جريدة الخبير

برنامج «لمن يجرؤ فقط «: بين اعتذار «الضحية « ونضال «الرموز»

Capture d’écran 2014-11-07 à 11.49.07

ترددت في التعليق على الحلقة الأخيرة من برنامج «لمن يجرؤ فقط « التي استضافت يوم الأحد 2 نوفمبر 2014 الوزير السابق لمدة طويلة في نظام بن علي السيد منذر الزنايدي وكان ترددي بسبب خشيتي من تأويل كلامي واعتباره موجها لشخص الوزير السابق بصفته مترشحا للانتخابات الرئاسية فيما يخرج عن واجب الحياد والنزاهة لكني تجاسرت على إبداء رأيي في مسألة عامة على الأقل تتعلق بطبيعة التعامل مع رموز النظام السابق وبالأساس مع الشخصيات الفاعلة التي ارتبطت عضويا بممارسات ذلك النظام .

وحتى أكون دقيقا فليس من قصدي أن أنتصب قاضيا أو أن أعقب على قضية كانت من أنظار القضاء لكني أردت أن اشترك مع غيري في ملاحظة التغيرات «المدهشة» التي أثرت على علاقات التعامل مع النظام القديم سواء على المستوى الإعلامي أو السلوكي .

بطبيعة الحال يمكن أن نتقبل دون مفاجأة مغالطات الوزير السابق وتناقضاته وحديثه عن نفسه وعن انجازاته وحتى عن «نضاله» وهو يمارس السلطة وتراوحه بين لغة خشبية توزع الشكر على الجميع وخطاب مغلق يمتنع عن الاعتراف بأي شيء أو التصريح بأية إدانة لنظام استبدادي قامت الثورة من اجل الإطاحة به زيادة على إنكاره لأي دور ولو كان محدودا في إساءة استعمال السلطة ومحاولة التفصي من أية علاقة مباشرة مع العائلة المالكة

ورغم ان الحديث قد تضمن تمجيدا مبطنا لنظام بن علي فان ذلك يبقى في حدود المتوقع بالنظر إلى شخصية المتحدث وسياق حديثه الذي اكتسى صبغة تبريرية لكن المدهش – الذي ربما قد فاجأ الكثير – هو أولا ما وجده السيد الزنايدي من حفاوة شخصية وروح مرحة سيطرت على كامل الحصّة وحولت المناسبة إلى ما يشبه التكريم وثانيا محاولة الجميع وخصوصا الضيفين المساندين لترشح الوزير السابق إقناع العموم بأنه مختلف عن الآخرين وانه تجشم أعباء الحكم طيلة ما يقرب العقدين من اجل إسعادنا حتى أن احد الضيفين – وهو معارض سابق – قد اعتذر له عن إساءة الظن به وعن معلومات نشرها في حقه قبل الثورة دون تمحيص.

أمّا الآخر فقد رأى من المناسب أن يبرّر قبوله الحضور مع السيد الزنايدي بأنه لم يتولّ أيا من الوزارات السيادية كالعدل والداخلية والخارجية .

ومهما كانت الأسباب الحقيقية التي دفعت الضحية إلى الاعتذار من احد رموز النظام السابق وأوحت لعدد منهم بإمكانية العودة للحكم فان سلوك التعامل الشخصي مع هؤلاء ونسيان الماضي قبل تصفيته استنادا لمقتضيات المصالحة دون محاسبة سيؤدي بنا دون أن نشعر إلى « تجميل» النظام السابق وتبييض رموزه وإرساء مصالحة مغشوشة بديلا عن القطع مع الماضي .

بقلم احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء

وطنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *