جريدة الخبير

23/01/2023
جريدة الخبير, أخبار الاقتصاد التونسي
31140935
lexpert.tn@gmail.com

بعد أن ضرب الرئيس بقراراتها عرض الحائط، النهضة تغير وجهتها نحو الأحزاب و الكتل السياسية

بعد أن خابت مساعيها و قرارات مجلس شورتها في إرسال رئيسها كسفير سياسي لرئاسة الجمهورية طلبا لإقالة رئيس الحكومة أو إجباره على تقديم استقالته، قامت حركة النهضة بعد إنعقاد مجلس شورتها من جديد يوم الثلاثاء بتبني خيار سحب الثقة نهائيا من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
و تأكيدا منا لهذا الخبر فقد صرح “عماد الخميري” و هو الناطق الرسمي باسم الحركة بإصرار النهضة على تنفيذ قرارها متجاوزة في ذلك رئيس الجمهورية إلى الأحزاب و الكتل و نواب الشعب.

و كانت النهضة قد كلفت رئيسها الأحد المنصرم بإجراء مشاورات مع رئيس الجمهورية و الأحزاب و المنظمات من أجل تغيير الحكومة، و لكن رئيس الجمهورية قيس سعيد صرح بعد اجتماعه بكل من رئيس الحكومة و أمين عام إتحاد الشغل بأنه لن يدخل في مشاورات مع أي جهة تسعى إلى تغيير رئيس الحكومة، و إذا لم يقدم السيد “إلياس الفخفاخ” استقالته بنفسه فإنه لا مجال لطرده أو إجباره على الإستقالة إلا في صورة ما إذا سحبت منه الأغلبية المطلقة بمجلس النواب ثقتها.
كما شدد الرئيس على علوية الدستور و واجب احترامه و التقيد بنصوصه و أنه لن يترك المجال لبروز نظام سياسي مواز له.

و من جهة أخرى يبدو أن رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي عرضة لسحب الثقة من بعض أعضاء مجلس نواب الشعب، و ذلك بسبب سوء تسييره للمجلس و هذا ما أكده النائب عن حركة تحيا تونس “وليد جلاد”

كما صرحت عبير موسي بعدم السماح لراشد الغنوشي بترأس أي جلسة عامة مستقبلا في انتظار تقديم لائحة سحب الثقة منه. متهمة رئيس البرلمان بمناصرته للعنف و الإرهاب و عدم إحترام القانون.

كما قامت أربع كتل برلمانية هي الكتلة الديمقراطية وكتلة الإصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس والكتلة الوطنية بالإمضاء على قرار سحب الثقة من رئيس المجلس.

و غير هؤلاء كثيرين مِن مَن اختاروا إمضاء لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان.

يبدو أن هذه الأزمة السياسية في تفاقم مستمر و الوضع الحالي لهذا الصراع الداخلي لا يبشر بخير، و البوادر الحالية لا تنبئ بقرب انقشاع هذا الصراع البارد الذي يتجه نحو الإحتدام و الإشتعال عاجلا أم آجلا، فالنهضة التي خاب مسعاها الأول في لقاء رئيس الجمهورية ها هي ذي تتجاوزه و تمضي في طريقها الذي رسمته منذ البداية مستنجدة في ذلك بالأحزاب و الكتل السياسية، أما رئاسة الجمهورية و الحكومة و إتحاد الشغل فيبدو أنهم متمسكون بنظام الحكم الحالي.

أما آخر الأخبار فنخص بها رئيس الحكومة الذي لمّح في آخر بيان له على عزمه استبعاد وزراء حركة النهضة من الحكومة بعد أن اتهمها بخدمة مصالحها الحزبية على حساب مصالح الدولة التي يجب أن تأتي أولا، و يحوز حزب النهضة 6 وزراء و 54 مقعدا في البرلمان من ما يجعل منه أكبر أحزاب الإئتلاف الحاكم، و الحزب يتحرك بالإعتماد على هذا الوزن السياسي الذي يخول له إتخاذ القرارات الهامة ثم تنفيذها و هو ما سامح له اليوم بتجاوز رئيس الجمهورية و المضي في مساعيه دون إعتبار لأحد بما في ذلك الدستور نفسه الذي يمنع مثل هذه التصرفات و يجرمها.

حركة النهضة مصرة على استبعاد رئيس الحكومة الذي تلاحقه شبهة تضارب مصالح بتعلة أنه غير قادر على تحسين الأوضاع الصعبة التي تمر بها تونس اليوم.
و قد شرعت النهضة في التحرك من أجل سحب الثقة من الفخفاخ و قد تمخض مجلس شورتها المنعقد مساء الثلاثاء 14 جويلية 2020 عن 70 صوتا مع سحب الثقة و 20 ضد السحب.
نُذَكّرُ بأن إلياس الفخفاخ كان خيارا رئاسيا خالصا قَبِلَتْهُ النهضة و هي لا ترغب بذلك، كما نلاحظ أن عددا من الأحزاب المخالفة للنهضة قد اتخذت جهة الفخفاخ…
كل هذه الأحداث و الإنقسامات تضعنا أمام ساحة تتشكل فيها جبهتان، جبهة تقف فيها حركة النهضة بكل عتادها و مناصريها و جبهة أخرى تقف فيها رئاستي الجمهورية و الحكومة و كل من والاهما.

رئيس الجمهورية مطالب في مثل هذه الأوضاع الحادة بالتصرف السريع حتى لا تنقسم البلاد و العباد و تتقاتل فيما بينها، فالأزمة الحالية ليست بهينة و هي في حاجة إلى قرارات حاسمة و مصيرية من أجل استمرار الدولة.

و لكن يبدو أن هذه الأزمة لا تنفك تتصاعد اليوم تلو الآخر و هي إن كانت تنذر بشيء فإنها تنذر بحرب آتية لا محالة بين أكبر و أقوى حزب في تونس و كل من يقف دونه و دون تنفيذ قرارته الشخصية و مساعيه الضيقة التي يرسمها و يصادق عليها ثم لا يأبى إلا أن ينفذها

هذا حزب قد تغول و ما كان يجدر به فعل ذلك و لكن بما أن الفأس قد وقعت بالرأس فإن من واجب الرئيس على أقل تقدير تحجيم صلوحيات مثل هذه الأحزاب حتى لا تصبح دولا صغرى تعارض و تحكم بالقوة.

نحن في حالة انتظار و تساؤل عن ما ستؤول إليه الأوضاع الحالية، فهل ستقصي الحكومة فعلا حركة النهضة من الإئتلاف الحاكم بصفة نهائية؟ أم أن نتيجة هذا الصراع ستؤول إلى صالح حزب النهضة الذي لا يتفانى في بذل أي جهد للقضاء على حكومة الفخفاخ و إبدالها بأخرى؟

بلال بوعلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *