لا تزال أزمة اليمين الدستورية مشتعلة، و لا تنفك تتصاعد يوما تلو الآخر. و قد تسبب إنفجار هذه الأزمة إلى حد هذه اللحظة في الفصل بين السلطات الثلاث للدولة التونسية، فهذه المشكلة قد أججت العداوة بين رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة.
أما عن البرلمان فقد انحازت العديد من الكتل داخل قبته إلى صف الحكومة، و قد برز هذا الإنحياز من خلال عدة أشكال و في عدة مناسبات.. لعل أهمها نعت الغنوشي لدور رئيس الجمهورية بالرمزي، داعيا في هذا السياق إلى تركيز نظام برلماني كامل تكون السلطة فيه بيد الحزب الحاكم. أما الأمر الثاني فنختزله في ائتلاف البرلمان و الحكومة حول مسألة التحوير الوزاري الذي أقرته الحكومة، ثم صادق عليه مجلس النواب، ليرفضه رئيس الجمهورية في نهاية المطاف. و لا ينفك البرلمان يضغط رفقة الحكومة على رئيس الجمهورية من أجل قبول و تمرير هذا التحوير، و لكن رئاسة الجمهورية تأبى إلى هذه اللحظة قبول التحوير.. هذا و لا يزال رئيس مجلس نواب الشعب مصرا على أن الحكم النهائي يجب أن يكون بيد البرلمان و الحزب الحاكم، لا رئيس الجمهورية.
فهل تقف تونس على أعتاب إنقلاب ثنائي القطب ضد الرئيس؟
يبدو أن الغنوشي يسعى بكل الطرق إلى تحجيم دور الرئيس و سلطته على الدولة، و ما اتفاقه مع رئاسة الحكومة، إلا سعيا منه لتجريد الرئيس من ما يحوزه من سلطة، لذلك نجد أنه آثر أن يلتحم بالحكومة من أجل الإستقواء على الرئاسة و الإطاحة بها، و نيل غنيمة الحكم الكلي للبلاد التونسية…
كل هذه المؤشرات تنذر بقرب الإنقلاب على الرئيس قيس سعيد، الذي يبدو أنه ماض إلى نيل فترة حكم ثانية، بسبب استمرار شعبيته في الصعود و الإشعاع، من ما يجعل أمر هزيمته في ساحة الإنتخابات أمرا صعبا جدا، لذلك فالإنقلاب و افتكاك السلطة بالقوة و الدهاء هو الحل لزحزحة سعيد عن الحكم.
هذا و تعيش تونس في الوقت الراهن تحت وطأة حكم ثنائي، تتنازعه الرئاسة و البرلمان، من ما يجعل الحكم في تونس جد مشوه و متفكك، و قد أدى كل هذا إلى خلق منظومة حاكمة أبعد ما يكون عن التفاهم، و أقرب منه إلى مزيد الإنشقاق و الإنقلاب الآخذ في الترسخ أكثر فأكثر.
بلال بوعلِي