لعام 2024 أن الدعوة الصعودية الهيكلية الوحيدة التي أطلقها نحو سوق السلع كانت للذهب والفضة، بينما اقترح كبير الاستراتيجيين في وكالة “بلومبيرغ إنتليجنس”، مايك ماكجلون، أن تشهد الجلسات الأولى التي تعقب خفض أسعار الفائدة الأميركية، استمرار صعود المعدن النفيس مع تسجيل مستويات قياسية جديدة.
ووفقاً لمسح أجرته شركة “دبليو سي جي”، تخطط 24 في المئة من جميع البنوك المركزية لزيادة احتياطاتها من الذهب في عام 2024 بسبب المخاوف من الدولار الأميركي كأصل احتياط.
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك “آي أن جي”، إن سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي تظل المفتاح الأكبر لأسعار الذهب في الأشهر المقبلة، مما يعني أن الأسعار قد تستمر في اتباع توقعات المستثمرين بتخفيض أسعار الفائدة على المدى القصير، بينما ترى مجموعة “يو بي أس”، أن الذهب عادة ما يكون مدفوعاً بمتغيرات كلية، بدلاً من العرض والطلب، موضحة أن الارتفاع في سعر سلعة الذهب فريد من نوعه لأنه لا علاقة له بحالة استخدامه.
فيما قالت إدارة الثروات العالمية في بنك “يو بي أس”، إن ارتفاع مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية على مستوى العالم منذ خمسة عقود واحتمال تصعيد دونالد ترمب حال فوزه في الانتخابات المقبلة، التوترات بين الولايات المتحدة والصين كلها أسباب للبقاء متفائلاً في شأن تحرك سعر الذهب للأمام.
لكن لن تتفاجأ “ويسدوم تري” إذا تخلى الذهب عن بعض هذه المكاسب، في وقت يتحدث بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن تخفيضات وشيكة في أسعار الفائدة، لكن بمجرد أن تبدو تخفيضات أسعار الفائدة مؤكدة، فإنهم يتوقعون أن يتداول الذهب أعلى بكثير من المستويات الحالية خلال عام 2024.
نبض