بقلم منذر شريط
من منا لم يشاهد فيلم “زوربا الاغريقي” و لم ينخرط في مشروع بطله
وهو جالس على مقعده في قاعة مظلمة؟ من منا لم يحلم بان يعيش
ولو يوماً واحداً، ما قراه عن هبات الامم و حراك شعوبها؟
من منا لم يتلذذ بما كتب على اللوحات التي تباهت بها سواعد الناس
خلال اعتصامات القصبات الثلاث أو حلقات الممر الأوسط لشارع الثورة و
خاصةً على مستوى معبد النسيان ( المسرح) ؟
أغلب الاغنيات كان مطلعها : “الشعب يريد…” و أراد الشعب، تقريباً كل
شيء….و أخذت تونس تسترخي فوق كنبة طبيب نفساني لتهذي
كبتها أو لتستعين بمن يخرج من جوف جوفها أحناشاً ابتلعتها في عهود
السحرة القدامى…اللحظات حافلة و ذات هيبة…والخوف، كل الخوف من
تحقيق تنبؤات “غرامشي” : ما بين وضع إنقضى و وضع جديد لم يستقر
بعد يمكن ميلاد مردة و كائنات ممسوخة”…و بدأ الحديث عن الفراغ بكل
أنواعه و لم يكن مع ذلك كلاماً فارغاً. و الغريب أن الانعتاق ولد و لكن
قسمات وجوه أهله على حالها إبان الولادة القيصرية…الأغلبية مارست
طقوسها بالكثير من الحركة و القليل من الخشوع وذلك بالرغم من قداسة
اللحظة. السياسيون في الاستمرار أباحوا لانفسهم الفوضى الخلاقة و
استكثروا على المسوس فوضاه لانهم اعتبروها خانقة.
و كان زوربا أصبح تونسياً و قد إنخرط الكثيرون في مشروعه الذي رأى
بعضهم أنه يدنس عذرية الجبل و يمس من قداسته…لا يهم إن فشلت
المشاريع الاولى، الأهم هو أن نخرج ابطالنا ومفكرينا من صفحات الكتب
و أن نزج بها في شارع التاريخ و أن نرقص كلنا رقصة “السيرتاكي” و
نردد : يا لها من ورطة جميلة.