ها قد بدأ السباق نحو كرسي الرئاسة وكل يوم نشاهد وجه سياسي أو رجل أعمال يعلن ترشحه للرئاسة على شاشات التلفاز ،وجوه عهدناها وأخرى جديدة بالميدان هنالك انصهار بين أحزاب تحت كتلة واحدة وهنالك انفصال بين الاحزاب أو داخل الحزب ذاته كما نشهد تشكل لأحزاب جديدة ،فبعد الثورة عرفت تونس بروز أحزاب كثيرة ولكن يوم 23 أكتوبر كان بمثابة الغربال لهذه الأحزاب وبات جليا للعموم بأن التريكا أوحزب حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل هم ثلاث أقوى أحزاب من الناحية الشعبية لحصدهم لأعلى نسب الأصوات في الانتخابات.
لكن هل كان لهذه القوى الشعبية التى استحوذت بها التريكا من صدى الاعمالها ؟
التريكا بقيادة حزب حركة النهضة وهي حركة اسلامية منبثقة من داخل الشعب مغلب شعبيتها كانت لاسباب دينية فالشعب التونسى وبعد ان عان من ظلم بن علي والتجمع الدستورى وفساده المالى والاخلاقى رأى فى النهضة كحزب اسلامى يضع شعائر وأخلاقيات الدين الاسلامي كمنطلق لاعمالها خير بديل للتجمع خاصة بعد الكبت الذي قام به بن علي على الجوامع وتجيره لارتداء الحجاب وتضييقه على الدين خاصة بالمؤسسات العمومية ،هذا الشعب يثق بأن المسلم لا يسرق ولان النهضة حركة اسلامية لن تسرقه وبأن المسلم لا يكذب ولا يظلم وكأننا بمغلب الشعب يرى فى النهضة أخلاق الخلفاء والصحابة ،هكذا كان الاسلام بسبب شعبية النهضة خاصة داخل الطبقات الوسطى والفقيرة و البسطاء في التفكير ،أما بالنسبة لحزب المؤتمر فكانت شعبيته تنبثق من شعبية المرزوقى كحقوقى ومواطن بسيط يحس بمعانتهم ويدافع عن حقوقهم في الحياة وأخيرا التكتل أخذ شعبية من الطبقة الثرية بتونس و من مغلب المثقفين لما رأى فيه من حزب وسطى يؤمن بالعمل و الحريات،لن نشكك في ذكاء التونسى ولو ببساطة تفكيره لان هذه الاسباب التى كونت التريكا ولن نقول بأنه أخطأ عندما انتخبهم لهذه الأسباب فلو عملت التريكا على تجسيد اسباب انتخابها لكانت الفترة الانتقالية بتونس تضرب بها الامثال بجميع أصقاع العالم مثلما ضرب المثل بثورتنا لكن للأسف ما حصل بتونس هو نتاج للصراعات الحزبية
اخطاء لا تحصي ولا تعد من حكومة الجبالى باستقبال شيوخ الوهابية وقبول لباس الطفلة الحجاب في الجامعات الى اغتيال شكرى بلعيد الى التضييق على الصحافة ثم القروض التى وضعت حرية الشعب التونسي رهينة البنوك الدولية أو لنقل رهينة الدول الكبرى ثم إلى عدم الانتباه لكثرة السلاح القادم من ليبيا وارتفاع نسبة المخدرات داخل المجتمع التونسى ولعدم الانتباه لخلايا الارهاب الناشئة بتونس والتى تصول وتجول بين تونس و الدول المجاورة هذه الحكومة قال الشعب فيها كلمته لتنتهى باستقالة حمادى الجبالى ومن معه ليأخذ مكانه علي لعريض وحكومة بين كفاءات وطنية و وجوه حزبية هذا الرجل كان وزير داخلية بحكومة الجبالي وكأنى بالنهضة تجري وراء الفشل من جديد ،وفي أثناء هذه الأحداث يكتب الدستور ويناقش فصلا فصلا داخل المجلس الذي نجد فيه أحيانا مسرحية هزلية وأحيانا اخرى دراما من انتاج هذا المجلس الذى اخذ وقتا طويلا ليخرج لنا الدستور بدم الشهيد البراهمي,هذا الدم الذي كان نقطة نهاية حكومة العريض التى شهد فيها السوق التونسي غلاء كبير للسلع وتفاقمت فيها نسبة البطالة خاصة بعد الضربة التي اربكت السياحة وكلنا نعلم أن تونس بلد يستمد موارده من السياحة فى ما بعد جاءت حكومة مهدي جمعة بالرغم من غياب “توافق” كل الأطراف المعنية بالحوار الوطني. فبين اتهام بعض أحزاب المعارضة للغرب عموما بالضغط من أجل تمرير هذا الخيار ، فالرجل لم يأتي من بوابة الأحزاب السياسية التقليدية و لا من تلك التي تم إنشاؤها ما بعد الثورة بل إنه لم يأتي حتى من البيئة الحقوقية التي احتضنت الطبقة السياسية التونسية فعُمُره السياسي لم يتجاوز العشر أشهر بعد تنصيبه وزيرا للصناعة في حكومة السيد علي العريض وتبقى الشكوك تحوم حول حكومته التي نجحت الي حد ما كونها أوصلتنا الي استقرار امني إلا انه في مجمل أداء الحكومات لا توجد ارادة سياسية لتكريس العدالة وتحقيق الاصلاح المنشود لأن اخفاق هذه الحكومات هو نتاج انانية حزبية بحتة ومضاربات شخصية في بعض الأحيان قد حال دون الحسم في القضايا و الملفات الاساسية خصوصا ملف التنمية الاجتماعية والاقتصادية .وهذا دليل على عقم مسارنا الاصلاحى الذي انطلق بعد الانتفاضة دون تحقيق حتى بعض من اهدافها وهذه المسألة لا تبشر بخير
إن المرحلة القادمة المتمثلة فى فترة الانتخابات ستكون المرحلة الأخطر في تاريخ تونس السياسي في ظل هذا الحراك الحزبى .فهل ستتمكن الحكومة الجديدة برئاسة المهدى جمعة من تجاوز هذه المرحلة عبر تحقيقها لانتخابات نزيهة وعادلة ؟
مروى الباشا