استضاف برنامج «L’Expert « في حلقته الخامسة عشر من الموسم الخامس الذي يبث على قناة « تونسنا « مجموعة من الخبراء والمستشارين والفاعلين الاقتصاديين للحديث عن اخر المستجدات في عالم المال والاعمال وعن التحديات الاقتصادية والمالية للحكومة القادمة وفيما يلي نص الحوار:
السيد انيس الجزيري:
عندما تحدثت سابقا عن إمكانية الإطاحة بحكومة السيد الحبيب الجملي لم يكن تنبؤا وإنما كان قراءة سياسية لان الظروف التي تكوّنت بها الحكومة كانت تدل على الفشل وهنا نشكر الله اننا لم نخسر الوقت والحكومة فشلت في اول امتحان لها ولم نضيّع المزيد من الوقت وهذا حسب رأيي قراءة جيّدة لتونس. واضافة الى ذلك هناك خبر اخر جيد وهو تكليف السيد الياس الفخفاخ برئاسة الحكومة.
وهنا اريد الرجوع الى الشهران الضائعان والى حكومة السيد الحبيب الجملي والتي وقع رفضها من اغلبية الأحزاب ونحمد الله انها فشلت في اول امتحان لأنه لو نجحت لا يكون لها حزام سياسي وستسقط بعد خمسة او ستة شهور.
واعتقد هنا ان رئيس الحكومة المكلف وضح الرؤية سياسيا حسب رأيي فأولا تم تعينه من قبل رئيس الجمهورية وبالتالي لديه شرعية ما يقارب 74 بالمائة وهذا مهم جدا وثانيا المنهجية التي توخاها السيد الياس الفخفاخ تتناقض تماما مع المنهجية التي توخاها السيد الحبيب الجملي فأولا قام بمشاورات سياسية مع الأحزاب ثم اختار الأحزاب التي يمكن في رؤيته ورؤية رئيس الدولة ان تتماشى مع بعضها البعض وهنا يمكن القول ان التوافق الشامل والمغشوش والذي اضاعنا مدة تسع سنوات الماضية قد انتهى.
وهنا اريد التأكيد على ان رئيس الحكومة المكلف السيد الياس الفخفاخ لم يقص أحدا ولكنه صرح بان رؤيته واضحة وانه يعرف لماذا اختار الشعب التونسي الرئيس قيس سعيد لذلك اختار الحزام السياسي من أحزاب معينة وسيتفاوض معها وسيكون قاعدة أولا.
وبعد تكوين القاعدة السياسية، سينتقل الى البرنامج والذي يجمع الأحزاب التي ستكوّن الحزام السياسي وبعد الاتفاق على البرنامج والإمضاء عليه يمكن الحديث عن الأسماء.
وحسب رأيي هنا، أرى ان توجه رئيس الحكومة المكلف السيد الياس الفخفاخ هو تمش واضح ويبدو لي ان الرؤية واضحة أيضا وانا منذ شهر اوت 2019 رأيت السيد الياس الفخفاخ جدير بمنصب رئاسة الحكومة لأني أرى فيه انسانا لديه رؤية واضحة في العائلة الديمقراطية الاجتماعية وثانيا وبحكم معرفته شخصيا ستكون لديه الشجاعة السياسية والجرأة التي لم تكن موجودة لمدة تسع سنوات كي يقوم بالذي عجز عنه سابقيه.
وانا شخصيا متفائل لانه ولمدة تسع سنوات الماضية لم نر الشجاعة الكافية للقيام بالإصلاحات فالمشاكل تراكمت ولا يوجد لها حلول وقد جاء الوقت كي نطرح الحلول الحقيقية لأغلبية المشاكل.
وهنا اريد الإشارة الى اننا توجهنا الى صندوق النقد الدولي ولم يأت لوحده الينا فعندما يكون لديك كتلة أجور ب 600 مليار سنة 2010والتي تصل اليوم الى 20 ألف مليار ولا يوجد أي شيء في الجهة المقابلة لا إنتاجية ولا عمل ولا إدارة فمن اين ستاتي الأموال؟ وقد كان الحل الوحيد هنا هو الاقتراض وخاصة إذا كان الاقتصاد ريعي موروث عن سنوات التسعينات وبداية الالفين بمعنى انه اقتصاد معطل من بعض اللوبيات فكيف ستغيّر في منوال التنمية؟
ولا ننسى اننا مررنا بتسع سنوات من التجاذبات السياسية والمؤسساتية والصراعات والاضرابات… فأي حكومة في مدة تسع سنوات أوقفت ذلك وبدأت العمل؟ ومن هنا أرى انه لابد اليوم من وضع حد للمشاكل و القيام بإصلاحات جذرية اتخاذ القرارات لحلها و تنفيذها.
وهنا وحسب رأيي، فان خطاب رئيس الحكومة المكلف السيد الياس الفخفاخ به نبرة إرادة ولديه رؤية واضحة ويوجد إجراءات سيتم وضعها في مكانها. وصحيح هنا انه لدينا سنة 2020 مشكل كبير وسينقضي عام صعب جدا على تونس ولكن انا متأكد ان رئيس الحكومة المكلف سيصل الى تجميع الموارد اللازمة مع تنقيح قانون المالية لسنة 2020 حتى نجد حلا لسدّ كتلة الأجور والتحكم قليلا في مصاريف الدولة ولكن الأهم في تصريحه هو إعلانه عن انه لا يوجد اقتراض لتسديد أجور الاستهلاك و انما هناك اقتراض للاستثمار ولذلك يجب علينا اليوم إيقاف النزيف، وصحيح هنا سنقترض هذه السنة ولكن لتسهيل الأمور وسنبدأ الإصلاحات الكبرى التي ستخول وقف النزيف ووضع الأموال في الاستثمارات التي ستحقق النمو وتشغل الشباب وتستطيع في السنوات الموالية التنفس والعمل بكل اريحية.
في الختام، اريد القول انه لابد لنا من التفاؤل فالوضع الان لم يعد يحتمل المزيد من التجاذبات السياسية الكبرى. ولدينا اليوم الثقة في رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ بان لديه المؤهلات التي ستساعده على تكوين حكومة سياسية قوية مدعمة بكفاءات عليا ونحاول نحن مساعدته في الفترة الأولى ونقيّم تمشيه أولا وبعد ذلك نحكم عليه فإذا لم يتجه نحو الإصلاحات وفي الجرأة وفي كل امر لم يحدث في التسع سنوات الماضية نوقفه عن العمل وإذا اتّخذ هذا التمشي نقف معه ونسانده.